الإجازات والقادة .. أقطاب متضادة
عندما قرأت الأسبوع الماضي أن رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، على وشك أخذ أول إجازة عائلية لائقة منذ أربعة أعوام، شعرت باندفاع من الشك.
من المؤكد أن حتى أكثر مدمني العمل كآبة كان بإمكانهم الهروب في وقت ما.
نعم، كان ذلك مستحيلا في ذروة الجائحة بالنسبة إلى سوناك، الذي أصبح وزيرا للمالية في يوليو 2019، ووزير الخزانة في فبراير 2020، ورئيس الوزراء في أكتوبر من العام الماضي.
ونعم، أصدق المساعد الصحافي الذي أخبر المراسلين أن سوناك حاول أخذ استراحة في جزيرة إسبانية بعد خسارته سباق قيادة حزب المحافظين لمصلحة ليز تروس العام الماضي، لكنه اضطر إلى العودة بعد تقريبا 15 ساعة عندما توفيت الملكة.
أربعة أعوام؟ إن الإعلان عن هذا النوع من فشل العطلة العائلية أمر غريب للغاية، لأسباب ليس أقلها أنه استطاع إثارة كل من الشك والاستياء.
أشخاص كثيرون لا يأخذون إجازة بالقدر الذي يحق لهم أو يحتاجون إليه. لكن هذا لأن كثيرين لا يستطيعون. قد يعيشون في دولة خالية من العطلات مثل الولايات المتحدة، الاقتصاد المتقدم الوحيد الذي لا يضمن للعاملين إجازات مدفوعة الأجر.
أو قد يكون لديهم مدير يضغط عليهم لمواصلة العمل. أو قد يكونون فقراء.
تظهر البيانات الرسمية أنه حتى في دول الاتحاد الأوروبي الغنية نسبيا، لم يتمكن 29 في المائة من مواطنيها قضاء إجازة لمدة أسبوع بعيدا عن وطنهم العام الماضي. وهذا أقل من 40 في المائة في 2013، لذا فإن الأمور تتحسن. لكن الرقم يرتفع بين أفقر الناس، كما هو الحال خارج الاتحاد الأوروبي، وليس بالضرورة لأن الناس متقاعدون أو عاطلون عن العمل.
قالت امرأة بريطانية في الخمسينيات من عمرها تعمل في ثلاث وظائف منخفضة الأجر للباحثين الذين يدرسون ارتفاع معدلات الفقر بين من يعملون قبل انتشار الجائحة، "لم آخذ إجازة منذ 13 عاما. في الواقع، لو استطعت، فإنني آخذ إجازة سنوية حتى أتمكن من العمل في مكان آخر".
النقطة هنا ليست أن ريشي سوناك هو أحد أغنى رؤساء الوزراء في المملكة المتحدة على الإطلاق. الحقيقة الأكثر صلة هي أنه، وبغض النظر عن الجائحة، يتمتع سوناك بحرية الذهاب في عطلة عائلية إذا اختار ذلك أكثر من الذين يقودهم.
بالطبع، هذا بافتراض أنه يريد الذهاب في إجازة كهذه. كثير من الناس لا يريدون. فقد اشتهرت مارجريت تاتشر بأنها لم تكن مولعة بالعطل. وادعى دونالد ترمب مرارا أنه مناهض للعطلات.
أخبرني مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي الفصيح لشركة الخطوط الجوية الاقتصادية ريان إير، ذات مرة أنه ذهب فقط لقضاء إجازات عائلية على الشاطئ لأنه كان مضطرا لذلك، وأنه لا يمكنه تحمل بناء قلاع رملية مع أطفاله إلا لمدة خمس دقائق بالضبط. "بعد ذلك أقول، يا إلهي، هل سيأتي شخص ما وينقذني! أتمنى حدوث أزمة".
ليس هناك عيب كبير في هذا. يشعر قادة ناجحون كثر بالشعور نفسه. وجدت إحدى الدراسات طويلة الأمد التي أجراها أكاديميون في كلية هارفارد للأعمال حول كيفية قضاء الرؤساء التنفيذيين للشركات الكبيرة وقتهم، أنهم يعملون في 70 في المائة من أيام إجازاتهم، بمتوسط يزيد على ساعتين في اليوم.
لن تكون صدمة كبيرة إذا كافح مدير دقيق بارز مثل سوناك، رجل بنك جولدمان ساكس السابق الذي يشتهر بميول إدمان العمل، من أجل التوقف عن التفكير والاستمتاع بعطلة عائلية.
إذا كافح، فأنا أفضل أن يقول ذلك.
بدلا من ذلك، من المفترض أن نصدق، على حد تعبير سكرتيره الصحافي، أن "رئيس الوزراء يعتقد أن التوازن بين العمل والحياة أمر مهم للغاية، بالتحديد قضاء الوقت مع عائلتك، خاصة إذا كان لديك أطفال صغار". ولكنه أيضا ليس بالضرورة "مثالا جيدا لشخص يفعل ما يقول".
وكما هو الحال مع كثير مما يخص ريشي سوناك، من الصعب معرفة ما يفكر فيه بالضبط.
لكن أنا سعيدة لأنه سيذهب أخيرا في عطلة، إلى كاليفورنيا، مع زوجته وابنتيه الصغيرتين، وآمل أن يقضوا جميعا وقتا ممتعا. وهذا غير مضمون. في الأغلب ما تكون عطلات السياسيين سيئة. فإذا لم يتم انتقادهم لكونها مترفة جدا أو مملة جدا، فستقاطعهم أحداث الوطن.
إن حالفه الحظ، لن يحدث ذلك لسوناك هذا العام وليس فقط لمصلحته. نظرا إلى أن القوى العاملة المتأثرة بالجائحة تشير إلى ارتفاع مستويات الإرهاق، فإنه يجسد مثالا ممتازا، ولو كان متأخرا. آمل أن يتبعه كثيرون.