عضلات بروكسل
> وفقا لأحد المحللين في لندن، ''تناولت Neelie Kroes جميع أنواع الهراء''. فقد سلكت مفوضة المنافسة لأوروبا الطرق التي لم يجرؤ المنظمون المحليون على الدخول إليها، عن طريق فرض عقوبات قاسية على البنوك التي تلقت أكبر عمليات الإنقاذ في أوروبا. وفي الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، تلقى اثنان من البنوك العملاقة في بريطانيا، هما بنك اسكتلندا الملكي ومجموعة Lloyds Banking Group، العلاج. وفي الأسبوع السابق، فاجأ تكتل ING الهولندي للتأمين والخدمات المصرفية المستثمرين حين أعلن عملية تقسيم وجمع رأس المال. وخلال الصيف، وافق كل من Commerzbank وWestLB في ألمانيا على عقوبات صارمة. وتستهدف المفوضية عدة بنوك أخرى في المرحلة التالية، منها Dexia وKBC، في بلجيكا، وHypo Real Estate في ألمانيا.
وتعمل Kroes بموجب تفسير شامل لولايتها. والأهداف المتمثلة في عكس الآثار الضارة لمساعدات الدولة على المنافسة وضمان أن يكون لدى الشركات التي تم إنقاذها خطط عمل فاعلة، هي أهداف ليست مثيرة للجدل. إلا أن رغبة المفوضية الواضحة في معالجة المخاوف المتعلقة بالمخاطر المعنوية عن طريق معاقبة الشركات التي تم إنقاذها من قبل الدولة أكثر إثارة للاستفزاز, فالحكومات الوطنية لم تبذل حتى الآن جهودا تذكر لمعالجة هذه القضية. ويعكس هذا جزئيا دفاعها عن شركاتها الوطنية العملاقة، ولكنه يعكس أيضا إحجام عن البدء في التدخل في البنوك الكبيرة في الوقت الذي لا يزال فيه المعروض من الائتمان للاقتصاد معرضا للخطر وفي الوقت الذي لا تزال فيه في حاجة إلى جمع مزيد من رأس المال من المستثمرين في القطاع الخاص.
ويمكن القول إن عمليتي إعادة الهيكلة الكبيرتين في ألمانيا هما الأكثر وضوحا. فبنكا Commerzbank وWestLB سيقلصان ميزانيتهما بنسبة النصف تقريبا عن الذروة التي بلغتها. وكان من السهل نسبيا تحديد الأجزاء المضطربة في البنوك، مثل العقارات أو الأقسام الفرعية مثل العمليات الدولية.
وسيتقلص تكتل ING بصورة كبيرة أيضا. وسيأتي نصف التخفيض في ميزانيته تقريبا من تفريغ عمليات التأمين. ومن الصعب فهم الكيفية التي سيحسن فيها هذا المنافسة أو قدرة الشركة على البقاء، ولكنه يتوافق على الأقل مع آراء كثير من المستثمرين بأن نموذج تكتل ING صعب جدا.
ومن الأصعب التعامل مع بنوك الزومبي الأخرى (بنوك الزومبي هي تلك التي يكون صافي أصولها أقل من الصفر)، كما يظهر من الأمثلة البريطانية, فعمليات البيع التي يتم فرضها على بنك اسكتلندا الملكي لا تعود كثيرا إلى المنافسة أو القدرة على البقاء بقدر ما تعود إلى العقاب. وسيفرغ بنك اسكتلندا الملكي العمليات الهامشية - مثل التأمين ووحدة السلع - التي تحقق المال والتي تتمتع بوضع جيد والتي يمكن الاحتفاظ بها بصورة معقولة في ظروف أخرى.
وفي الوقت نفسه، يملك Lloyds Banking Group القليل من الأصول الهامشية (إلى جانب قسم التأمين الذي سُمح لها بأعجوبة بالإبقاء عليه). وقد تعرض لعقوبات أقل صرامة من البنوك الأخرى، ومع أن هذا قد يعكس الضغوط من الحكومة البريطانية، إلا أنه يعكس أيضا المخاوف الاقتصادية الحقيقية, فتقسيم أنشطة الإقراض البريطانية لـ Lloyds Banking Group سيكون مدمرا بالنسبة إلى العملاء على المدى القصير، وإجباره على تقليل اعتماده الخطير على التمويل بالجملة بسرعة كبيرة قد يحرم البريطانيين المهووسين بالمنازل من القروض العقارية.
