سلبيات برامج صقل المهارات .. أين المسار الوظيفي؟

سلبيات برامج صقل المهارات .. أين المسار الوظيفي؟

لأعوام عديدة، شجعت المراكز المهنية وشركات التوظيف في الولايات المتحدة العمال على الاشتراك في برامج إعادة التدريب، أو "صقل المهارات"، التي تهدف إلى تطوير المهارات الفنية اللازمة للوظائف ذات الأجور المرتفعة في المستقبل.
لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض تقييمات الأسهم التي ساعدت على تهدئة سوق العمل، جفت فرص العمل الإدارية التي تم الترويج لها. وقامت شركات أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت، وسيلزفورس وميتا بشكل جماعي بإلغاء عشرات الآلاف من الوظائف التكنولوجية في الأشهر الأخيرة، ما ترك بعض خريجي برامج صقل المهارات يقولون إنهم يكافحون للعثور على عمل رغم مؤهلاتهم الجديدة.
على تطبيق بلايند، وهو عبارة عن لوحة مراسلة ينشر فيها العمال دون الكشف عن هويتهم، يحذر خريجو برامج صقل المهارات الآخرين من محنتهم. على سبيل المثال، كما حذر أحد مهندسي البرمجيات في شركة أمريكان إكسبريس طلاب المعسكرات التدريبية المحتملين من محاولة الانتقال إلى الصناعة، قائلا إنها "ممتلئة" بالفعل بخريجي المعسكرات التدريبية. وكتب: "سيكون من الصعب دخول مجال التكنولوجيا".
لقد تم الترويج لبرامج صقل المهارات كوسيلة للأشخاص الذين يتطلعون إلى تغيير حياتهم المهنية أو "تأمينها في المستقبل"، والتقدم إلى المهن ذات الأجور العالية. وشارك نحو 52 في المائة من العمال الأمريكيين في برنامج لصقل المهارات خلال الأشهر الـ12 الماضية، وفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة جالوب. وظهرت المعسكرات التدريبية والدورات التدريبية عبر الإنترنت لتلبية الطلب، حيث تقدم تدريبا أرخص وأسرع من الشهادة الجامعية التقليدية في مهن مثل تطوير البرمجيات، وإدارة المشاريع، والتصميم وكتابة النصوص.
لكن التباطؤ في التوظيف في الوظائف الإدارية يهدد بعكس هذا الاتجاه، حيث لم يترك هذا التحول سوى عدد قليل من الوظائف للعمال الذين صقلوا مهاراتهم للتنافس عليها، بينما يظل أصحاب العمل في المهن ذات الأجور المنخفضة، بما في ذلك الترفيه والضيافة، في حاجة شديدة للتوظيف.
سجل أصحاب العمل في قطاع الأعمال والخدمات المهنية – الفئة التي تشمل كثيرا من الوظائف الإدارية – انخفاضا في فرص العمل بنسبة 21 في المائة في يونيو الماضي، وهو الشهر الأخير الذي تتوافر عنه بيانات وزارة العمل، مقارنة بالعام السابق. لقد انخفضت فرص العمل في مجال الترفيه والضيافة بنسبة 18 في المائة فقط خلال الفترة نفسها.
يقول جوردون لافر، خبير الاقتصاد السياسي في جامعة أوريجون الذي يدرس التدريب الوظيفي: "يتم طرح التدريب الوظيفي كحل للبطالة بعد كل أزمة اقتصادية كبرى، ولم ينجح ذلك أبدا. لا أعتقد أن هناك أي خبير اقتصادي في أمريكا يتوقع أكثر من ثلث الوظائف التي تتطلب التدريب في حياتنا".
ويوضح بن كوفمان، مدير الأبحاث والتحقيقات في مركز حماية الطلاب المقترضين، أن برامج التدريب الوظيفي مدفوعة الأجر واجهت قليلا من التدقيق حتى عام 2020 عندما واجه معسكر تدريب البرمجة في معهد بلوم للتكنولوجيا، المعروف آنذاك باسم مدرسة لامدا، ادعاءات بتضخيم معدل التوظيف لديه بعد فترة تدريب الخريجين.
