الأثاث المستعمل .. حركة تجارية مربحة في «سوق الفقراء»!
تشكل اليوم تجارة الأثاث المستعمل رواجا غير مسبوق، ففي الأعوام الماضية كان المستهلك يعتمد على الجديد في كل مستلزماته، أما اليوم فإن الوضع اختلف كليا، حيث ارتفع إقبال المستهلك على الأثاث المستعمل، ما ساعد على انتشار محال لبيع ذلك النوع من الأثاث.في السابق كان الأثاث المستعمل منحصرا في أسواق الحراج ''حراج ابن قاسم''، أما اليوم فإن المحال التي تزاول تلك المهنة أصبحت تتوزع في عدة أماكن في منطقة الرياض، بعد أن أحدث الإقبال المتزايد عليها من السعوديين والمقيمين رواجا واسعا، في وقت كانت تلك تخدم المقيمين فقط، حيث إن تلك المحال تلبي حاجة الشاب الجامعي غير المقيم مع أهله، وكذا الموظف البسيط محدود الدخل، والذي يجد في محال بيع الأثاث المستعمل ضالته بأسعار زهيدة قد تصل إلى نصف أسعار الأثاث الجديد، غير أن أصحاب تلك المحال أصبحوا يعانون عدد المشكلات والمعوقات التي تحول دون إتمام عمليات البيع والشراء واستمرار تجارتهم.
''الاقتصادية'' قامت بجولة ميدانية على بعض محال بيع الأثاث المستعمل، رصدت فيها أحوال تلك التجارة وإيجابياتها وسلبياتها، حيث أشار أبو عمر البائع في أحد تلك المحال إلى أنه يعمل في هذه التجارة منذ مدة طويلة، فهي ممتدة من أعوام، موضحا أنهم يصلون إلى أماكن البيع عن طريق الصحف اليومية وكذا الإعلانات المبوبة والإنترنت، لتبدأ عملية الاتصال بالبائع وتقدير ثمن البضاعة، وفيما لو تم الاتفاق على تلك الأمور يتم إحضارها للمحل بعد إجراء التصليحات البسيطة إن احتاج الأمر.
وعن أماكن محال الأثاث المستعمل قال '' غالبا ما توجد تلك المحال في حراج ابن قاسم، الروضة، النسيم، العويس، والبطحاء''.
ولفت أبو عمر إلى أن هذه الأسواق تشهد حركة يومية مستمرة كون الإقبال عليها شديدا، والزبائن يكونون خليطا من المقيمين والسعوديين، أما عن سبب إقبال الناس عليها فعزا أبو عمر ذلك إلى رخص أثمانها، فغرفة النوم الجديدة سعرها يبدأ من عشرة آلاف ريال، بينما يصل سعرها في محال الأثاث المستعمل إلى ألفي ريال. وعن الضمانات التي تقدمها محال الأثاث المستعمل أكد أبو عمر أنه لا يتم تقديم أي ضمانات للمستهلك، حيث إن الزبون يقوم بمعاينة البضاعة وهو يعلم أنها مستعملة من قبل. أما عن نسبة نجاح هذه المهنة فقد كشف أن نسبة نجاحها 90 في المائة، حيث إن شراء البضائع لا يكلف الكثير، كما أن بيعها يكون بأضعاف قيمة شرائها.
وعن مصدر البضائع ذكر محمد عبد الله صاحب أحد المحال، أنها تكون من الناس المرفهين، فكثير منهم يودون التخلص من أثاثهم عند تجديد منازلهم، فيبيعونها بثمن رخيص، معلقا على الفرق بين المحال المختصة بالمستعمل وبين أصحاب البسطات التي في الحراج بأنهم يتسببون غالبا في المشكلات والتشويش على أصحاب المحال التجارية.
أما عبد المنعم جودة العامل في أحد محال محل بيع وشراء الأثاث المستعمل فقال ''بعد الاتصال من قبل محلنا بمن يرغب في بيع ما لديه من أثاث مستعمل، نذهب إلى منزل صاحب الإعلان وشراء ما يمكن شراؤه، فلا يهم جودة الأثاث أو عدمه لأن لدينا عمال من نجارين ودهانين، ثم نتفق على السعر وغالبا ما نشتريه بأسعار زهيدة. صاحب الأثاث يريد بيعه إما لحاجته إلى المال أو لرغبته في تجديد أثاثه، فالأثاث أو أي شيء يتم بيعه يكون مستعملا خلال فترة استهلاك متفاوتة، فهنالك مالم يستخدم منذ فترة طويلة، ويكون قريبا من الأثاث الجديد. وبعد ذلك نحضر الأثاث ويتم تصفيته وبيعه. وبسؤاله عن تجارة الأثاث المستعمل أوضح عبدالمنعم إنها جيدة، فالبضاعة يتم تصريفها بسرعة، كما أن الربح مضمون 100 في المائة.
وإزاء تلك الأرباح، فإن عديدا من العمالة الوافدة لجأت إلى تلك المحال لإدارتها بالكامل والاتفاق مع كفلائهم على نسبة معينة مقطوعة يتسلمها شهريا، وهو ما أكده عبد المنعم حينما تم سؤاله عن الأمر بقوله ''التجارة لي ، فقط أعطي كل شهر كفيلي نسبه تم الاتفاق عليها''.
البائع سعيد محمود أوضح أن محال بيع الأثاث المستعمل تختلف على حسب النشاط، فهناك الأثاث القديم ذو الجودة العالية، كالصناعة الأمريكية الجيدة، وكذا الخشب المصري القديم الذي يفوق في جودته الصناعات الحديثة، فهي غالباً أسعارها أغلى من القطع الجديدة لأسباب تتعلق بالمواد الخام كالصندل والزان الذي لا يوجد اليوم بالجودة السابقة نفسها، أما البقية من الأثاث وأبرزها غرف النوم التي يعاد طلائها وترميم أدراجها حتى يتم بيعها بسعر أعلى من سعر شرائها، فإنها تكون ذات أسعار في متناول يد محدودي الدخل، مشيرا إلى أن تجارة الأثاث المستعمل تزدهر في نهاية العام حيث مغادرة بعض الموظفين أو الطلاب المدينة.
في المقابل فإن آراء المستهلكين تختلف حول تلك المحال، فالبعض يرى تجارة الأثاث المستعمل تسد حاجة ذوي الدخل المحدود، والبعض الآخر يراها مكانا لتجميع الأثاث المسروق والمساعدة على إعادة بيعه عبر عمالة تتقن البيع والشراء، وأيا كانت الحالة التي تسهم في انتشار هذه الأسواق بشهادة مرتاديه، فإن الضغوط المالية تسهم في مواظبة زيارة هذه الأسواق بشكل مستمر.
أبدت ماجدة عبد العزيز أبدت رأيا مغايرا عن نشاط تلك المحال وفعاليتها، حيث أوضحت أنها تتوقع أن تسهم هذه المحال في مساعدة مايسمى بـ '' حرامية الأثاث''، وبزيارة بسيطة يجد المتجول على هذه المحال أصنافا عديدة من الأدوات المستعملة كالأثاث والأجهزة الكهربائية حتى الخردوات، فكل ما يجري داخل هذه المحال والتي تدار غالباً من قبل عمالة وافده سنت قوانينها بنفسها، الأمر الذي يعني إتقان أساليب الغش والمراوغة للإيقاع بالزبائن، فلا ضمانات على ما يتم بيعه، والبضاعة التي تباع لاترد، كل ماعليك هو أن تتنبه، كما أن تلك المحال تساعد على تصريف الأثاث المسروق.