«بيت الروبي» .. إيرادات ضخمة بحبكة ضعيفة

«بيت الروبي» .. إيرادات ضخمة بحبكة ضعيفة
بوستر الفيلم.
«بيت الروبي» .. إيرادات ضخمة بحبكة ضعيفة
فريق العمل في صورة جماعية.

باتت وسائل التواصل الاجتماعي تأخذ حيزا كبيرا من اهتماماتنا، وتشكل مصدر رزق لفئة نجحت في امتهان ما بات يعرف بالإنفلونسر أو المؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الصورة النمطية من الحياة السائدة في عالمنا الحالي انعكست بطريقة مباشرة على نوعية الأفلام التي تخترق صالات السينما، التي أصبحت تحاكي أكثر متطلبات الجمهور المتابع، في محاولة لجذبه بالدرجة الأولى ولتواكب التطور والثورة الاجتماعية التي تعيشها المجتمعات التي باتت بدورها محكومة بقوانين وأنظمة السوشيال ميديا وما تفرضه.
ويعد فيلم "بيت الروبي" الذي عرف نجاحا ساحقا وتخطت إيراداته أي توقعات، واحدا من الأعمال التي تنبثق من الواقع الذي نعيشه وتوضح صورة عن مجتمع تغيرت فيه كثير من العادات والأفكار وحتى المهن. تتمحور قصة الفيلم حول إبراهيم الروبي الذي يعيش وزوجته وشقيقه الصغير حياة بسيطة، ولكن تنقلب الأحداث في ظل معاناة زوجته بسبب عدم الإنجاب، ويختار الهرب إلى مكان منعزل بعيدا عن كل ما حوله، لكن تقوده أزمة طارئة إلى ولوج عالم السوشيال ميديا، ليجد نفسه في ليلة محاط بشهرة واسعة نتيجة نشره مقطع فيديو يعترض فيه على واقع ما، ما يجعله يتعرض لكثير من المواقف الصعبة التي تغير مسارات حياته ويعود شبح الأزمة القديمة لمطاردته وزوجته.

«بيت الروبي»
تدور أحداثه في إطار كوميدي خفيف، ويقدم فكرة كوميدية إنسانية مع طرح قضية تحكم السوشيال ميديا في عديد من الأمور الخاصة بيومياتنا، كما يطرح مهنة الإنفلونسر التي انتشرت بقوة خلال الأعوام الأخيرة، من خلال زوجين تسببت السوشيال ميديا في أزمة كبيرة في حياتهما، فجعلتهما يبتعدان عن القاهرة ويعيشان في طابا، لكن ظهور إيهاب الأخ الأصغر لإبراهيم وإصراره على طلب العودة من أخيه معه إلى القاهرة للانتهاء من بعض الأوراق، يغير مجريات الأحداث، وتأتي هذه الرحلة بمفاجآت كثيرة تتغير على إثرها حياة عائلة "الروبي" ما يضع الزوجين وجها لوجه مع مشكلات الماضي، ويقرران التصدي لها.
وقد لعبت قصة الفيلم الحيوية والطازجة دورا مهما في نجاحه، التي تتناول استحداث وانتشار مهنة "الإنفلونسر" كما يثير قضية تحكم مواقع التواصل الاجتماعي في عديد من تفاصيل حياتنا، وقد نجح صانعو العمل في مغازلة الجمهور بتقديم فيلم عائلي خال من أي مشاهد خادشة للحياء، ومناسب لجميع أفراد الأسرة، في توليفة اجتماعية كوميدية وبعض مشاهد الأكشن. وقدم الفيلم الذي حصد نجاحا جماهيريا لافتا فكرة جديدة غير مستهلكة، وقضية حيوية، وتمثيلا جيدا، لكن - وبرأي بعض النقاد - فقد كانت الحبكة ضعيفة ومجريات الأحداث لم تكن مقنعة بشكل كاف.

بين الـ "كريمين"
يعد اختيار النجوم لهذا العمل الخطوة الأولى التي أسهمت في نجاحه، وقد جمع للمرة الأولى كريم عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز، اللذان جسدا دور الأخوين إبراهيم وإيهاب الروبي، وشكلا توليفة ذكية نجحت فيها الشركة المنتجة من جذب الجمهور، خاصة أن الكيمياء بين الكريمين انعكست عملا ممتعا وجميلا على الشاشة، وأسهمت في نجاح التجربة، إضافة إلى حضور باقة من أبرز نجوم الفن الذين ترك غيابهم نقصا واضحا في الأعوام الماضية.
وتمكن المخرج بيتر ميمي من إدارة فريق العمل بحرفية كبيرة واختيار فنانين مناسبين للشخصيات، ليست فقط في الثنائية بين كريم عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز، ولكن أيضا جاء دور الفنانة نور في تقديمها شخصية الزوجة الطبيبة والأم ممتازا، وتارا عماد التي وظفها المخرج في شخصية "الإنفلونسر"، وكذلك الطفلين معاذ جاد ولوسيندا، إضافة إلى حضور ضيف الشرف محمد عبدالرحمن، الذي أغنى العمل بشكل كبير.

