العالم يشيخ .. فهل يسير على الطريق الصحيح؟
العالم يشيخ .. فهل يسير على الطريق الصحيح؟
يشهد العالم تغيرًا ديموغرافيًا كبيرًا مع تسارع شيخوخة السكان. فبحلول 2030، من المتوقع أن يرتفع عدد من يبلغون 60 عامًا فأكثر من 1.1 مليار إلى 1.4 مليار شخص. علاوة على ذلك، يقدر أن تزيد نسبة كبار السن عالميًا من 12% عام 2015 إلى 22% بحلول 2050، في نمو أسرع بكثير من السابق.
بين عامي 1974 و2024، تضاعفت تقريبًا نسبة من تجاوزوا 65 عامًا حول العالم. ووفقًا لتقرير توقعات السكان العالمي 2024، سيبلغ عدد سكان العالم ذروته عند 10.3 مليار نسمة في منتصف ثمانينيات هذا القرن، ما يبرز التحديات المتوقعة ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.
ومع أن شيخوخة السكان اتجاه عالمي يؤثر في جميع أنحاء العالم، إلا أن آثارها أشد وطأة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تشير التقديرات إلى أن 80% من كبار السن سيعيشون فيها بحلول 2030.
في هذه الدول، يواجه كبار السن ضعفًا مضاعفًا بسبب الفقر، انخفاض مستويات التعليم، الأمراض المتعددة، ونقص الخدمات الصحية.
التحدي الشامل
لقد أسهم التقدم الطبي في إطالة عمر الإنسان، ما رفع متوسط العمر المتوقع عالميًا. لكن التمتع بصحة جيدة طوال الحياة لا يزال تحديًا، ولا سيما في المناطق الريفية والدول النامية، حيث يعاني كبار السن الفقر ونقص الرعاية. وتتأثر النساء الأكبر سنًا أكثر في هذه البيئات بسبب التمييز والعوائق الاجتماعية.
وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي، يؤكد التقرير العالمي حول الشيخوخة والصحة، الذي نشرته منظمة الصحة العالمية عام 2015، على أهمية تبني إجراءات صحية عامة شاملة لمعالجة شيخوخة السكان والتحديات ذات الصلة.
استجابة لذلك، أطلقت الأمم المتحدة "عقد الشيخوخة الصحية" للفترة 2021–2030، وهو مبادرة عالمية بقيادة منظمة الصحة العالمية، تهدف إلى تحسين حياة كبار السن وعائلاتهم ومجتمعاتهم، ويتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. ويركز العقد على أربعة مجالات: بيئات تراعي كبار السن، ومكافحة التمييز العمري، والرعاية المتكاملة، والرعاية طويلة الأجل.
تعتمد مبادرة العقد أيضًا على أربعة ممكنات أساسية: إشراك كبار السن بفاعلية، تعزيز القيادة وبناء القدرات، ربط أصحاب المصلحة، وتعزيز البيانات والبحوث والابتكار.
إنجازات منتصف الطريق
لقد شارف العقد على الانتهاء، ويقترب من منتصفه مع نهاية عام 2025. أجري تقييم للتقدم الحالي في بداية عام 2021، وأصدرت منظمة الصحة العالمية التقرير الأساسي لمبادرة عقد الشيخوخة الصحية.
إضافة إلى ذلك، أُنشئت مبادرة تعاونية للشيخوخة الصحية مزودة بمنصة رقمية لجمع أصحاب المصلحة تمثل مستودعا للعلوم والمعرفة. والجهود ما زالت تبذل لتثقيف مختلف أصحاب المصلحة، وتسهيل بناء شراكات هادفة، ودعم التدخلات على المستوى الوطني.
تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا حيويًا في إنجاح هذه المبادرة، إذ تتمتع بقدرة على التواصل المباشر مع المجتمعات. ومن بين أبرز الشبكات الفاعلة: "هلب أيج إنترناشونال"، والاتحاد الدولي للشيخوخة، وتحالف حقوق كبار السن.
كما تبرز أهمية الجهود المحلية، مثل منظمة جرافيز في الهند، التي تعمل بالتعاون مع منظمات دولية لتوفير رعاية صحية مجتمعية لكبار السن في المناطق الريفية، ويستفيد من برامجها أكثر من 300 ألف مسن.
تسريع وتيرة العمل
مع اقتراب العقد من نهايته ومن بلوغ مستهدفاته في عام 2030، يبرز عدد من التحديات والمخاوف. أولًا، لا يزال الوعي بمبادرة العقد منخفضًا جدًا في أنحاء العالم، خاصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تشتد الحاجة إلى العمل. ثانيًا، التقدم محدود من حيث بناء الشراكات، ومن حيث تنوع الشركاء. ثالثًا، هناك فجوة كبيرة بين مختلف البرامج والتدخلات التي تُسهم في الشيخوخة الصحية والرفاهية، والتي تُنفذها منظمة الصحة العالمية والحكومات والمجتمع المدني. وأخيرا، لم يحظ نهج "دورة الحياة" وأهمية الروابط بين الأجيال بالاهتمام الكافي.
ولكي يكون تأثير المبادرة أكبر في السنوات المتبقية، من الضروري التركيز على أولويات واضحة: رفع الوعي المجتمعي، وتوسيع الشراكات مع منظمات المجتمع المدني، وتوثيق أفضل الممارسات المحلية وتعميمها، وتعزيز التكامل بين البرامج ذات الصلة.
لقد انطلقت مبادرة عقد الشيخوخة الصحية بإطار عمل قوي، لكن الزمن لا يمهل. وفي اليوم الأول من أكتوبر، اليوم العالمي لكبار السن، من المناسب تجديد الجهود وتسريع وتيرتها.