حرب أسعار تثير مخاوف المستثمرين في سوق توصيل الطعام الصينية
رغم إعلان "يم تشاينا"، المشغلة لنحو 17 ألف فرع من مطاعم كنتاكي وبيتزا هوت في الصين، عن نتائج مالية قوية في الربع الأخير، إلا أن أسهمها المتداولة في هونغ كونغ تراجعت بشكل ملحوظ.
الشركة سجلت إيرادات بلغت 2.8 مليار دولار بزيادة 4% على أساس سنوي، وصافي ربح 215 مليون دولار بزيادة 1%، لكن السهم انخفض 6% يوم الأربعاء، ليستقر على تراجع قدره 3% منذ إعلان النتائج.
يأتي هذا الأداء في وقت يشهد فيه الاقتصاد الصيني تباطؤا في الاستهلاك، فضلا عن استمرار تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ورغم هذه التحديات، تمكنت "يم تشاينا" من تحقيق نمو في المبيعات، مدفوعة بتوسعها في المدن الصينية من الدرجة الثانية، واستهدافها شرائح المستهلكين ذوي الدخل المنخفض من خلال منتجات بأسعار مناسبة مثل القهوة والبيتزا الصغيرة.
أصبحت خدمة التوصيل أكبر مصدر لإيرادات الشركة، متفوقة على خدمات تناول الطعام داخل المطاعم أو الطلبات الخارجية.
في النصف الأول من 2025، ارتفعت مبيعات التوصيل 17% على أساس سنوي، مدعومة بشكل خاص من أنشطة الشركة الجديدة مثل القهوة.
لكن هذا النمو جاء أيضًا مع زيادة في تكاليف العمالة، حيث ارتفعت 0.9 نقطة مئوية لتصل إلى 27.2% من الإيرادات، وهو ما أرجعه المدير المالي أدريان دينج إلى ارتفاع تكاليف سائقي التوصيل نتيجة زيادة الطلب.
يشير محللون إلى أن السبب وراء تراجع السهم رغم النتائج الإيجابية هو حرب الأسعار التي تخوضها شركات التكنولوجيا الكبرى في سوق توصيل الطعام الصيني، وهي سوق تتسم بالمنافسة الشديدة.
دخلت JD.com أخيرا هذا القطاع الذي تهيمن عليه شركات تابعة لـعلي بابا، وأطلقت خدمة جي دي تيك أواي في فبراير الماضي مع وعد بعدم فرض عمولات على التجار الأوائل.
مؤسس الشركة، ريتشارد ليو، جعل من التوصيل محورا أساسيا لإستراتيجية شركته، حتى أنه شارك شخصيًا في توصيل الطلبات.
هذه المنافسة دفعت كلًا من جي دي وعلي بابا لتقديم إعانات بمليارات اليوان للتجار والمستهلكين، ما أدى إلى قفز عدد الطلبات اليومية على المنصات من 100 مليون في بداية العام إلى 250 مليون في منتصف يوليو، وفقًا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.
أثارت هذه الحرب السعرية مخاوف المستثمرين من أن تكون أرباح الشركات المعتمدة على التوصيل، مثل "يم تشاينا"، معرضة للانخفاض بمجرد توقف الإعانات.
وعبّر محللو "إتش إس بي سي" عن قلقهم من أن انتهاء الدعم سيؤثر سلبًا في أرباح الشركة، رغم أنهم أبقوا على تصنيف "شراء" لسهمها ورفعوا السعر المستهدف.
وأثارت المنافسة القوية قلق السلطات الصينية، حيث استدعت هيئة تنظيم السوق في منتصف يوليو الشركات الثلاث لحثها على "المنافسة العقلانية" و"تعزيز بيئة صحية"، في خطوة تُظهر توجه الحكومة لوقف ما تسميه التضخم الداخلي — أي الاستثمار المكثف للاستحواذ على الحصة السوقية دون عوائد متناسبة.
وفي الأول من أغسطس، أعلنت الشركات الثلاث هدنة في حرب الأسعار.
الرئيسة التنفيذية جوي وات وصفت المنافسة بين منصات التوصيل بأنها أكبر عامل مؤثر في الربع الأخير، مشيرة إلى أن الشركة تعلمت من تجربة مشابهة في 2017 عندما أدت المنافسة بين ميتوان وعلي بابا إلى زيادة المبيعات مؤقتًا، لكن بمجرد توقف الدعم في 2018 تراجعت المبيعات بشكل ملحوظ.
وأكدت وات على ضرورة الحفاظ على "نزاهة الأسعار" لتجنب الاعتماد المفرط على الإعانات.
تبدو " يم تشاينا" أمام معادلة صعبة: الحفاظ على نمو المبيعات وسط سوق تنافسية شرسة تعتمد على الإعانات، مع ضرورة حماية هوامش الربح على المدى الطويل.
في الوقت الذي تواصل فيه الشركة خططها التوسعية، ستظل أعين المستثمرين تراقب عن كثب تأثير حرب الأسعار في استدامة أرباحها