FINANCIAL TIMES

توسيع التأمين على الودائع يشجع المصرفيين المتهورين

توسيع التأمين على الودائع يشجع المصرفيين المتهورين

لطالما كان أحد عروض مندوبي مبيعات التأمين: "أنا لا أبيع التأمين، أنا أبيع راحة البال". الآن تسير الجهات التنظيمية ومحافظو البنوك المركزية على نهج مشابه عبر التأكيد على المزايا المطمئنة للتأمين الأعلى تكلفة على الودائع مقارنة بتكاليفه.
لكن الاضطرابات المصرفية الأخيرة لا تبرر التوسع في برامج التأمين على الودائع. بالنسبة إلى المصارف التجارية وعملائها الضرر يشمل مزيدا من تآكل دورها داخل النظام المالي. كما أن زيادة تكلفة التأمين على الودائع من شأنها أن تزيد من إعانات الدعم الضمنية للمصرفيين المتهورين.
الحماس الحالي للإصلاح هو نتيجة لإخفاق ثلاثة بنوك إقليمية في الولايات المتحدة وبنك كريدي سويس. أشار تهافت المودعين على هذه المؤسسات لسحب ودائعهم إلى أن الحماية كانت محدودة للغاية لدرجة لا يمكن معها تعزيز ثقة المودعين عند حدوث أزمة، ما أدى إلى تغذية المخاطر النظامية.
بناء على ذلك، حددت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع خيارات لتعزيز شبكة الأمان المالي التي تديرها. سلطت الهيئة الضوء بشكل إيجابي على زيادة محتملة من 250 ألف دولار إلى 2.5 مليون دولار للحسابات اليومية للشركات. ويشكك بنك إنجلترا، الذي يعاني ما يمكن وصفه بحسد التأمين على الودائع، فيما إذا كان سقفه البالغ 85 ألف جنيه استرليني كافيا. وتريد المفوضية الأوروبية توسيع نطاق برنامج الاتحاد الأوروبي، لكن دون رفع الحد الأعلى من 100 ألف يورو. للتأمين المحدود على الودائع فائدة واضحة تتمثل في الحيلولة دون التهافت على البنوك لسحب الودائع وحماية أموال الأشخاص ذوي الموارد المالية المحدودة. المشكلة في توسيعه هي أنه يزيد من المخاطر الأخلاقية.
تتلخص النظرية في أن الضمانات الشاملة تشجع بعض المصرفيين على التصرف بتهور. فإذا لم يكن عليهم القلق كثيرا بشأن هروب الودائع، يمكنهم أن يكونوا أكثر جرأة فيما يتعلق بالقروض. وبوسعهم أيضا اجتذاب المودعين عبر أسعار فائدة مرتفعة غير مستدامة.
إن طبيعة ومدى الخطر الأخلاقي تشكل موضوعا لمناقشات متحمسة وغير حاسمة. لكن معظم العقلاء يعتقدون أن الخطر موجود. يقول بيتر تايلر، من "يو كيه فاينانس"، "من المهم مناقشة المخاطر الأخلاقية إذا كنت تسعى إلى زيادة التأمين على الودائع بشكل كبير".
تفرض البرامج عادة تكلفة تغطية ودائع البنوك المتعثرة على المقرضين المتحفظين، الناجين عن طريق ضريبة خاصة بالصناعة. في المدى القصير سيؤدي ذلك إلى تقليل الأرباح والعوائد للمساهمين. وفي المدى الطويل ستسترد البنوك التكلفة من العملاء.
هناك جانب مهم ينطوي عليه الخطر الأخلاقي، لكن لا يحظى بالتقدير الكافي، وهو أنه يمكن أن يصيب عملاء البنوك أيضا. لنفرض أن فرعا للتوفير تابع لشركة كريزي إد "شركة إلكترونيات أفلست بسبب عمليات الاحتيال" يدفع ضعف فائدة المقرض الخاص بك. من المرجح أن تنقل أموالك إذا كنت تعلم أنه لا يمكنك خسارتها. السقف السخي للولايات المتحدة البالغ 250 ألف دولار يعني ضمنا أن المودع الذي لديه أموال أكثر من الحد الأقصى يمكنه تحمل خسارتها وربما كان ينبغي له أن يكون أكثر حذرا.
يترتب على ذلك أن السلطات عندما تزيد حماية المودعين فإنها تقلل من دور العملاء والبنوك والمساهمين كمخصصين لرؤوس الأموال. الأسواق تؤدي هذه المهمة على نحو أفضل من الحكومات، لأن المنافسة متأصلة. وإذا كنت تعرض تأمينا مرتفعا للغاية على الودائع "يصبح كل شيء وديعة" كما يقول أحد محافظي البنوك المركزية السابقين. سيعيد المصرفيون كتابة شروط الاستثمارات الأخرى لوضعها تحت المظلة.
بالتالي تقع المسؤولية على عاتق الجهات التنظيمية ومحافظي البنوك المركزية والسياسيين لإظهار أن أي تمديد لخطط ضمان الودائع ضروري ومتناسب. إن إخفاقات البنوك الأخيرة لا تصل إلى حد أن تكون برهانا. فقد اتخذت الولايات المتحدة قرارات مرتجلة لتوسيع نطاق التأمين ليشمل جميع الودائع في بنك وادي السيليكون وبنك سيجنتشر، لكن ليس في "فيرست ريبابليك". وتعاملت المملكة المتحدة وسويسرا مع الأزمات في ذراع بنك وادي السيليكون في المملكة المتحدة وفي كريدي سويس من خلال بيعهما لمنافسين أقوى.
ويبدو أن ذلك قد حال دون انتقال العدوى. قد يكون من المستحسن إجراء تعديلات تنظيمية أكثر ذكاء وانتقائية، كتشديد الضوابط على تركيز الودائع. وينبغي للولايات المتحدة أيضا إلقاء نظرة فاحصة على "شبكات الودائع التبادلية". تنشر هذه الشبكات الودائع الكبيرة تلقائيا عبر مؤسسات متعددة، ولا تبلغ قيمة أي منها أكثر من 250 ألف دولار. وقد تضر هذه الشبكات بالمنافسة من خلال دعم المقرضين الضعفاء. شيلا بير، التي أدارت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية خلال الأزمة المالية، تصف الودائع المتبادلة بأنها "سعي كلاسيكي إلى كسب الثروة بوسائل ملتوية".
إن مبرر رفع مبلغ التأمين على الودائع غير مثبت. كما أن تحيز الجهات التنظيمية لمصلحة مزيد من التقنين يحتاج أيضا إلى التدقيق. وحوافزها عرضة للانحراف أيضا، تماما كحوافز المصرفيين التجاريين ومندوبي مبيعات التأمين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES