شركات خاصة تتجاوز "لوفتهانزا" العريقة

شركات خاصة تتجاوز "لوفتهانزا" العريقة

هانس رودولف فورل.. هذا الرجل من مدينة (نورينبيرج) خبير في صناعة المفاجآت
بدأها منذ أن اقتحم قطاع الطيران مغيرا نشاطه الأساسي كرجل أعمال متخصص في مجال صناعة المنسوجات. ثم كررها حين نجح قبل ثلاث سنوات في الاستحواذ على الفرع الألماني من شركة بريتيش إيروايز DBA في صفقة بالملايين. وبقدر من الحظ إضافة إلي حكمة في الإدارة وتقليص الرواتب نجح (فورل) في انتشال شركة الطيران المتهاوية من السقوط في هاوية الخسائر. والآن بات (فورل) يمتلك النصيب الأكبر من أسهم شركة LTU الخاصة ومقرها (دوسيلدورف) والتي يتركز نشاطها على تسيير خطوط طيران في أوقات العطلات فهل يحالفه الحظ مرة أخرى في إدارة هذه الشركة؟
لسنوات طويلة حاولت شركة ريفيهREWE التجارية البحث عن مستثمر في هذه الشركة المثقلة بالعجز، يكون على استعداد لشراء 60 في المائة منها، علماً بأن شركة ريفيه كانت قد تولت إدارة شركة LTU منذ إفلاس شركة الطيران السويسرية Swiss Air عام 2001. لقد كانت شركة LTU حتى قبل انهيار شركة الطيران السويسرية تعاني سوء الإدارة لعدة سنوات، غير أن ميزتها الاستراتيجية تكمن إلى اليوم في كونها الوحيدة، بالإضافة لشركة كوندور Condor، بين شركات طيران الإجازات، التي تسير رحلات جوية لمسافات بعيدة، ولهذا فإن لغالبية مكاتب تنظيم الرحلات مصلحة كبرى في بقاء شركة LTU، فهم يريدون أن يكون هناك بديل في مجال الطيران السياحي إلى أماكن نائية، عن شركتي كوندور ولوفتهانزا، وهذا ينطبق قبل كل شيء على منظمي الرحلات في شركة ريفيه Rewe وTUI اللتين لا ترغبان في تسليم زبائنها لشركة كوندور، وهي الشركة التابعة لخصمهما توماس كوك.
لقد نجح الفرع الألماني لشركة خطوط الطيران البريطانية (DBA) التابع لفورال في منافسة شركة لوفتهانزا في أسعار تذاكر الطيران المخفضة على بعض الخطوط الداخلية في ألمانيا بشكل خاص. وانطلاقاً من مطار ميونخ تقيم الشركة عدة روابط في بلدان أوروبية، فهي تقدم، بالإضافة لباريس وموسكو، رحلات متعددة إلى مطارات جنوب أوروبا. ولكن شركة DBA لم تستطع فعلاً أن تتحدى شركة لوفتهانزا ، التي يتهمها فورل بالمغالاة في أسعار التذاكر وبسوء الخدمة، لأن شركة DBA تنقصها الموارد المالية الكافية. غير أن فورل قد أصبح مؤخراً يتمتع بحرية حركة كبرى منذ أن دخل المستثمر كلاوس هيلمك شريكاً بنسبة 25 في المائة.
والآن ترى ما فرص إقامة علاقات تعاون ما بين شريكتي DBA وLTU؟ إن الشركتين تكافحان، بدرجات متفاوتة من النجاح لاقتناص حصة من السوق من خلال خفض أسعار التذاكر ولكن المشكلة هي أن كلتا الشركتين تعتبران مكلفتين مما يجعل من المتعذر عليهما أن يكونا شركتي طيران "رخيصتين". وبعكس منافستيهما Air Berlin ذات الثلاثة عشر ونصف المليون مسافر التي تحتل المرتبة الثانية بعد لوفتهانزا بين شركات الطيران الألمانية، فإنهما يخضعان لاتفاقيات أجور تم التفاوض عليها مع النقابات المعنية، مما يجعل تكاليفهما تزيد عن التكاليف الملائمة للشركات الأخرى.
