الصين واليابان تلتقيان على سلالم التضخم

الصين واليابان تلتقيان على سلالم التضخم

في لحظة فاصلة، خصصت المكتبات اليابانية مساحة على رفوفها لنوع من الأدب، حظي على مدار العقود الثلاثة الماضية، بطلب منخفض جدا، ألا وهو التضخم وما يجب فعله حياله.
تشعل عناوين كتب مثل "يابان التضخم: الحقبة المقبلة من الأسعار المرتفعة الأبدية وعالم التضخم الحتمي"، نبرة شائعة وتحذيرية ومبالغ فيها. وفقا للحكم على هذه الأعمال، فإن دخول اليابان في أواخر 2021 إلى فترة 20 شهرا من الزيادات المستمرة في الأسعار الاستهلاكية بعد أعوام من الركود والانكماش لا يمثل تحولا اقتصاديا عميقا فحسب، بل يمثل أيضا تحولا نفسيا واجتماعيا وتاريخيا أيضا. عموما، هذا صحيح. كانت تجربة اليابان مع الانكماش تجربة طويلة بشكل غريب. إذا كان الأمر قد انتهى بالفعل، فهناك قدر كبير من الغرابة تجب إزالته من النظام حتى في الوقت الذي تستعد فيه البلاد إلى تحول التضخم للمشكلة التالية.
في الوقت نفسه، قد تقرر بكين أن ظاهرة نشر الكتب المرتبطة بالتضخم في اليابان تستحق دراسة وثيقة بشكل خاص مع التقاء الاقتصادين ببعضهما على السلالم: تسحق اليابان آخر مخالب الانكماش من كاحليها في الوقت الذي يبدو فيه أن الصين تتعثر في قبضته باستسلام.
تأكد انزلاق الصين إلى الانكماش الأسبوع الماضي كجزء من حملة واسعة النطاق من الأخبار الاقتصادية الصعبة من الاقتصاد الذي يولد أكثر من ثلث النمو العالمي. معدلات البطالة المرتفعة بشكل مخيف بين الشباب، وضعف أسعار العقارات، وقطاع الشركات المثقل بالديون، كلها عوامل تضر بالطلب وكانت هي الخلفية التي تحولت على أثرها الأسعار الاستهلاكية الضعيفة إلى سلبية بشكل طفيف لكن على نحو لا يمكن إنكاره في يوليو.
بالنسبة إلى البعض، قدم هذا التقاطع نقطة بيانات أخرى فيما أصبح عملية فكرية مقنعة: مقارنة التحديات الاقتصادية التي تواجهها بكين الآن بالتحديات التي واجهتها طوكيو في أوائل التسعينيات من أعوام "العقود الضائعة" واستنتاج - كما يستنتج الاقتصادي ستيفان أنجريك من وكالة موديز - أنها "متشابهة بشكل مخيف".
إن قائمة أوجه التشابه، ومسألة ما إذا كانت الصين الشائخة ستكرر الآن مشكلات اليابان على نطاق زمني طويل مشابه، قد تبدو مقنعة.
أدى انفجار فقاعة أسعار الأصول اليابانية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي إلى ظهور مجموعة من البنوك المتعثرة والشركات المثقلة بالديون من النوع الذي تراكمه الصين الآن. يبدو الآن أن تهديد ما يسمى بركود الميزانية العمومية الذي حدد ملامح العقود الضائعة لليابان، يلوح بثقل في أفق الشركات الصينية. وكما تفعل نظيراتها الصينية الآن إلى حد ما، كانت الشركات في اليابان قبل 30 عاما غير راغبة في الاقتراض أو الاستثمار أثناء سداد الديون، وفي النهاية أقنعت قواها العاملة بخفض التوقعات بنمو كبير للأجور.
فقدت الأسر اليابانية الثقة بالإنفاق، ودمرت المنافسة قوة التسعير، وضعف الطلب وتبع ذلك انكماش. إن الصين، في أعين الذين يرون النموذج الياباني، تمر الآن بالتجربة نفسها.
ولكن هل المخاوف من هبوط انكماشي طويل على الطريقة اليابانية في الصين في غير محلها؟ حذر اقتصاديون في سيتي بنك وأماكن أخرى المستثمرين من القفز إلى الاستنتاجات عند قراءة بيانات الأسعار الاستهلاكية لشهر واحد فقط، خاصة أن انخفاض أسعار لحم الخنزير قد يكون السبب الأكبر.
لكن خطر أن يصبح هذا طويل المدى لا يزال قائما، وكلما طالت المدة، زادت أهمية تجربة اليابان. مهما كان التحليل والمشورة في جميع كتب التضخم المنشورة حديثا مهمين ومفيدين، فإن أكبر قيمة إلهامية هي وجوب توثيقهما.
تقدم كثير من الكتب نصائح حول كيفية الاستثمار في عصر لم يعد فيه فعل أي شيء مجديا. والطريقة التي خصصت بها الأسر اليابانية أغلبية مدخراتها للنقد - وتتعرض لبعض الضغوط لتعديل ذلك - هي من بين أكثر العواقب السلوكية الكامنة للانكماش والتي قد تتلاشى الآن فجأة.
في الواقع، تمت كتابة هذه الكتب باعتبارها دليلا لسكان أصبح بلدهم فجأة غريبا عليهم اقتصاديا. وينبغي للصين أن ترى ذلك باعتباره مقياسا لمدى تعمق بعض عادات التعايش مع الانكماش، وإلى أي مدى يمكن أن يستغرق إنهاؤه ما هو أبعد من التوقعات المبكرة.
لكن إلهاما ثانيا مهما يكمن في النبرة التي ترسلها الكتب حتما. ربما لا يزال التضخم بعيدا إلى حد ما عن كونه مشكلة سيئة لليابان، ولكن يمكن - وربما ينبغي - وصفه بأنه مشكلة أسوأ مما كانت عليه مشكلة الانكماش في أي وقت مضى.
في الوقت نفسه، تدرك بكين ذلك جيدا، وهذا هو السبب في أنها قد تكون مرتاحة نسبيا حتى بشأن مواجهة طويلة جدا مع انخفاض الأسعار. في 30 عاما، لم يتسبب الانكماش باعتباره أزمة في اضطرابات عامة خطيرة تذكر في اليابان، لكن التضخم يمكن أن يثير الاضطرابات بين عشية وضحاها.

سمات

الأكثر قراءة