تجارتنا مع روسيا

احتضنت الغرفة التجارية والصناعية في جدة في الأسبوع الماضي الملتقى السعودي الروسي الأول. جاء الروس بوفد كبير ضمن 100 تاجر وصانع ورجل أعمال، يحدوهم الأمل في توسيع مجالات التعاون التجاري والاقتصادي بين المملكة كأكبر اقتصاد وسوق عربي، وروسيا كإحدى الدول الصناعية الكبرى في العالم. جاء الروس بهذا الوفد وهذه العزيمة بغرض تسويق مزيد من منتجاتهم، هذا على الرغم من أن ميزان التجارة بيننا وبينهم يميل لمصلحتهم بنسبة كبيرة. ولم أستطع أن أتبين إن كانت هناك جهة لدينا تعمل على تصحيح هذا الوضع أو على الأقل تخفيض العجز التجاري، سواء من جهة وزارة التجارة، أم مجلس تنمية الصادرات السعودية، أو مجلس الغرف التجارية! في العام الماضي 2008م صدرنا إلى روسيا سلعا بقيمة 71 مليون ريال فقط، بينما استوردنا منها سلعا بقيمة 3960 مليون ريال، وبذلك وصل العجز في الميزان التجاري بيننا إلى 3889 مليون ريال! والأرقام تدل على أننا أولى بالمبادرة والعمل على تعزيز صادراتنا إلى روسيا.
أهم ما نستورده من روسيا فهو الشعير والحديد وورق الصحف وبعض الأجهزة والأدوات والمحولات الكهربائية، وهي في أغلبها (نحو 75 في المائة) سلع وسيطة والباقي سلع استهلاكية (نحو 10 في المائة) وسلع رأسمالية (نحو 15 في المائة). بينما نصدر لهم مواد بتروكيماوية وبعض منتجات الحديد والصلب ومواد عطرية خامة، ونحو 70 في المائة مما نصدره هي سلع وسيطة والباقي سلع استهلاكية (20 في المائة) ورأسمالية (10 في المائة).
إن التوسع العمراني في المجتمع الروسي المصاحب لنمو السكان وتنوع أعراقهم وثقافاتهم مع تحسن المستوى المعيشي يفتح آفاقا لزيادة متنوعة للمنتجات والصناعات السعودية التي يمكن أن تلبي حاجات مختلف فئات وشرائح مجتمعات السوق الروسي. كما أن نمو الصادرات الروسية لمختلف دول العالم، يزيد من فرص زيادة صادراتنا إليها، حيث تزداد حاجة مصانعها لمزيد من المواد الخام التي يمكن تصديرها من المملكة إليها وخاصة في مجال البتروكيماويات، عوضا عن استيرادها من الأسواق الغربية المستوردة لها أصلا من السوق السعودية المُنتِج المميز عالميا لها، مما يضاعف من السعر على الصناع الروس بدلا من استيراده مباشرة من المنتجين السعوديين.
إن تحسين سبل الاتصال والتفاهم مع الروس سيمكن المصدرين السعوديين من اكتشاف فرص التصدير للأسواق الروسية، وهناك قائمة مبدئية بنحو 30 منتجا سعوديا من السلع الوسيطة والاستهلاكية التي يمكن أن تجد لها سوقا رائجة في روسيا، لكننا في حاجة إلى حملات دعائية وإعلانية وبرامج ونشرات تعريفية على أن يتم اختيار أنسب الطرق الملائمة للوصول للمستهلك، وتوفير المعلومات الاقتصادية عن السوقين السعودية والروسية لتعريف المنتجين من البلدين على المواصفات المطلوبة لكل سوق. ومما يساعد على تقوية وتحسين العلاقات التجارية استحداث بعض التسهيلات في مجال النقل والشحن بين البلدين، كتخفيض تكاليف التفريغ، والنظر في العقبات الجمركية الإدارية التي يمكن أن تحد من نمو هذه العلاقات، ثم العمل على تذليلها من خلال الاتفاقات الثنائية وقواعد اتفاقيات تحرير التجارة الصادرة من منظمة التجارة العالمية.
تعزيز التعاون بيننا وبين روسيا تجاريا واقتصاديا - فضلا عن جوانب التعاون الأخرى- مطلوب من الناحية الاستراتيجية لإيجاد قدر من التوازن في العلاقات الدولية. فقد أخذت روسيا تستعيد مكانتها السياسية والاقتصادية على المسرح العالمي في الآونة الأخيرة. كما أن الاقتصاد الروسي بدأ يسترد عافيته وينمو بمعدلات متزايدة بعد مرحلة الاضطرابات التي سبقت تحول الاقتصاد الروسي من النظام الشمولي واقتصاد التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق منذ بداية التسعينيات من القرن الـ 20 في عهد الرئيس جورباتشوف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي