تمويل المشاريع الصغيرة يكتسب الزخم عقب تجربة يونس

تمويل المشاريع الصغيرة يكتسب الزخم عقب تجربة يونس

عقب ثلاث سنوات من فوز محمد يونس بجائزة نوبل للسلام بسبب نشاط بنك جرامين في بنجلادش، المتمثل في توفير القروض للفقراء دون تقديم أي ضمان مالي، فإن تمويل المشاريع بالغة الصغر ما زال يكتسب الزخم في مناطق أخرى من العالم. وهذا النشاط ليس حياً وبعافية اليوم فحسب، وإنما شهد تمويل المشاريع بالغة الصغر أيضاً انبثاق فروع أخرى.
لنأخذ على سبيل المثال كومون إنترست إنترناشيونال (سي آي آي) Common Interest International (CII)، وهي منظمة غير ربحية في تشيانغ ماي تقدم كذلك القروض الصغيرة للفقراء. وتستهدف المنظمة حصرياً النساء اللواتي يعشن في قبائل التلال في ريف شمالي تايلاند، وعديد منهن لاجئات، أو مهاجرات في الأصل من الصين، وميانمار، ولاوس.
ويقول ريان يونج، المدير العام لسي آي آي، إنه في حين أن منظمته تتبع المنهجية المصرفية ذاتها للقرية مثل برامج الادخار والقروض المحلية الأخرى، إلا أن مؤسسته تقدم القروض لمجموعات النساء في القرى، واللواتي بدورهن يدرسن الطلبات مسبقاً.
وفقاً ليونج، فإن نحو نصف النساء هن مزارعات يستخدمن القروض إما لتوسيع مزارعهن، وإما لشراء الأسمدة والبذور بكميات كبيرة. وتستخدم النساء الأخريات القروض لتوسيع أكشاك السوق حيث يبعن المنتجات المصنوعة في البيت.
أما بالنسبة لماذا ما زال تمويل المشاريع الصغيرة مشهوراً في يومنا هذا، فإن يونغ يقول إن السبب هو تركيز التمويل على المجموعات، وهذا قطاع لا تستهدفه البنوك كما يبدو، لأنها تعتبره فقيراً للغاية ولا يتأهل لعمليات القروض البنكية التقليدية. وكذلك، على النقيض من البرامج الحكومية التي تزيل عملية صنع القرار من مستوى القرية، فإن المنظمات مثل سي آي آي تطور قادة محليين، يعملون بعدئذ على إدارة وضبط الأموال المحلية كما يرونه مناسباً. وبناءً عليه، فإن الأمر يتعلق إلى حد كبير بتمكين الأشخاص الذين تم تهميشهم في المجتمع لفترة طويلة.
ويضيف يونج: "أعتقد شخصياً أن بإمكانك الحصول على قرض في أي مكان في العالم، وأعتقد أن المسألة هي: ’هل هذا منطقي؟‘ ويبلغ متوسط معدل الفائدة في القرى نحو 20 في المائة شهرياً، وشهدنا معدلات مرتفعة تصل إلى 20 في المائة في اليوم لدى بعض بائعي السوق. وبناءً عليه، حيث إن معدلات الفائدة مرتفعة للغاية، فكيف يستطيع أي قطاع عمل استعادة أمواله من خلال العمليات – إنه أمر مستحيل".
ويضيف يونج: "لذا فإننا نحاول تقديم حلول طويلة الأجل بالنسبة للطريقة التي يمكنهم بواسطتها الحصول على معدلات فائدة معقولة، والادخار أيضاً. ونحن نركز كثيراً على جوانب الادخار كذلك، وننظر إلى ذلك على أنه أمر رئيس لتحسين حياة الناس فضلاً عن ذلك".
ويوضح يونج أن مؤسسته تقرض مجموعات النساء بمعدل فائدة يبلغ 15 في المائة سنوياً على أساس تراجعي. وهذه المجموعات تقرض بعدئذ إلى أعضائها بمعدل فائدة يبلغ 2 في المائة شهرياً. وفي نهاية العام، تصدر مجموعات النساء توزيعاً للأرباح إلى الأعضاء بحيث تتم إعادة توزيع أية أرباح تم تحقيقها.
مع ذلك، فإن الأمر يمثل جزءاً صغيراً بالنسبة لسي آي آي. ويقول يونج: "إن تمويل المشاريع بالغة الصغر كل شيء، ونهاية كل شيء. ويوجد كثير للغاية من الحاجات والفرص. لذا فإننا نبحث حالياً عن كثير من الأشياء التي تناسب تمويل المشاريع بالغة الصغر، مثل التدريب على تطوير العمل، وتأمين المشاريع بالغة الصغر، ونوع ما من برامج التدريب الصحية".
يضيف قائلاً إن سي آي آي تفكر أيضاً في إنجاز مشاريع عابرة للحدود مع ميانمار (بورما)، حيث إن عديدا من قبائل الأقلية العرقية هذه تهاجر وتعود منها.
وذكر يونج: "إننا نرى أنفسنا نصبح كباراً تماماً في شمال تايلاند. وندرس إمكانية البدء بالتحرك نحو لاوس وبورما – وهذا سبب اختيارنا لتشيانغ ماي كقاعدة جزئياً، لأنها تتوسط المناطق الأخرى في المنطقة. وبناءً عليه، من يعرف، فربما في غضون خمس سنوات سنكون في عدة بلدان أخرى".

وشارك ريان يونج في برنامج المشاريع الاستثمارية الاجتماعية لانسياد الذي عقد في حرم كلية آسيا في سنغافورة أوائل هذا العام.
يقول يونج إن سي آي آي، منذ البرنامج، تنتقل حالياً من ذهنية الأعمال الخيرية (أي الاعتماد على الهبات) إلى ضم مسار الاستثمار الاجتماعي.

الأكثر قراءة