وفي الوقت نفسه، دفعت جائحة كوفيد معظم جوانب الحياة في الولايات المتحدة إلى الإنترنت عام 2020، ما أدى إلى طفرة في الوظائف في وادي السيليكون وزيادة الطلب على برامج صقل المهارات.
ارتفع عدد المستخدمين المسجلين في كورسيرا، وهو موقع للتعليم عبر الإنترنت، من 44 مليونا عام 2019 إلى 92 مليونا عام 2021. وسجل نحو 20 مليون شخص في موقع كورسيرا عام 2021 وحده.
يقول هال سالزمان، عالم الاجتماع والأستاذ في جامعة روتجرز، إن برامج صقل المهارات تعد الخيارات الوحيدة المتاحة أمام العمال الأمريكيين لتغيير حياتهم المهنية دون العودة إلى الكلية.
يقول سالزمان: "ليس لدينا دعم جيد للكليات مثل أنظمة التدريب المهني الموجودة في أوروبا. ليس لدينا مسار وظيفي جيد للأفراد الذين لم يحصلوا على درجة جامعية".
لكن مع تباطؤ التوظيف العام الماضي، بدأ بعض العمال يتساءلون عما إذا كانت هذه البرامج تستحق وقتهم وأموالهم. يبلغ متوسط تكلفة البرنامج التدريبي للبرمجة 13584 دولارا ويستمر لأكثر من 15 أسبوعا، وفقا لشركة كورس ريبورت، التي تتتبع هذه الصناعة. ويمكن أن يتخرج الطلاب بديون كبيرة - كما يوضح كوفمان الذي درس اتفاقيات مشاركة الدخل التي تستخدمها بعض البرامج للسماح للطلاب بتأخير دفع الرسوم الدراسية إلى أن يبدأوا العمل.
ويقول كوفمان: "النتيجة النموذجية لأي شخص في معسكر تدريبي أن يشعر بخيبة أمل حقيقية. ويمكنني أن أقول إنه في المتوسط، ينتهي الأمر بالناس إلى الفقر المدقع".
يضيف كوفمان: "محاولة الحصول على وظيفة في جوجل أو فيسبوك عبر حضور معسكر تدريبي حول البرمجة يشبه محاولة أن تصبح مليونيرا عن طريق شراء تذكرة يانصيب".
كما أن برامج صقل المهارات لا تحصل على اعتمادات مستقلة مثل الجامعات، ما دفع البعض إلى التشكيك في جودتها، فضلا عن ضمانات التوظيف والأجور المكونة من ستة أرقام التي تدرجها بعض البرامج في إعلاناتها.
وكتب مدير منتجات في شركة تطبيق توصيل الطعام دورداش، على موقع بلايند: "الدورات والشهادات لا تستحق المال، لأنها غير معترف بها من قبل مديري التوظيف".
لكن لا تزال برامج صقل المهارات تشير إلى أن أعدادا كبيرة من طلابها يتم توظيفهم بعد انتهاء دوراتهم التدريبية. وأفاد مجلس النزاهة في الإبلاغ عن النتائج، وهو مجموعة مهنية لمعسكرات التدريب تجمع إحصاءات عن البرامج، بأن خريجي معسكرات التدريب على البرمجة لديهم معدل توظيف يبلغ نحو 71 في المائة.
وفي موقع بلايند، يتحدى بعض العمال تلك الإحصائيات، حيث كتب أحدهم أنه في دورتهم التدريبية، عاد معظمهم إلى وظائفهم القديمة أو تم تعيينهم في وظائف غير متعلقة بتطوير الويب في شركات التكنولوجيا، مثل قسم تجربة العملاء.
ويرى مؤيدو برامج صقل المهارات أنها يمكن أن تساعد على تحسين التنوع الجندري، والعرقي والاجتماعي الاقتصادي في شركات النخبة، عن طريق توفير التعليم للعمال الذين ربما لم يكونوا ليتلقوه لولا ذلك.
ومع ذلك، يقول لافر من جامعة أوريجون: إن كثيرا من هؤلاء العمال من المحتمل أن يجدوا وظائف سواء أكملوا البرامج أم لا، مشيرا إلى دراسة أجرتها وزارة العمل الأمريكية عام 2005، التي تابعت الحياة المهنية لـ20 ألف موظف، حيث وجد الباحثون أن خريجي برامج التدريب الوظيفي لم يتمتعوا بميزة مهنية تذكر مقارنة بالعمال المشابهين الذين لم يتلقوا أي تدريب بعد أربعة أعوام.

الأكثر قراءة