أنظمة الإنذار من الحريق.. منازلنا أولى بها
كنت قد كتبت عدة مرات عن أهمية أو ضرورة جعل أنظمة الإنذار من الحريق إجبارية لمنازلنا ومكاتبنا. طبعاَ النظام إجباري لبقية الأنشطة إلا للمنازل. فلماذا هذا التهاون؟ وسنسأل يوما عن إهمالنا وتسببنا في خسارة أرواح أبنائنا. فالله - عز وجل - أمرنا بالعمل وفعل الأسباب لأنه سيرى عملنا كما أمرنا بألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة. لذلك فإنه من المفترض أن يكون هناك تحرك من المسؤولين لفرض النظام وبسرعة. فحياتنا وحياة أبنائنا أغلى من أن نتهاون أو نتركها لتهاون الآخرين. ونحن نستكثر ريالات قليلة لوضع بعض أجهزة الكشف عن الحريق في منازلنا وأجهزة الكشف عن أول أكسيد الكربون الذي خنق حياة عائلات بأكملها أو أجهزة الإنذار للمسابح والتي ذهب ضحيتها كثير من الأطفال. نعم إننا مهملون و''سنسأل'' عن هذا الاستهتار خاصة أن أسعار هذه الأجهزة رخيصة ولا تتعدى عشرة ريالات للجهاز الصغير، وسهلة التركيب وتعمل ببطارية قيمتها لا تتعدى خمسة ريالات، ولا تحتاج إلى عناية لعدة سنوات. لذلك فإن تكلفتها لا تتعدى هللة يوميا. فهل نستكثر عشرة ريالات على حياة أبنائنا وأقاربنا لسنوات؟!
من منا اليوم يضع هذه الاحتياطات الأمنية في منزله أو عمله.
إن هذه الاحتياطات كثيرة ولكن لا بد على الأقل من وجود بعضها. وهناك على الأقل ثلاثة أشياء مهمة يجب التأكد منها في منازلنا وهي:
- أجهزة الكشف عن الحريق والحماية منه: وتشمل أجهزة الكشف عن الدخان والحريق وأجهزة الكشف عن أول أكسيد الكربون لمنع الموت خنقاَ بهذا الغاز. ثم أنظمة وأجهزة إطفاء الحريق التي تبدأ من نظام الرشاشات المائية والغازية إلى طفايات الحريق اليدوية والتي تعد ضرورية للمنازل والسيارات. والأهم هو وجود مخارج للحريق بدلا من إقفال الشبابيك العلوية بالحديد وبذلك لا يستطيع أهل المنزل الهرب من الحريق مما يؤدي إلى وفاتهم خنقاَ قبل أن يحترقوا.
- تعليم وسائل الإسعاف السريع (CPR): وهو أهم الأشياء التي يجب على جميع أفراد الأسرة تعلمها لإنقاذ حياة من حولهم، مثل طريقة إسعاف السكتة القلبية والغرق أو انسداد البلعوم أو لسعة الثعابين السامة. ويوجد لدى كثير من المستشفيات في المملكة جهاز فني مستعد لتعليم أفراد العائلة تلك الوسائل البسيطة، ولكنها في غاية الفائدة والأهمية لإنقاذ حياة أبنائنا، لأن كل دقيقة تأخير في وصول المريض للمستشفي تؤدي إلى الوفاة الدماغية. ومن بعض الحالات الإسعافية الضغط والهز على منطقة القلب في حالات السكتة القلبية أو الضغط من الخلف على منطقة البطن في حالات الاختناقات. إنها حركات بسيطة وسهلة لإنقاذ حياة إنسان فلماذا لا نحاول تعلمها؟!
- مواد الإسعاف الأولية (صيدلية المنزل): وهي مجموعة من الضمادات ومضادات السموم وأدوية التعقيم والتطهير والمسكنات للألم وغيرها. ويمكنك سؤال أي مستشفى قريب منك لمعرفة ما يجب أن تحتويه صيدلية منزلك.
لقد ذهبت حياة أبناء كثير منا جراء تماس كهربائي أو وقوع مبخرة على الأرض فلو كان هناك جهاز إنذار بسيط لأمكننا الكشف عن الحريق في بدايته وتلافيه خاصة إذا كانت هناك طفاية حريق ولو صغيرة. وكذلك الحال لبعض حالات الحريق البسيطة لبعض السيارات والتي من دون وجود طفاية حريق، تحترق السيارة كلها وأحياناَ معها أهلها! فلماذا هذا الإهمال؟ وإذا كان صاحب المسكن لا تهمه حياته فما ذنب جيرانه؟ أو إذا كان في شقة ولا تهمه حياته وحياة أسرته فما ذنب بقية سكان العمارة أو المنازل الملاصقة له؟!
أعلم أن إدارة الدفاع المدني لا توافق على معظم المباني التجارية والسكنية إلا بعد تأكدها من مطابقتها لوسائل الأمن. ولكن أين الرقابة الدورية وما هي العقوبات؟!
إن حياة الإنسان أغلى بكثير من تكاليف زهيدة للحماية من الحريق. كما أن المنازل والشقق السكنية لا يوجد عليها أي ضوابط للتقيد بتعليمات السلامة والأمن من الحريق.
وطبعاَ في غياب أو وجود ولادة متعسرة لكود البناء السعودي والذي من المفترض أن يضع حدودا لهذه الكارثة فإنه من الأفضل أن تقوم الأمانات بفرض وسائل الكشف عن الحريق والدخان وأول أكسيد الكربون على كل منزل أو وحدة سكنية وأن يتم وضع زيارات دورية وعقوبات صارمة على من لا يتقيدون بذلك.
كما أهيب بوزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الدفاع المدني لزيارة المدارس والجامعات والمؤسسات لعمل محاضرات ودورات تعريفية لوسائل الإسعاف الأولي، والذي هو من أهم ما نهديه لمجتمعنا للمحافظة على أرواح الجميع.
رغم كتاباتي المتكررة في الموضوع إلا أنني لا أرى أي تحرك أو اهتمام على المستويين الحكومي والوطني. فمتى نصحو ونحرر أنفسنا من هذا التهاون أو عدم المبالاة؟ ومتى نسمع قريباَ سواء من مجلس الشورى أو غيرهم عن وضع هذا الموضوع على طاولة النقاش وجعله إلزامياَ؟ فحتى لو لم يهتم المواطن بالموضوع فلا بد أن نعلم أن احتراق منزله لا يؤثر فيه فقط بل إن الحريق قد يمتد ليحرق بقية الشقق في العمارة أو منازل الآخرين، ونفقد أرواح الآخرين وليس هو فقط. لذلك فإنه لو شاء أن يستهتر بحياته هو وأبنائه فإنه مازال ضررا على المجتمع وقد يحرق ويهلك الآخرين والذين تهمهم حياتهم.