إن من مزايا التعاون بين LTU وDBA أن شبكتا خطوطهما نادراً ما تتقاطعان. أما أن يؤدي تعاونهما إلى نشوء أول شركة طيران رخيصة التذاكر على نطاق عالمي، فهو أمر مشكوك فيه لكن شركة DBA تستطيع مستقبلاً أن تكون أكثر نشاطاً مما هي عليه الآن في تزويد شركة LTU بالراغبين في السفر على خطوطها في رحلاتها إلى الأماكن النائية حيث المنتجعات السياحية. كما أن بلوغ حالة من التناغم بين برامج رحلات الشركتين لا يحتاج إلى عصا سحرية خصوصاً في مواسم الصيف، ولكن تبقى هناك على أية حال الحساسية لدى هاتين الشركتين ضد ارتفاع تكاليف الوقود الذي لا يمكن تأمينه كلياً أو جزئياً بسبب محدودية الموارد. ومن هذه الناحية تتمتع شركتا لوفتهانزا وكوندور التي تبلغ حصة لوفتهانزا فيها 50 في المائة، بوضع أفضل بكثير.
إن شركة كوندور التي تشكل منافساً جيداً في السوق الأوروبية في مجال بيع التذاكر المفردة وفي مجال الخدمة لمنظمي الرحلات السياحية، تتمتع أيضاً بميزة ثانية عن الشركات الأخرى لأنها لا تحتاج إلا إلى القليل من الموافقات.
إن جميع الخيارات المتاحة أمام فورل بشركتيه توجد تحت سقف واحد وبقيادة واحدة. كما أن هيكل التكاليف لدى شركة كوندور قد أصبح مماثلاً تقريباً لهياكل تكاليف الشركات الأوروبية الرخيصة، بعد فترة طويلة من عمليات التعديل والتبديل. ومن المفترض أن فورل لا يسعي لمواجهة مع لوفتهانزا بقدر ما يسعى لتحقيق تقدم لشركتيه. وهو يعمل حالياً على إقامة ائتلاف مع شركة LTU ، أما بالنسبة لشركة طيران برلين Air Berlin التي أقامت معها شركة DBA، ولفترة قصيرة فقط، علاقات تعاون، فإن الترتيب الجديد تحت قيادة فورل لا يشكل تحدياً حقيقياً لها. ففي نهاية المطاف تعتبر Air Berlin وLTU شركتين تنافس الواحدة منهما الأخرى على استمالة سياح العطلات ومكاتب السياحة في الوقت نفسه، بل إنAir Berlin يمكن أن تستفيد من الوضع الجديد، عندما يصبح منظمو الرحلات في شركة ريفيه متمتعين بحرية كبرى في اختيار شركة الطيران التي تناسبهم. وللتذكير فقط فقد سبق لمنظمي رحلات ريفيه أن انتقدوا شركة LTU، التي هي شركتهم، بسبب أسعارها.
ويبقى في النهاية سؤال هو: إلى أي مدى يمكن لخطط فورل أن تشكل خطراً على لوفتهانزا؟ من المؤكد أن استراتيجية في تقديم عروض خاصة للطيران على نفس الخطوط التي تطير عليها لوفتهانزا في الداخل الألماني، قد تغري المسافرين وتدفعهم للبحث بحذر عن سياسات الأسعار التي تناسبهم. ولكن مع ذلك فإن الخطر الفعلي الذي يهدد خطوط لوفتهانزا الداخلية والأوروبية، نابع من جميع شركات الطيران ذات الأسعار المخفضة التي تطير إلى أهدافها مباشرة، مما يمكن أن يؤدي إلى تقويض مستوى أسعار رواد السوق الألماني، الذي كان سائداً حتى الآن.

الأكثر قراءة