خيام رمضان .. «ملايين» الخير تعكس قدسية الشهر الفضيل عند أهل العاصمة
اعتادت المساجد والجوامع في أحياء الرياض على وضع الخيام المخصصة لإفطار الصائمين والمحتاجين خلال شهر رمضان المبارك، حيث أصبحت تلك الخيمة في الأعوام العشرة الأخيرة خيارا رئيسا لأئمة المساجد وفاعلي الخير.
ويرى عدد من أئمة المساجد وفاعلي الخير أن اعتمادهم على هذه الخيام جاء نتيجة سرعة تجهيز المكان بوجبات الإفطار يوميا في وقت قياسي، إضافة إلى قلة التكاليف، وسهولة الحفاظ عليها لأعوام مقبلة، مشيرين إلى أن المدة التي تستغرقها تجهيز هذه الخيام يختلف بحسب مساحة الخيمة وحجمها، وأنها قد تصل لأكثر من شهر.
ووجدت «الاقتصادية» خلال جولة لها على عديد من المساجد والجوامع في عدد من أحياء العاصمة، قيام عدد من أئمة المساجد وأهالي الحي بتجهيز هذه المخيمات بالإنارة والتكييف والسجاد، لتفطير الصائمين واستقبالهم، ووضع اللوحات الإرشادية التي تشير إلى أن المسجد يستقبل الصائمين.
وأمام تلك الاستعدادات المتواصلة هنا وهناك، كان لا بد وقوع القائمين على عديد من تلك الخيام في عديد من الأخطاء من حيث الاعتماد على عمالة غير مدربة وغير متخصصة في تلك الأعمال، ما تسبب في ظهور عديد من المعوقات والأخطاء في عمليات التجهيز، ومنها ظهور توصيلات كهربائية مكشوفة، الأمر الذي يشكل خطرا على مرتادي تلك الخيام، كما لوحظ خلو الخيام التي زارتها «الاقتصادية» من وسائل السلامة كطفايات الحريق وخلافها.
من جهته، قال إبراهيم بن عبد العزيز إمام مسجد سابق وأحد العاملين على تجهيز مخيمات التفطير في رمضان:» إن الاستعداد لشهر رمضان المبارك وتجهيز المخيمات لتفطير الصائمين يتم قبل أكثر من شهر، بدءا من أخذ الموافقة من الجهات المسؤولة، والاجتماع بأهالي الحي الراغبين في المساهمة في مشروع تفطير الصائمين، مرورا بتجهيز المكان بجميع المواد اللازمة، وتوزيع المهام بين أبناء الحي، فلكل شخص مهمة يؤديها، فمجموعة تقوم بتجهيز الخيمة ومحتوياتها من السجاد والمكيفات والإنارة، وأخرى يبدأ عملها مع أول يوم من شهر رمضان المبارك من تجهيز واستقبال الوجبات من أهالي الحي إلى آخر يوم من أيام الشهر الفضيل».
وأضاف «معظم العاملين في مشاريع الإفطار هم من المتطوعين وأبناء الحي الراغبين في خدمة إخوانهم المحتاجين والمغتربين عن أهاليهم وذويهم، حيث يشارك أهالي بما يستطيعونه، ويعتبر إمام ومؤذن المسجد هما من يقوما بإدارة مخيم التفطير، حيث يستقبلان وجبات الإفطار والتجهيز له يوميا في شهر رمضان من بعد صلاة العصر إلى قبيل أذان المغرب».
وأشار إبراهيم إلى أن جميع الأعمال التي يقوم بها أهالي الحي هي تطوعية واجتهادية، وتحتاج إلى تعاون بعض الجهات المعينة، كالدفاع المدني في المشاركة في تجهيز المكان، ووضع وسائل السلامة في هذه المخيمات.
وعن التكاليف المادية لتجهيز هذه المخيمات، أبان أنها تختلف بحسب مساحة المخيم وحجمه، فهي تراوح بين 15 ألفا و100 ألف ريال، وقد تصل في بعض المخيمات الكبيرة إلى 500 ألف ريال، مبينا أن أهل الخير في شهر رمضان المبارك يتدافعون في فعل الخير وتفطير الصائمين، وأن كثيرا من الأسر ترغب في تجهيز الإفطار في منازلها لتقديمه للمحتاجين، الأمر الذي من شأنه زيادة الإقبال على هذه المساجد.
وحذر ابن عبد العزيز من قيام بعض مخيمات تفطير الصائمين بالمبالغة في تقديم ألوان الطعام والشراب، والتبذير في ذلك، مشددا على أن الإسلام قد نهى عن ذلك بقوله تعالى :( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ? إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ).
يشار أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تشترط لقيام مشاريع الإفطار عددا من الضوابط أبرزها: عدم السماح بقيام الإمام أو الموذن أو خادم المسجد أو أحد جماعة المسجد بقبول أو جمع التبرعات النقدية لهذا الغرض، ولا يسمح لأي فرد بإقامة مشروع لتفطير الصائمين في داخل أو بجوار المسجد إلا بعد الحصول على الإذن المسبق من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عن طريق إمام المسجد التابع له. ويكون إمام المسجد مسؤولا عن التفطير العيني المقدم من بعض جماعة المسجد أو أحد المحسنين، ويراعى عدم الإسراف في تقديم الطعام ورفع تقرير بذلك لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. وأكدت الوزارة على منسوبي المساجد عدم جمع التبرعات المالية لمشاريع تفطير الصائمين ولتوجيه من يرغب في التبرع من المصلين بالتوجه مباشرة للجمعيات والمؤسسات الخيرية المصرح لها، وفي حالة وجود من يرغب في إقامة مشروع لتفطير صائمين على حسابه الخاص الحصول على الإذن من الإمارة، إلى جانب التقيد بالأوامر والتعليمات المنظمة لجمع التبرعات النقدية والتي تقتصر على استقبال التبرعات في الحسابات البنكية العائدة للجهات الخيرية أو مقارها بموجب إيصالات رسمية ذات أرقام متسلسلة ومختومة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام الصناديق أو الكوبونات، كما وضحت الوزارة أنه على الجمعية أو المؤسسة المنفذة لمشروع إفطار الصائم إظهار إيرادات ومصروفات هذا المشروع في ميزانيتها التي يعدها المحاسب القانوني المعتمد. ويفضل أن تكون مواقع التفطير خارج المسجد ما أمكن لما يترتب على ذلك من انتشار روائح الأطعمة وترك مخلفات الإفطار في المساجد بعد الانتهاء منها، إضافة إلى منع توزيع أي مبالغ نقدية على الصائمين المستفيدين من مشروع إفطار الصائم، والتأكيد على الجهات الخيرية الراغبة في إقامة مشروع تفطير صائم وضع لوحة توضح اسم الجهة ورقم تسجيلها وترخيصها.
يذكر أن مدينة الرياض وحدها تحتضن 4415 مسجدا وجامعا، في حين بلغ عدد المساجد والجوامع في محافظات ومراكز منطقة الرياض 12094 مسجدا وجامعا.