ألكسندر فيناندتس .. رئيس بعيد عن الأضواء يلجم المشككين
استغرق ألكسندر فيناندتس 13 يوما لإثبات أن المشككين فيه مخطئون.
عندما انضم مدير التأمين الهولندي سابقا إلى بنك دويتشه في أيار (مايو) من العام الماضي، خشي المستثمرون من أن رئيس مجلس الإدارة الجديد قد يكون مجرد رئيس صوري.
كانوا قلقين من أن فيناندتس سيتعرض للضغط من إدارة بنك دويتشه، نظرا إلى افتقاره لقاعدة قوة داخلية، أو قدر كبير من الخبرة المصرفية، أو كثير من العلاقات في ألمانيا.
لكن سرعان ما أثبت خلاف ذلك، حيث انحاز إلى جانب الجهات التنظيمية للإطاحة برئيس "دي دبليو إس"، شركة إدارة الأصول التي يمتلكها بنك دويتشه بنسبة 80 في المائة، بعد أن دعم كبار مسؤولي البنك أسوكا فورمان علنا في مواجهة مزاعم مدمرة بالتمويه الأخضر.
اعتقد فيناندتس أن رحيل فورمان كان "قرارا واضحا"، كما يقول أشخاص مطلعون على آرائه. لقد أصبحت لحظة من لحظات عدة ساعدت في ترسيخ مكانته في بنك دويتشه خلال العام الماضي.
تزامن وصول الرجل البالغ من العمر 62 عاما إلى بنك دويتشه مع تحقيق البنك أرباحا قياسية بعد أزمة استمرت لعقد من الزمان. لكن لا يزال فيناندتس يواجه المشكلات نفسها التي واجهها سلفه، بول أشلايتنر، عيوب في الضوابط الداخلية، ومطالبة الجهات التنظيمية بتحسينات مستمرة، وبيروقراطية متضخمة، وتكاليف عالية.
قال لـ"فاينانشيال تايمز"، "ما زلنا بحاجة إلى استعادة الأمانة والثقة"، مضيفا أنه "كان يتعمد تجنب الأضواء". "أعتقد أن التواضع طريقة جيدة لاستعادة الثقة بدلا من إحداث ضجيج".
بدأ تقدم فيناندتس الهادئ في جعله يكسب احترام المطلعين على بواطن الأمور والمستثمرين.
"لقد أحدث فرقا بالفعل على المستوى الداخلي"، كما قال أندرياس توماي، خبير الاستثمار المستدام في "ديكا إنفسمنت"، إحدى أكبر 20 شركة مستثمرة في دويتشه، لـ"فاينانشيال تايمز".
من جانبها، قالت ألكسندرا أنيكي، مديرة محفظة في "يونيون إنفسمنت"، وهي شركة أخرى من بين أكبر 20 شركة مستثمرة، "إن تركيز الرئيس على إعادة بناء الثقة، ومعالجة مشكلات التحكم والتكاليف، كانت الأولويات الصحيحة تماما".
يقول المستثمرون "إنهم شعروا بالارتياح من قراره بخفض مكافآت كريستيان سوينج الرئيس التنفيذي وأعضاء المجلس التنفيذي الآخرين بسبب إنجازات ضائعة وتأخيرات في تحسين الضوابط الداخلية".
للتغلب على شكوك الأعضاء الزملاء في مجلس الإشراف، فرض فيناندتس تخفيضا بنسبة 5 في المائة على أحد أجزاء المكافأة، ما أدى إلى حسم مليون يورو إجمالا، بما في ذلك تخفيض يبلغ 145 ألف يورو لسوينج. رفض سوينج التعليق.
كما أصر الرئيس على أنه تم الإفصاح عن التخفيضات بالكامل في التقرير السنوي. قال لـ "فاينانشيال تايمز"، "أردنا إرسال إشارة إلى المؤسسة بأكملها"، مضيفا أنه "ينبغي للجميع أن يفهموا أن مجلس الإدارة مسؤول عن هذه المشكلات". وقال "إنه يريد تجنب أي سوء فهم محتمل حول الأولوية القصوى هنا".
يتناقض أسلوب إدارته مع أسلوب أشلايتنر، الذي تمتع بالأضواء وحاول تجنب الصراع المفتوح قدر الإمكان.
