غلاء المراكز التجارية يحيل سكان العاصمة إلى المسطحات الرملية
ينتظر سكان العاصمة الليالي المقمرة وخاصة حين يكون القمر في كمال تمامه للتوجه إلى البر مع أفراد عائلاتهم لقضاء وقت ممتع في الأجواء الهادئة، بعيدا عن صخب المدينة، حيث يتسامر الرجال مع عائلاتهم على ضوء القمر، وبرودة الأجواء قياسا بدرجات الحرارة المرتفعة طوال اليوم، والتي تخف حدتها بعد منتصف الليل، بينما يلهو الأطفال بلعبهم البريء وسط الرمال الشاسعة، فهل هو هروب من الغلاء والأسعار المبالغ فيها في مراكز اللهو والترفيه كالحدائق والمراكز التجارية التي تستغل موسم الصيف في رفع ثمن تذاكر الألعاب التي يسرف فيها الأطفال ولا يشعرون بالممل، أم أن ذلك ليس للجانب الاقتصادي أي شأن فيه، وإنما هو هروب من الضوضاء وتلوث الهواء ورغبة في كسر الروتين الذي يتكرر يوميا في الحياة المدنية؟.
#2#
«الاقتصادية» توجهت بهذه الأسئلة إلى عدد من المواطنين والمقيمين الذين لجؤوا إلى البر والمساحات الرملية الواسعة لقضاء أوقات الترفيه فيها، حيث أوضح عبيد محمد السلطان، أن الأمر ليس كذلك، وإنما هو مجرد كسر الروتين الذي بات معروفا حتى أثناء الإجازة، وقال «يا أخي مللنا من الذهاب إلى الحدائق، والمراكز التجارية، فالصراخ والأصوات المرتفعة لا تجعلك تشعر بأنك قضيت وقتا ماتعا وهادئا في إجازتك الأسبوعية»، مؤكدا أن الوقت الذي قضاه مع أفرأد أسرته كان في جو شاعري وهادئ، وكانت فوائده إيجابية على نفسيته، حيث إن ضوء القمر الخافت والنيران المشتعلة لإعداد الشاي والقهوة جعله يتذكر عبق الماضي، وكيف كان الأجداد يعيشون في بساطة وهدوء جلبا لهم الراحة وأبعدا عنهم الأمراض والأسقام التي يعاني منها الجيل الراهن، كما أن الهدوء الذي يسود المكان قلما تجده في الحياة المدنية، وهو ما يجعل الخروج للبر يشكل فارقا لديه عن التنزه في المراكز التجارية ومدن الألعاب.
من جانبه، تحدث لـ»الاقتصادية» المقيم الأردني يوسف العسلي، والذي قصد البر مع أفراد عائلته، قائلا «الجدوى الاقتصادية بالنسبة للرحلة البرية مع أفراد الأسرة أكثر تكلفة من الذهاب إلى الحدائق ومدن الترفيه والمراكز التجارية، حيث إن الذهاب مع أفراد الأسرة إلى حديقة أو متنزه أو مركز تجاري تتوافر فيه الألعاب والأجهزة الترفيهية لن يكلفك أكثر من 100 ريال تتضمن لعب الأطفال وتناول وجبة العشاء، بينما الذهاب إلى البر يحتاج إلى أكثر من ضعف هذا المبلغ، من حيث شراء الفحم والدجاج والتوابل من أجل إعداد الوجبة التي سيتم شواؤها والمعدات والمستلزمات التي ينبغي أخذها معك إلى الرحلة ، ليس هذا فحسب بل إن الاستعداد للرحلة يستغرق أسبوعا كاملا في بعض الأحيان، مشيرا إلى أن الذهاب إلى البر متعة لا تعادلها متعة، وقال وهو يشير إلى أطفاله الذين كانوا يلهون من حوله وإلى القمرفي كبد السماء» مثل هذا الجو البديع والرائع لن تجده في المتنزهات والملاهي، ولن تجد سوى الصراخ ووجع الرأس – بحسب تعبيره-، وهو ما يجعلني أتجاوز مسألة التكلفة المادية التي أتكبدها مقارنة برحلة في أحد المتنزهات، حيث إن السعادة تملأ قلوب أفراد عائلتي بعد التنزه، ما ينعكس إيجابا على حياتنا اليومية».
أما المقيم اليمني وديع الشيباني فيناقضه وهو يعترف بأنه لم يكن يفكر في الذهاب مع أفراد عائلته إلى البر، لكن الحالة الاقتصادية وكثرة الأطفال اللتين دفعتاه للذهاب إلى هناك، وأضاف «أطفالي كثيرون، ولله الحمد، وهم يرغبون في اللعب واللهو طوال بقائهم في الحديقة، وهذا يكلف الكثير من المال خاصة أن أصحاب تلك الأماكن يستغلون فترة الصيف ليس فقط لرفع أسعار التذاكر، بل أيضا الفترة التي يلهو فيها الطفل في هذه اللعبة أو تلك، حيث لا تتجاوز الدقيقة الواحدة نظرا للزحام الشديد» مشيرا إلى أنه يوكل لزوجته مهمة إعداد الطعام في المنزل، ويكتفي بشراء عصير ولعبة بسيطة لأطفاله، مؤكدا أنه يستمتع هو وأطفاله في رحلة البر خاصة أنها لا تكلفه أكثر من 50 ريال فقط.