فضيحة رشا بالملايين تعصف بكبريات شركات الشحن الأوروبية
مجموعة فيلي بتيس ومقرها مدينة رويتلينجن تعتبر أكبر شركات الشحن الأوروبية. هذه الشركة ستكون على موعد خلال فترة زمنية ليست بعيدة لتمثل أمام الدائرة العاشرة جنايات في محكمة شتوتغارت لمراجعة تصرفاتها. ويقبع توماس بيتس مدير الشركة ومساعدوه في السجن الاحتياطي منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، وستصدر بحقهم أحكام بالسجن لعدة سنوات إذا ما اقتنعت المحكمة بادعاءات النيابة العامة ضدهم خلال المحاكمة.
وتتعلق الاتهامات بقيام الشركة بتأسيس نظام استجلاب عمالة رخيصة من مناطق أوروبا الشرقية إلى داخل ألمانيا بطريقة غير مشروعة من خلال تهريبهم داخل سيارات الشحن الخاصة بالشركة التي تتمتع بحرية حركة كبيرة داخل كافة أنحاء شرق أوروبا. وترتكز الاتهامات على 15 ألف ملف كمواد إثبات وبراهين لهذه التهم، حيث تم العثور عليها لدى تفتيش إرسالية شحن في عام 2003. وبعد تقسيم هذه المواد عبر مجموعة من المحققين، بقي هناك 618 ملفاً. وقامت الشركة من جانبها بدفع كافة الاتهامات عن نفسها. وأفاد بلاغ قدمته الشركة أن " فيلي بيتس والأشخاص المتهمين معه قاموا بعملهم في إطار قوانين سارية" كما أفاد البلاغ أن الشركة جاهزة تماما للرد على كافة هذه الاتهامات .
ويقف رئيس الشركة توماس بيتس (47 عاما)، ووالده فيللي بيتس مؤسس الشركة (78 عاما) في قفص الاتهام في هذه القضية كما وجهت الاتهامات أيضا إلى أربعة أشخاص آخرين، وهم متهمون جميعا بالحصول خلسة على موافقات نقل منظمة لشاحنات أوروبية شرقية في أوروبا الغربية، ووضع عاملين على هذه المركبات من أوروبا الشرقية تحتوي تأشيرات دخولهم على معلومات خاطئة. وتقول أوساط النيابة العامة في شتوتجارت إن فيلي بيتس قدم ما يصل إلى أربعة ملايين يورو رشا إلى مسؤولين كبار يحتلون مناصب عليا في كل من جورجيا وأذربيجان . وتقول (تومكه بيديس) المتحدثة باسم النيابة العامة إن هذه الموافقات لم تكن لتصدر دون تقديم رشا.
وأوضحت بيديس الصورة قائلة إنه لا يسمح لشاحنات دولة المصدر أن تعمل لحساب شركات مقيمة في تلك الدول. وللتحايل على هذه المشكلة قام رئيس الشركة بوضع لوحات أرقام مزيفة على أكثر من 500 مركبة بلغارية وأكثر من 400 مركبة أذربيجانية ومن ثم تم وضع وتشغيل سائقين بلغاريين على هذه المركبات في أراضي دول الاتحاد الأوروبي. ولم يتم تسجيل هؤلاء السائقين في سجل الضمان الاجتماعي. والنتيجة ضياع نسبة الدولة في ألمانيا من مساهمات الضمان الاجتماعي.
هذا النظام لم يكن ليتم لولا مساعدات واضحة أداها (دولف هوب) نائب رئيس الدائرة الاتحادية لحركة البضائع السابق الذي تتهمه النيابة العامة بالرشوة. وفصل هوب من الخدمة في نهاية عام 2004. لكن (فيللي بيتس) ينفي بشدة وجود أي علاقة بين شركته وبين هوب، ويقول :" أعلنا منذ بداية التحقيقات بكل وضوح أنه لا يوجد أي شيء بيننا. لقد تعاونا منذ البداية بكل شفافية مع كافة سلطات التحقيق".
وتقول مصادر في الشركة إن (فيللي بيتس) ظلت دائما ملتزمة بالقوانين وتعمل في إطارها في سوق النقل والشحن الأوروبية ودافعت تلك المصادر عن المبالغ التي دفعت بأنها لم تكن من أجل اقتناص موافقات نقل بطريقة غير مشروعة، بل من أجل حماية رأس المال كما هو معتاد في دول أوروبا الشرقية. كما أنه تم دحض الاتهام بالتهرب من الضرائب والرسوم المطلوبة، حيث إن السائقين البلغاريين كانوا معينين في بلغاريا، وتم توريد الضرائب والرسوم المطلوبة من المنبع، ويعتبر فيللي بيتس في بلغاريا من أكبر دافعي الضرائب والرسوم حيث يعمل معه نحو 1600 شخص. وتم دفع ملايين اليورو في ألمانيا أيضاً كضرائب أجور ونفقات اجتماعية. وبشكل عام، فإن مجموعة (فيلي بيتس) تشغل نحو 7500 عامل، منهم نحو 2500 في ألمانيا. وفي السنة الماضية حققت الشركة أرباحا بقيمة 700 مليون يورو.
لا أحد يعرف على وجه الدقة كم من الوقت يجب العمل في الشركة بدون رئيس، وقدمت الشركة قبل أيام طلبا من أجل إعادة النظر في العقوبة. ولكن يقال في أوساط النيابة العامة إنه حتى ولو أنه تم تقديم تأمين ضمان بالملايين، فإن ذلك غير مأمون. ودققت السلطات ملفات التحقيق مرة أخرى، حيث يمكن أن تمر عدة أسابيع قبل التوصل إلى نهاية لهذه القضية.