الحفاظ على القوة الدافعة للاستدامة .. الطرق والحلول

الحفاظ على القوة الدافعة للاستدامة .. الطرق والحلول

نظراً إلى الأزمة المالية الحالية، فإن مما لا شك فيه أن الاستدامة تلقت ضربة في الآونة الأخيرة.
''قبل عام من الآن، أو حتى عام ونصف العام، شهدنا بناء قوة دفع هائلة. ولا تزال قوة الدفع قائمة، ولكن من الواضح أن الأزمة المالية تتخذ الأسبقية الآن''، كما يقول البروفيسور باول كلايندورفر، العضو في مجلس إدارة كلية باول دبربول للتنمية المستدامة في انسياد.
وعلى الرغم من ذلك، كما يجادل، فإننا نتوجه نحو كارثة بيئية إذا لم نلتفت إلى التحذيرات بشأن التغير المناخي. ''عندما ترى مستوى البحر يرتفع في بنجلادش، أو تأثيرات شح المياه التي نشهدها في غرب إفريقيا، أو ذوبان القمم الجليدية، والأنهار الجليدية في القطب الجنوبي، أو جرين لاند، فإن هذه الأمور جميعها تشير إلى التأثيرات المتزايدة للتغير المناخي. وبينما التأثيرات المطلقة للتغير المناخي تبقى مشكوكا فيها، فإن المؤشرات جميعها تشير إلى الاتجاه المروع نفسه''، كما قال لمجلة انسياد نولدج.
ويعتقد كلايندورفر، على أية حال، أن هنالك ثلاثة مستويات لما يدعوه بـ ''قوى الحث في مجال الاستدامة'' يمكن أن تساعد على جلب الاستدامة إلى الصدارة.
أولاً، وربما الأمر الأكثر جوهرية، كما يقول، هي توقعات الناس الشعبية والعامة بشأن أداء النشاط العملي الذي يخص البيئة.
ثانياً، القطاع العام نفسه من حيث التشريعات؛ أو أعضاء البرلمانات، والمشرعون، وملاحظاتهم في أين تكمن أولوياتهم.
ثالثاً ، ما يدعوه بـ ''المطاط الذي يحتك بالطريق''، وهو نشاط العمل نفسه، وكيف يرى مسؤولياته بخصوص كوكب الأرض.
''إن تلك القوى جميعها أعتقد أنها ستركز على اهتمام النشاط العملي، وتوفّر حساً بنّاءً بعدم الرضا حيال الوضع الحالي الذي سيعمل على نقل أولويات الاستدامة إلى الصدارة''.
وبرغم ذلك، باستثناء بعض الشركات، مثل شركة يونيلفر، وشركة وول مارت، اللتين اعتنقتا المسؤولية الاجتماعية، فإن كلايندورفر يشعر بأنه لا يوجد عدد من الشركات التي تأخذ النشاط العملي للاستدامة بجدية كافية. وبينما ينظر العديد منها إلى الكساد على أنه حجة ملائمة لتخفيف وتيرة العمل، يقول فإن على الشركات في الحقيقة أن تقوم بما هو عكس ذلك.
''والنشاط العملي يجب أن يستمر في تحقيق قيمة بطريقة مسؤولة.. أعتقد أن هنالك فرصاً حقيقية للالتزام بين القطاع العام، والقطاع الخاص لرسم الحدود بصورة صحيحة فيما يتعلق بما ينبغي أن يقوم به كل نشاط عملي، ويشمل ذلك الحوافز للتحرك قدما في تقييم دورة الحياة، والاستثمار في تجارة الكربون''.
على أي حال، فهو يحذّر من أن ذلك عبارة عن تمرين علينا أن نقوم به جميعاً. ''أعتقد بالنسبة للنشاطات العملية التي تمضي قدماً بصورة مبالغ فيها، إذا صح القول، بما يزيد على قدرة البناء، فلن يكون ذلك بالأمر السليم. على الشركات أن تعمل على الأقل بقدر ما يناسب الاتفاق وعلى صعيد معايير القطاع، كما تفعل فيما يتعلق بعملياتها الداخلية''.
''أعتقد أن الاقتصادات بأكملها، والأقاليم برمتها في هذا الكوكب، عليها أن تتحرك جنباً إلى جنب لتحديد القواعد التي يمكن للنشاطات العملية وفقاً لها وضمن نمط تنافسي عادي، توليد قيمة، واحترام القوانين والحدود التي وُضعت بفعل التشريع الذاتي للنشاطات العملية، وبما يتفق مع توقعات الناس. وبتلك الطريقة علينا المضي قدماً. ليس إذا صح التعبير، كنجم أعزل، أو أشبه بحصان أبيض فحل، ولكن معاً. وبالخصوص، أعتقد أن على النشاطات العملية، ومعلمي النشاطات العملية عليهم أن يتحركوا نحو المجال الذي يساعدون فيه المشرعين، وأعضاء البرلمان على وضع تلك الحدود بشكل صحيح''. إن الأنباء الجيدة هي أن حكومة أوباما على الطريق الصحيح، كما يقول، حيث الاستدامة تهمها تماماً. ''وعلى الرغم من الأزمة المالية، فإن هذه الاستدامة أمر قريب، وعزيز على قلب الرئيس. فمع التعليم والرعاية الصحية، أقول إن الاستدامة، والمشاريع الاجتماعية، لم تأخذ مكانة متأخرة بالنسبة إلى الأزمة المالية؛ ولكنها بالفعل موجودة على أجندته اليومية''. إن ذلك يبشر بالخير بالنسبة لباقي العالم. ''إذا عادت الولايات المتحدة الأمريكية إلى المكانة القوية الفاضلة، بتوقيع بروتوكول كيوتو ، فإن ذلك سيشير بوضوح إلى أن أجندة أوباما هي الأجندة الأمريكية، والتي لن تساعد على تحريك الولايات المتحدة الأمريكية قدماً فقط، ولكن ستساعد في رسم حدود الكوكب. وسيساعد ذلك الصين، والهند والعديد من الدول في آسيا التي كانت لا ترغب في المضي قدماً لترى بالفعل أن الجميع يسير في الاتجاه نفسه''، كما يضيف.
وبتفاؤل أكثر من أي وقت مضى، يعتقد كلايندورفر أنه سيكون هنالك تحسن واضح في حركة الاستدامة بسبب المنافع المصاحبة. ''أعتقد أننا سنرى في الفترة القريبة أن التميّز البيئي سيحظى بتضافر جهود الامتياز في مجال الطاقة، والتسويق، وابتكار المنتجات الجديدة، وغيرها من المحركات الجوهرية لنجاح النشاط العملي. وإن تضافر تلك الجهود سيوفر دفعة لتحسينات الأرباح للنشاط العملي، وللابتكارات لتحسين أحوال المستهلك. وإن الفائز الأكبر سيكون الأجيال القادمة على الكوكب''.

* يمكن الحصول على وجهات نظر باول كلايندورفر عن الاستدامة في كتابه الأخير ''تحدي الشبكة: الاستراتيجية، والربح، والمخاطرة في عالم مترابط – The Network Challenge: Strategy, Profit and Risk in an Interlinked World ''.

الأكثر قراءة