استسهال أضعف الحبكة
رغم أن الفيلم ناقش قضية آنية وقصة عصرية من خلال وصول كثيرين إلى الشهرة عبر الـ"سوشيال ميديا"، وتأثير ذلك في شخصيات في أعمار مختلفة، غير أن الاستسهال الذي وقع فيه كاتبا السيناريو محمد الدباح وريم القماش أضعف العمل عموما. فعودة بطل الفيلم إبراهيم الروبي (كريم عبدالعزيز) إلى القاهرة مضطرا لإنهاء مهمة لشقيقه إيهاب الروبي (كريم محمود عبدالعزيز) لم تكن كافية لتورط الجمهور في قرار الشقيق الأكبر للعمل كـ"إنفلونسر"، ولا سيما أن قرار الابتعاد جاء لحماية أسرته مما لحق بها من أضرار في الماضي، فكيف تخلى في أيام قليلة عن قراره؟ إلى جانب حصوله على شهرة واسعة تفوق المشاهير على أرض الواقع بعد فيديو ظهر خلاله بالمصادفة اعترض فيه على أحوال الحياة عموما ليتحول إلى بطل بشكل غير منطقي.
بدا الاستسهال بشكل أكبر في السيناريو في النصف الأخير من "بيت الروبي"، حين قرر المؤلفان إنهاء التفاصيل بشكل سريع غير متوازن ودون ربط بين الأحداث. لكن هذا لا يمنع أن الفيلم قدم في النهاية رسالة اجتماعية وإنسانية مهمة تدعو إلى ضرورة المواجهة، لأن الهرب لم يكن يوما الحل السليم والمناسب لأي مشكلة.

تنمر في غير مكانه
تعد المشاهد الكوميدية التي صنفها البعض على أنها نوع من التنمر، في غير مكانها، ولم تخدم القصة والبناء الدرامي للموضوع بأي شكل. وكان يكفي الاعتماد على خفة ظل البطلين دون الحاجة إلى زج مشاهد لا صلة لها بمجريات الأحداث. ومن المشاهد التي عدها البعض تتضمن نوعا من التنمر، مشهد فرح أحد الجيران من كبار السن وتنمر البطلين عليه كونه رجلا تجاوز الـ70 من العمر، ومن ثم تقديم العزاء لابنه بأسلوب كوميدي. لم يكن هذا المشهد الوحيد الذي اعتمد على خفة الظل بعيدا عن سياق الأحداث، فثمة مشهد آخر اعتمد على تعنيف البطل (إبراهيم الروبي) لأحد الأشخاص في سيارته لمجرد أنه شعر بانزعاج منه، وكلها مشاهد "حشو" بعيدة عن جوهر الفيلم وموضوعه الأساس.
تصوير محترف
تعد إدارة المخرج بيتر ميمي لعدسات كاميراته بهذه الطريقة الاحترافية وتقديمه تصويرا بحرفية عالية، من عناصر الجذب التي أسهمت في نجاح الفيلم أيضا، خصوصا في المشاهد التي ظهرت في بداية العمل في المدينة الساحلية، غير أن المونتاج تورط في إغلاق الأحداث المفتوحة بشكل سريع ومتلاحق. لكن كل ذلك لا يمنع أن فيلم "بيت الروبي" تجربة خفيفة الظل وتحمل عناصر الجذب الذي جعلته يتصدر الموسم السينمائي الحالي.
كما أسهم طرح الأغنية الدعائية للفيلم بعنوان "سمع هس" من غناء محمود العسيلي، وبمشاركة نجمي العمل كريم عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز في غنائها، ومن كلمات فلبينو، وتوزيع وألحان أحمد طارق يحيى، من العوامل التي أسهمت في إنجاح العمل ككل وانتظاره بكثير من الحماسة واللهفة.

إيرادات عالية
حقق فيلم "بيت الروبي" إيرادات عالية ليدخل قائمة أعلى الأفلام المصرية إيرادات، وتمكن من إعادة الجمهور إلى دور العرض مجددا وتصدر إيرادات الموسم السينمائي الحالي متفوقا على سائر الأفلام التي تعرض.
نجاح "بيت الروبي" في تصدر الإيرادات لم يقتصر على مصر فقط، إذ نجح الفيلم أيضا في الحصول على المركز الأول في السعودية من حيث نسبة المشاهدة، ليصبح الفيلم الأكثر مشاهدة في الدول العربية.

الأكثر قراءة