مأزق المصارف الإسلامية: ليس لها مسعف حال عجز سيولتها
تواجه الصيرفة الإسلامية بيئة مليئة بالتحديات، لعل أهمها تحديد علاقة المصارف الإسلامية بالبنوك المركزية، خصوصاً أنه ليس هناك من يقوم بدور المسعف الأخير على أسس تنسجم مع الشريعة الإسلامية، في حالة تعرضها لعجز في السيولة، وهو ما أكده خبراء الصيرفة الإسلامية خلال فعاليات مؤتمر المصارف الإسلامية الذي عقد في دبي أخيرا.
المشاركون في المؤتمر أجمعوا على ضرورة العمل على تطوير المنتجات المالية الإسلامية ولا سيما الصكوك، حيث تعتبر عملية تصكيك الأصول الاستثمارية عملية مهمة جداً للحياة الاقتصادية، مؤكدين التحديات الكبيرة التي تواجه صناعة الصكوك الإسلامية، فمع الأزمة المالية العالمية يتوقع أن يقل الاتجاه إلى الأصول المساندة للصكوك.
وقالت الدكتورة هناء محمد هلال الحنيطي، من الأكاديمية المالية للعلوم المصرفية والمالية، إن المصارف الإسلامية تواجه تحدياً كبيراً، حيث تعمل في بيئة عمل معقدة وسريعة التغير اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتقنياً، فالسمة الأساسية التي تميز المصارف الإسلامية هي تحريمها الربا أخذاً وإعطاء، وتتميز العلاقة بين المصارف المركزية والمصارف الإسلامية بعدم الوضوح، وتعدد صيغ وأشكال هذه العلاقة واختلافها بين مصرف إسلامي وآخر مضيفة أن طبيعة المصارف الإسلامية وعدم اعتمادها على الفوائد، تتطلب تحديد علاقتها مع المصارف المركزية بشكل لا يعوق أعمالها ولا يغير طبيعتها المالية، أو يضر أصحاب الأسهم أو الودائع أو العملاء.
ورأت أن ليس هناك من يقوم بدور المسعف الأخير في حالة عجز السيولة لديها على أسس تنسجم مع الشريعة الإسلامية، وهي مشكلة جوهرية تتعرض لها المصارف الإسلامية إضافة إلى ما يخص الصكوك الإسلامية, حيث أشار الدكتور كمال توفيق حطاب، من قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة اليرموك في الأردن، أن عملية تصكيك الأصول الاستثمارية مهمة للحياة الاقتصادية، ولكنها تتطلب الالتزام بالضوابط والمقاصد الشرعية، ولذلك لابد من خضوع هذه العملية باستمرار للرقابة الشرعية، للوقاية من الوقوع في الأزمات.
واضاف أن التحديات التي تواجه الصكوك الإسلامية، هي الأخطر في ظل الأزمة المالية العالمية بشكل خاص، ومع تفاقم حالة الركود العالمي على دول العالم كافة، متوقعا انخفاض الطلب على الأصول المساندة للصكوك، ما يخفض من العائدات المتوقعة لهذه الصكوك، كذلك فإن بعض الأصول أو المشاريع التي تساند الصكوك يمكن أن تفلس أو تقوم بتخفيض أعمالها أو إنهائها، وهذا أيضاً يؤدي إلى انخفاض عائدات الصكوك وربما تحقق خسائر لحملة الصكوك، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع الإقبال عليها، وإضافة إلى ذلك يتشدد الخائفون على الصيرفة الإسلامية من الناحية الشرعية، ما يحرم هذه الأصول والمنتجات المالية الكثير، ويؤدي إلى فقدان الثقة بهذه الصكوك، وبالتالي تراجع الإقبال عليها وتحقيق خسائر أو انخفاض.
في السياق نفسه, أشار الدكتور عبد الملك منصور، أستاذ القانون وعلم الاجتماع، إلى أن التطوير والابتكار في المنتجات المصرفية والأدوات المالية أصبح ضرورة حتمية للدول العربية والإسلامية بصفة عامة والمصارف الإسلامية بصفة خاصة، وذلك بسبب التحديات المختلفة التي تواجه هذه الدول والمصارف الموجودة بها، سواء كان ذلك محلياً أو دولياً.
وقالت التقارير الصادرة عن الشركات العالمية، إن الأصول الإسلامية تشهد نمواً يتجاوز الـ 20 في المئة سنوياً وبلغت قيمتها 900 مليار دولار في 2007، ومن المتوقع أن تصل إلى تريليوني دولار بحلول عام 2010، في الوقت الذي تزدهر فيه صناعة التمويل الإسلامي التي من المتوقع أن تصل قيمة أصولها إلى تريليون دولار في العام ذاته.
جملة القول, إن الصناعة المصرفية الإسلامية أضحت تحتضن ما يزيد على 260 مصرفاً ومؤسسة مالية إسلامية، تزيد أصولها الإجمالية على 250 مليار دولار، وتدير حسابات استثمار مشترك تفوق 200 مليار دولار، ولديها قاعدة أموال خاصة تصل إلى 15 مليار دولار.