مخاوف منطقة اليورو هدأت
أظهر اقتصاد منطقة اليورو علامات مبكرة على بلوغه أدنى مستوياته، هدأ مسح للشركات مخاوف تفاقم الركود بعد تحسن طفيف في مستويات نشاط الشركات، على الرغم من بقائه في منطقة الانكماش.
وجد استطلاع ستاندرد آند بورز جلوبال الذي يتابع من كثب مديري المشتريات عبر منطقة العملة الموحدة، دليلا على تراجع الانخفاض الأخير في الطلبيات الجديدة للشركات، وتراكم الأعمال المعلقة والإنتاج. وجد المسح أن النشاط انخفض بشكل أسرع في قطاع التصنيع مقارنة بالخدمات في نوفمبر، لكن وتيرة الانخفاض تراجعت في كليهما عما كانت قبل شهر.
قال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورج التجاري الذي يرعى الاستطلاع، الخميس: "قد يجد المرء بصيص أمل يتلألأ في الأفق للعام المقبل". لكنه حذر من أن "اقتصاد منطقة اليورو لا يزال عالقا في الوحل"، مع توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي للكتلة للربع الثاني على التوالي في الأشهر الأخيرة من هذا العام.
ارتفع مؤشر بنك هامبورج التجاري المركب لمديري المشتريات في منطقة اليورو، وهو مقياس لنشاط الشركات عبر الكتلة المكونة من 20 دولة، إلى أعلى مستوى في شهرين عند 47.1، ارتفاعا من 46.5 في الشهر السابق.
لكن النتيجة أقل من مستوى 50 الذي يفصل بين الانكماش والنمو للشهر السادس على التوالي، ما يشير إلى استمرار انكماش إنتاج الشركات في منطقة اليورو. لكنه كان أعلى من توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته "رويترز"، الذين توقعوا قراءة عند 46.9.
تجاوزت القراءة الأعلى البالغة 47.1 لألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، التوقعات على الرغم من بقائه في منطقة الانكماش للشهر الثالث على التوالي.
قال هولجر شميدينج، كبير الاقتصاديين في بنك بيرينبيرج الألماني: "قد ينتهي الأسوأ قريبا". "بعد خريف كئيب مع انخفاض محتمل في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الربع الرابع، يبدو أن الاقتصاد سيصل إلى القاع قبل بداية العام، ويستقر في أوائل 2024 ويتمتع بانتعاش قوي من الربيع فصاعدا".
لكن التوقعات لفرنسا أصبحت أكثر قتامة حيث جاءت قراءة مؤشر مديري المشتريات عند 44.5 أقل من التوقعات، وألقت الشركات فيها باللوم على "عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي" في انخفاض الطلبيات وتراجع نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى في 42 شهرا. وانكمش اقتصاد منطقة اليورو 0.1 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر مقارنة بالربع الذي سبقه بعد أن ظل راكدا معظم هذا العام.
يتوقع مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي أن ينتعش الاقتصاد مع ارتفاع الأجور بشكل أسرع من التضخم، ما يعزز القدرة الشرائية للأسر، رغم ضغط ارتفاع تكاليف الاقتراض. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة غير مسبوقة بلغت 4.5 نقطة مئوية منذ يوليو 2022.
تحسنت معنويات المستهلكين في منطقة اليورو هذا الشهر، وفق آخر استطلاع أجراه الاتحاد الأوروبي للأسر نشر الأسبوع الماضي، مظهرا ارتفاع مؤشر الثقة 0.9 نقطة ليصل إلى -16.9، على الرغم من أنه ظل أقل من المتوسط على المدى الطويل.
وجد مسح مؤشر مديري المشتريات أن الضغوط التضخمية استمرت في الارتفاع، حيث أدى النمو السريع للأجور إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاع الخدمات المليئة بالعمالة، الذي ارتفع بأسرع وتيرة منذ مايو وأدى إلى زيادة أخرى في أسعار البيع.
قالت وكالة ستاندرد آند بورز: "بشكل عام، ارتفعت أسعار الإنتاج بقوة في نوفمبر، في ظل ارتفاع معدل التضخم مقارنة بأكتوبر"، مضيفة أن شركات الخدمات رفعت أسعارها بمعدل أسرع، فيما كانت الأسعار تنخفض لدى شركات التصنيع.
أظهرت بيانات منفصلة نشرها البنك المركزي الأوروبي أن نمو الأجور المتفاوض عليها في منطقة اليورو تسارع من 4.4 في المائة في الربع الثاني إلى 4.7 في المائة في الربع الثالث.
لكن، هناك أدلة على ظهور تصدعات في سوق العمل في منطقة اليورو بعد أن أظهر المسح أن إجمالي التوظيف انخفض للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام تقريبا، وإن كان انخفاضا طفيفا فقط.
أشارت البيانات إلى أن الانخفاض الإجمالي كان مدفوعا بالتصنيع حيث تم تخفيض الوظائف إلى أكبر حد منذ أغسطس 2020. في المقابل، واصل مقدمو الخدمات زيادة معدلات التوظيف.
قال كريستوف ويل، الاقتصادي في كومرتس بنك، إن التراجع المستمر في نشاط الشركات يشير إلى "تزايد علامات الركود في منطقة اليورو". لكنه قال إن المستثمرين الذين يأملون أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في أبريل، سيصابون بخيبة أمل في الأغلب بسبب "ضغوط تضخمية أساسية لا تزال مرتفعة بسبب النمو السريع للأجور".