إعادة شراء الأسهم .. السوق المفتوحة أم الوسطاء؟

إعادة شراء الأسهم .. السوق المفتوحة أم الوسطاء؟

ليست هناك استراتيجيات أعمال تذكر تثير الجدل مثلما تثيره استراتيجية إعادة شراء الأسهم.
غالبا ما يطالب المستثمرون الناشطون بها باعتبارها طريقة سريعة لإعادة النقد إلى المساهمين الذي لولا ذلك سيكون هباء. ويجادل مسؤولون تنفيذيون في الشركات أنها ليست بديلا ذا ضرائب أقل لتوزيعات الأرباح فحسب، بل إنها تشير أيضا إلى أن سعر الشركة أقل من قيمتها. جميعهم يأملون أن يعزز تقليص مجموع السجل القيمة التي تنسبها السوق لكل سهم.
يخشى نقاد من أن كلا المجموعتين تحاول استغلال ذلك للثراء على حساب العمال أو الاستثمار على المدى الطويل في النمو. إذا ارتفعت أسعار الأسهم بعد إعلانات إعادة الشراء، فإن ذلك سيوجد فرصة للمستثمرين على المدى القصير لتحقيق الربح. وتقليص عدد الأسهم سيسهل كسب المكافآت المرتبطة بالأرباح للسهم الواحد.
المنشورات الأكاديمية غامضة. خلصت دراسة أمريكية إلى أن 29 في المائة من الشركات التي أعلنت عملية إعادة الشراء فعلت ذلك في وقت كانت ستكون فيه معرضة لخطر أن تكون الأرباح للسهم الواحد أقل من التوقعات دون العملية. كما وجدت دراسة بريطانية أحدث أنه لا يوجد رابط بين استخدام استراتيجية إعادة الشراء وأهداف الأرباح للسهم الواحد. لم يوقف ذلك الولايات المتحدة من فرض ضريبة جديدة على إعادة الشراء وتشديد القواعد عليها.
مهما كان رأيك بإعادة الشراء، فإن مفهوما واحدا يجب أن يكون غير جدلي. إذا كانت الشركات ستعيد شراء الأسهم، فعليها فعل ذلك بطريقة فاعلة وحسنة الإدارة. ذلك ليس سهلا، كما سيخبرك أي شخص يتعامل مع مبيعات أسهم ضخمة. على مجالس الإدارة، في الوقت نفسه، مضاعفة عدد الأسهم التي يحصلون عليها لأموال الشركة إلى أقصى حد وتقليل التعرض لخطر السوق وإبقاء العمولات التي يدفعونها عند مستوى معقول.
تشير دراسة جديدة إلى أن شركات كثيرة تفشل في كل النقاط الثلاث. بدلا من الشراء في السوق المفتوحة ودفع عمولة ثابتة، تدخل 10 في المائة على الأقل في عقود معقدة مع وسطاء في بنوك الاستثمار الكبرى.
ظاهريا، تبدو اتفاقيات إعادة شراء الأسهم المتسارعة هذه كصفقة جيدة. يعد الوسيط مقدما بأن الشركة ستحصل على تخفيض خاص، في الأغلب ما يكون 0.5 في المائة، على "حجم متوسط السعر المرجح" على مدى فترة شراء لأربعة أشهر تقريبا. ثم يقرر متداولوه وقت الشراء بالتحديد. بينما لا تزال الشركة ستخسر بحصولها على أسهم أقل إذا ارتفع السعر بحدة خلال الفترة، سيتحمل البنك خطر التقلبات اليومية.
يشير بحث من عضوين سابقين في جولدمان ساكس، جورج أوستيريدر، وهو أستاذ في كلية بيرن للأعمال وجامعة توينتي الآن، ومايكل سين، إلى أن الحقيقة معقدة أكثر بكثير من ذلك. استخدم البحث بيانات من المملكة المتحدة لأن تلك الإفصاحات العامة تحوي تفاصيل أكثر، لكن الشركات الأمريكية توظف البنوك نفسها.
بينما يعدل معيار حجم متوسط السعر المرجح حسب الحجم، فإن المتوسط على مدة العقد كاملة ليس كذلك عموما. يعني ذلك أن المتداولين يمكنهم التلاعب به عن طريق شراء أسهم أكثر في الأيام التي تنخفض فيها الأسعار وشراء القليل فقط عندما تكون الأسعار مرتفعة. إذا بدأت الأسعار الارتفاع باستمرار، يمكنهم توزيع عمليات شرائهم على مدة أطول لتعزيز المعيار. كما يمكنهم إبقاؤه مرتفعا بإنهاء عمليات الشراء سريعا إذا بدأت الأسعار الانخفاض.
من الممكن أن يخسر الوسطاء المال في هذه الصفقات، ويحدث ذلك بعض الأحيان. لكن في بعض الأوقات يجنون أرباحا ضخمة. قدر الباحثان أن "رويال ميل" أنفقت 200 مليون جنيه استرليني على إعادة الشراء في 2022 ثم انتهى بها المطاف بأسهم قيمتها 184 مليون جنيه استرليني فقط. أخذت ضريبة الدمغة مليون جنيه استرليني، لكن ذهب ما تبقى إلى جيوب بنك الاستثمار، لعمولة قدرها في الواقع أكثر من 8.5 في المائة.
"لا يبدو أن الشركات ومجالس إدارتها تفهم أنه إذا أصبح سعر السهم متقلبا، فسيكون للوسطاء فرصة لكسب قدر هائل من المال على حساب المساهمين"، كما يقول سين، الذي يعمل مستشارا الآن.
قالت "رويال ميل" إن إعادة الشراء "قدمت للمساهمين قيمة مناسبة مقابل المال ولبت توقعات البرنامج. وأضيفت رسوم الوسيط إلى التكلفة الإجمالية، التي تم تحديد حد أقصى لها".
حتى بعض متداولي البنوك المتمرسين الذين يقومون بعمليات إعادة الشراء يتفقون بأن المنتج يفشل أحيانا في إعطاء العملاء أكبر قيمة مقابل أموالهم. "لأنك تعبث بالتوقيت، فلن تجمع الأسهم عندما تكون رخيصة"، كما أخبرني أحدهم. "تلك ليست الطريقة المثلى".
إن هذا ليس تساؤلا أكاديميا تماما. وصلت عمليات إعادة الشراء حول العالم إلى أرقام قياسية غير مسبوقة العام الماضي بلغت 1.3 تريليون دولار، ثلاثة أضعاف المستوى الذي كانت عليه قبل عقد، وفقا لبحث أجرته شركة جانوس هيندرسون. نحو تريليون من ذلك كان في الولايات المتحدة في عملية محاطة بالسرية.
غيرت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هذا في أيار (مايو) بقواعد إفصاح جديدة. إذا صمدوا أمام طعن قضائي من مجموعات الأعمال، فسيكون من الممكن تحديد عدد الشركات الأمريكية التي يتم خداعها في أسهمها. سيود المستثمرون معرفة ذلك.

سمات

الأكثر قراءة