ويعاني KBC أيضا المشكلات, فعمليات التأمين الخاصة به متكاملة بصورة وثيقة مع شبكة فروعه من حالة ING أو بنك اسكتلندا الملكي، وإجباره على بيع عملياته في أوروبا الوسطى والشرقية سيتعارض مع الأهداف السياسية الأوسع نطاقا. وقد يتقلص بمقدار أقل من الآخرين نتيجة لذلك. وبالمثل، كانت المفوضية صارمة على Dexia، شركة الإقراض الفرنسية البلجيكية، حيث طلبت منها وضع خطة في وقت مبكر من العام المقبل. ولكن على الرغم من أن نموذج عملها يبدو جنونيا الآن - بنك مملوك جزئيا للدولة يجمع الأموال المدعومة من الحكومة لإقراض الحكومات المحلية - إلا أنه يؤدي وظيفة اقتصادية ضرورية لا يمكن استبدالها بسهولة. وبنوك أيرلندا في حالة من الفوضى أيضا، إلا أنه لم يتم بعد استكمال رزمة الإنقاذ الحكومية ولا يزال فرض أي عقوبات أوروبية بعيدا بعض الشيء.
باختصار، لعل تدخل المفوضية الأوروبية بلغ ذروته على الأرجح. ويترك هذا كثيرا من المسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومات الوطنية في أوروبا، وعلى الرغم من أن هناك أسبابا جيدة تدعو للتشكيك في عزمها على معالجة الأمور، إلا أنه لا يوجد أي أساس على الإطلاق للتقليل من أهمية المهمة الحالية.
وتبدو أوضاع رأس المال للبنوك الأوروبية جيدة، ولكن يمكن القول إن حل معظم المسائل الوجودية المتعلقة بالخدمات المصرفية أصعب في أوروبا عنه في أمريكا. وتشعر أمريكا بالقلق بشأن بنك أمريكا وJPMorgan Chase، وربما Citigroup، بوصفها الشركات التي تجمع بين فروع الخدمات المصرفية الاستثمارية ''الكازينو'' وبين ''خدمات'' الإقراض التجاري والإقراض بالتجزئة. ولدى أوروبا سبع شركات مماثلة على الاقل، هي Deutsche Bank، وBarclays، وبنك اسكتلندا الملكي، وBNP Paribas، وSociete Generale، وCredit Suisse، وUBS، التي أبلغ آخرها عن نتائج ضعيفة في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر).
إضافة إلى ذلك، فإن عدم التكافؤ بين بنوكها المدولة وسلطاتها المالية الوطنية يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة إلى أوروبا. وفي الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، حذّر Josef Ackermann، رئيس Deutsche Bank، أن تنظيم البنوك إلى قلاع وطنية قائمة بحد ذاتها ''سيقتل بفاعلية'' سوق الخدمات المصرفية الموحدة في أوروبا. ويعد بعض الدول في أوروبا- مثل سويسرا وبريطانيا وأيرلندا - موطنا للبنوك الكبيرة جدا بحيث لا تتمكن اقتصاداتها من إنقاذها.
وأخيرا، تعاني البنوك الأوروبية مشكلة أكبر في مجال التمويل بالجملة من تلك التي تعانيها البنوك الأمريكية، مع دين بنوك مركزية وضمانات حكومية بقيمة تريليوني دولار لم يتم سدادها في منتصف هذا العام، أي نحو ثلاثة أضعاف المستويات الأمريكية. والتمويل هو الدعم السري للصناعة: قد يختل توازن عديد من البنوك دون الضمانات الصريحة أو الضمنية. ومع ذلك، فهو القضية الأصعب للتعامل معها، خاصة لأنه ليس هناك طريقة سهلة لاستبدالها دون تقليص ميزانيات البنوك بطريقة تضر بمعروض الائتمان. وأيا كانت الطرق التي سلكتها Neelie Kroes، لا يزال هناك كثير منها >