الغديان: أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة

الغديان: أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة

أكد عدد من المتخصصيين في علوم الشريعة أن ظاهرة التسول من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا، وأنها تشكل مظهرا مفجعا, خاصة في المساجد, حيث إنها دائما ما يتخذها المتسولون طريقا لهم لتحقيق أهدافهم. وأوضحوا أن هناك عصابات من المتسولين يساعدون بعضهم على الوصول إلى المساجد ويقومون بعدة أدوار يكملون بعضهم بعضا، وأشاروا إلى أن قدوم شهر رمضان سيصبح فيه التسول أكبر مما هو موجود حاليا حيث سيستغل هؤلاء المتسولون عاطفة الناس، ويستدرون عطفهم ويستمرون في طرق باب المساجد لكسب مزيد من الأموال لأنهم يجدون تفاعلا من المصلين مع ما يقومون به من أساليب للتأثير في المصلين حتى يقوم المصلون بوضع ما يجودون به لهؤلاء المتسولين.

لا يخلو مسجد منهم

تحدث في البداية الشيخ حامد الأحمري إمام مسجد, حيث أكد أن التسول الظاهرة الأكثر سوءاً في بلادنا، وهي من الظواهر التي نجدها دائما في المساجد بعد الصلوات المفروضة ونحن نبذل جهدنا تجاههم ونوجه الناس إلى تقديم صدقاتهم للمحتاجين الذين ندلهم عليهم، وقال: إن المتسولين يدخلون المساجد ويتظاهر بعضهم ببعض العاهات أمام المصلين ليستدروا عطفهم، ولا يكاد يخلو مسجد بعد صلاة من وجود هؤلاء المتسولين الذين لا يريحون المصلين ولا يتيحون لهم فرصة العبادة والاستغفار. ونحن ننبه الناس إلى الأمور المريبة التي يقومون بها، والحقيقة أننا نستغرب عندما نجد بعض الشباب يحاول أن يظهر للناس على أنه معوق، وهو لا يعاني شيئا البتة، ونتوقع أن يتكاثر أعدادهم مع بدء شهر رمضان, خصوصا في الحرمين الشريفين. وبعض المتسولين تقف خلفهم عصابات وخاصة الذين يأتون من الخارج، وهم من جميع الفئات رجال ونساء, صغار وكبار, وكذلك حضور بعض النساء عند مصليات النساء في رمضان، وهذا مع الأسف أمر مزعج تماما، ويفقد المصلين تفرغهم للصلاة والاستغفار بعد الصلوات المفروضة، ونتمنى أن يكون لذلك معالجة حتى لا تكون المساجد مكتظة بهم في شهر رمضان، كما أننا بدأنا نشاهد التسول في الشوارع وعند الإشارات, خصوصا النساء في فترة الظهيرة وبعد صلاة العشاء. ونحن نعلم أن هذه الظاهرة إذا لم يتم الوقوف في وجه أصحابها فإنها ستستمر في التصاعد، وسنشاهدها في كل مكان، ونتمنى أن تختفي. ونحن نعرف أن هناك بعض المحتاجين الذين هم في حاجة إلى المساعدة لكن لا يقومون بهذه الأساليب التي يبرع فيها هؤلاء المتسولون، فهم يخجلون من مد أيديهم للغير، ولا يسألون الناس، فهؤلاء هم في حاجة إلى المساعدة وفي حاجة إلى من يبحث عنهم وعن أماكنهم, نسأل الله أن يوفقهم ويعينهم على أمور حياتهم.
ويشير الشريف هاشم النعمي مدرس العلوم الشرعية في مدرسة اليمامة الثانوية في الرياض, إلى أن التسول ظاهرة سيئة وتعد تحديا للمجتمع، وازدادت هذه الظاهرة عندما وجد المتسولون الباب مفتوحا أمامهم, وبعض هؤلاء المتسولين فقدوا الحياء, والإنسان عندما يفقد الحياء فانه يفعل ما يشاء، كما أن التسول يصبح عادة لا يمكن تجاوزها أو الابتعاد عنها وتصبح أكثر تركيزا وترسيخا. وما يساعد على شيوع ظاهرة التسول عدم متابعة من يقوم بها، وهذا يجعله يتمادى ويستمر في التسول، وبعض هؤلاء المتسولين تجده يوجد في أكثر من مسجد، وبعض المساجد أيضا يوجد فيها نساء يتسولن في الأيام العادية.
وأكد النعمي أن دخول النساء المسجد لغرض التسول أصبح أمرا معتادا, ونتمنى من الجهات المختصة أن تهتم بهذا الجانب، حتى لا يصبح المصلون غير قادرين على ذكر الله وأداء النوافل بعد الصلاة بسبب هؤلاء المتسولين.
وعن دور إمام المسجد أوضح أن إمام المسجد ليس له أن يمنع السائل إلا إن كان يعلم عن حاله وأنه غير محتاج بل هو من المحتالين, والمسؤولية في نظري أعظمها يقع على مكافحة التسول فعليهم أن يهتموا بذلك.

الصدقة في المسجد

من جهته, قال عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان: بالنسبة إلى ظاهرة السؤال في المسجد إن أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة وأبان أن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أكد هذا الجانب وأن الضرورة فقط هي ما يجيزه خاصة إذا لم يؤذ أحدا؛ بتخطيه رقاب الناس، ولا غير تخطيه، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله، ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو وهم يستمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جائز والله أعلم.
وأوضح فضيلته أن الصدقة في المسجد فلا بأس بها، روى مسلم في صحيحه عن جرير قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباءة، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: «يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة...» إلى آخر الآية: «إن الله كان عليكم رقيبا»، والآية التي في الحشر: «اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله»، «تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره...» حتى قال: ولو بشق تمرة»، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».

دور المسجد عظيم

من جانبه, يرى الشيخ عصام البركاتي المدير العام لتسجيلات البخاري الإسلامية في مكة, أن دور المسجد عظيم ومعلوم لدى كل فرد في هذه الأمة ويوجد فيه عباد رحماء قلوبهم رقيقة شفافة لأنهم يعلمون الحاجة وضررها ولذلك يعطفون على كل من يرونها من المتسولين والمتسولات تقف على أبواب المساجد بحثاً عن مصدر رزق ولكن الأمر عظيم وبالغ الكبر فنلاحظ أن النساء يوجدن بالداخل بصورة لافتة للنظر وهذا خطأ لأنها ربما تكون غير طاهرة علاوة على زحمة خروج الرجال مع الأبواب بعد انتهاء الصلاة مما قد يسبب المضايقات لهن.
ويضيف كذلك نلاحظ كثرة هذه الظاهرة ولا رادع لها، ويجب أن يعرف ولي أمر المتسولة حالتها حتى يرفع لولاة الأمر والجهات المعنية والخيرية لمساعدتها مادياً من أجل تجنيبها التسول والبحث عن المال في المساجد.

الأكثر قراءة