الذهب يتهيأ لاكتساح مستويات الـ4 آلاف دولار؟
يعد الذهب من الأصول ذات القيمة العالية، وفي الآونة الأخيرة ومع تراجع مكانة الدولار وخفوت لمعانه توجهت الأنظار للذهب كأهم الملاذات الآمنة، فكلما تعرض الدولار للتراجع انخفضت تكلفة حيازة الذهب الذي يسعّر بالعملة الخضراء "الدولار".
ومنذ مطلع العام الجاري شهد مؤشر الدولار انخفاضا حادا تجاوز 12.5%، حيث هبط مؤشر الدولار من مستوى 110 الذي حققه في يناير الماضي إلى منطقة 96 نقطة خلال الأسبوع الماضي، وذلك خلال 9 أشهر فقط! ما ينعكس إيجابا على أسعار الذهب التي استمرت في تحقيق قمما تاريخية للأسعار ولا تزال تواصل ذلك.
لا يزال اتجاه الذهب يملك زخما صعودياً ونية واضحة لمواصلة سلسلة الارتفاعات وإن مرت هذه السلسلة ببعض التهدئة بين حين وآخر والتي لا تعدو "حتى الآن" عن كونها عمليات التقاط أنفاس داخل اتجاه صاعد طويل المدى.
خلال الأسبوع الجاري ارتفعت أسعار الذهب الفورية لتقترب من حاجز 3800 دولار للأونصة بفارق 10 دولارات فقط، بينما كسرت أسعار العقود الآجلة مستويات 3800 وصولا إلى 3824 دولارا للأونصة، وكما يبدو أن نية الأسعار باتت واضحة لاكتساح مستويات الـ4 آلاف دولار التي تحتاج لبعض الوقت ولدفعة قوية وربما بعض عمليات التهدئة الطبيعية كونها مستويات مقاومة نفسية.
وهنا لا بد من متابعة المسببات لوصول الذهب لهذه المستويات التي يتداول عندها حاليا، فإن أي تغير أو تلاشي في بعض الأسباب التي دعمت صعود الذهب قد تدفع الأسعار لعمليات تصحيح مؤقتة، لكنها لن تثني الاتجاه الصاعد على المدى الطويل حيث من الصعوبة بمكان أن تذوب هذه المسببات الداعمة لصعود الذهب بين عشية وضحاها.
فمن أبرز الأسباب التي أشعلت فتيل الاهتمام بالذهب وفتحت السباق المحموم بلا هوادة لحيازته وهو ما تشهده الأسواق منذ أكثر من 3 سنوات:
الحرب الروسية الأوكرانية والتي دفعت الدول الغربية لتجميد أصول روسيا بمئات المليارات من الدولارات، ما اعتبرته كثير من الدول الأخرى انتهاكا للقوانين الدولية، ما دفع عددا من البنوك المركزية حول العالم لتقليل حيازتها من الدولار تدريجيا واستبدال مراكزها بالذهب خشية أن يتكرر السيناريو الغربي الروسي معها يوما ما.
كذلك فإن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترمب ولا تزال قائمة بين رفع وخفض وأخذ ورد أدت دورا في توجه المستثمرين نحو الذهب من باب التحوط، أيضا مما زاد الطين بلة كما يقال محاولة الرئيس ترمب الضغط على الفيدرالي لتخفيض أسعار الفائدة ما يهدد استقلالية البنك بنظر المستثمرين.
من جهة أخرى فالمعركة التي لا يزال يخوضها الفيدرالي الأمريكي تجاه التضخم تقدم دعما لا محدودا للذهب بشكل أو آخر، حيث يخشى المستثمرون من عودة التضخم للساحة من جديد، فضلا عن الأوضاع الجيوسياسية والتوترات في عدة مناطق من العالم، لذلك تدفعهم هذه المخاوف نحو الذهب وزيادة مراكزهم تحوطا.
كما أن توقع الأسواق بمزيد من خفض الفائدة خلال ما تبقى من العام يقدم دعما للذهب على المدى القصير, فكل عملية خفض للفائدة تضعف الدولار وتدعم الذهب.
كما تسعى الصين أخيرا من خلال بورصتها في شنغهاي إلى الذهب لتكون لاعبا رئيسيا ومهما في احتياطيات الذهب السيادية الأجنبية، من خلال استقطاب الدول والبنوك المركزية العالمية لشراء الذهب وتخزينه داخل الصين.
وتعد بورصة شنغهاي أكبر بورصة لتداول الذهب المادي عالميا حيث تم فيها معالجة 75% من حجم التداول العالمي 2023.
وختاما تعد منطقة 3500 منطقة دعم لحركة الذهب تليها مستويات 3300 التي تمثل أهم منطقة دعم حاليا للاتجاه الصاعد.
كاتب ومحلل اقتصادي