قال أحد الأشخاص الذين عايشوا كلتا فترتي الرئاسة "أخذ بول على عاتقه التحدث إلى الناس بصورة ثنائية"، في محاولة للتوصل إلى حلول وسطية. كان منتقدو أشلايتنر يتهمونه بالتردد وتجنب القرارات الصعبة لكن الضرورية. رفض أشلايتنر التعليق من خلال متحدث رسمي.
"أليكسندر أكثر انفتاحا، إذ يسمح للناس بسماع آراء بعضهم بعضا في غرفة الاجتماعات". في البداية، كان أعضاء مجلس الإدارة بالكاد يصدقون هذا النهج الجديد. كنا نقول "أوه، نحن نتحدث عن هذه المسألة حقا! هذا ليس أمرا مفروغا منه"، حسبما قال الشخص نفسه.
كما يعد فيناندتس شخصا عمليا ينخرط في الأمور أكثر مما يعد عاديا بموجب نظام مجلس الإدارة المكون من مستويين في ألمانيا حيث لا يوجد رسميا دور يلعبه مجلس الإشراف في العمليات اليومية، كما يقول الأشخاص المطلعون على الأمر.
أثناء انهيار "كريدي سويس"، شارك شخصيا في مناقشات حول ما إذا كان يجب على بنك دويتشه خفض انكشافه على البنك السويسري ومتى، كما يقول الأشخاص.
لكن رغم كل التقدم، لا يزال بعض المستثمرين حذرين من وضع فيناندتس باعتباره دخيلا، مشيرين إلى حقيقة أن لغته الألمانية ليست جيدة بما يكفي حتى الآن.
ويشعر آخرون بالقلق بشأن علاقته بالرئيس التنفيذي للبنك وتعامله مع قرار حاسم واحد على الأقل.
استغرق سوينج، الذي كان على علاقة وثيقة مع أشلايتنر، بعض الوقت للتعود على الرئيس الجديد، كما يقول أشخاص مطلعون على الأمر.
اتخذ الطرفان جانبين متعارضين بشأن أحد أهم القرارات خلال العام الأول لفيناندتس: ما إذا كان سيتم تمديد عقد كارل فون رور نائب الرئيس التنفيذي إلى ما بعد تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
أراد الرئيس التنفيذي الاحتفاظ بفون رور، وهو صديق شخصي ومقرب منذ فترة طويلة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. كما حصل فون رور على دعم ممثلي العمال الذين لديهم مقاعد في مجلس الإشراف الذي يعين المديرين التنفيذيين للبنك.
لكن عندما أصبح واضحا أن فيناندتس لم يكن من أشد المعجبين بفون رور، مشيرا إلى تعامله مع مزاعم شركة دي دبليو إس بالتمويه الأخضر والتقدم البطيء في إعادة هيكلة وحدة البيع بالتجزئة المحلية في بنك دويتشه، تراجع سوينج دون قتال، كما يقول الأشخاص المطلعون على المناقشات.
في النهاية، استبق فون رور قرارا رسميا من مجلس الإدارة بعدم تمديد عقده، وأعلن أنه لن يسعى إلى فترة أخرى. قال أحد المطلعين "لم يتبق أمام كارل خيارات أخرى كثيرة".
يجادل نقاد بأن فيناندتس لم يتعامل مع العملية بشكل جيد، حيث استمرت المناقشات حول مستقبل فون رور لأكثر من ستة أشهر وانطوت على سلسلة من التسريبات الضارة. رفض فيناندتس وفون رور التعليق.
يقول شخص مقرب من كلا الرجلين "إن علاقة الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة تتطور في اتجاه إيجابي للغاية"، مضيفا أنه "منذ البداية كلاهما يحترم الآخر". يقول فيناندتس "نعمل معا بشكل جيد للغاية".
يقول رئيس بنك دويتشه "إن وظيفته الرئيسة هي دعم الإدارة ومساعدتها على فعل ما يترتب عليها فعله".
وعندما سئل عما إذا كان ذلك يتطلب منه أحياناً أن يكون مزعجا؟ قال فيناندتس "أعتقد أننا تجنبنا الحاجة للوصول إلى ذلك".