مواصفات السيارات باشتراك شهري .. لماذا؟

الكل بات مهووسا بنموذج البيع من خلال الاشتراك الدوري بدلا من الشراء التقليدي، ويبدو أن لا حل هناك ولا حيلة لدى المستهلك عدا القبول بنموذج العمل الجديد هذا، وتحمل تكاليفه الإضافية دون تحسن في الخدمة أو المنتج في كثير من الأحيان. فقد اتجهت كثير من الشركات خلال الأعوام القليلة الماضية نحو أسلوب الاشتراك الدوري بالاستقطاع من البطاقات المصرفية والائتمانية وغيرها من وسائل الدفع الإلكتروني، حيث أصبح التأجير السمة الغالبة للخدمات والمنتجات بدلا من الشراء المعتاد.
وأسلوب الاشتراك معروف منذ عشرات الأعوام، إلا أن العمل به ازداد مع انتشار الإنترنت وتوافر الخدمات الإلكترونية وسهولة الدفع الإلكتروني، ومن ثم اكتشاف كثير من الشركات أنه من خلال هذا النموذج يمكن تحقيق عشرات أضعاف ما يمكن تحقيقه بالطرق التقليدية للبيع.
آخر صيحات نموذج الاشتراك ما تردد عن عزم بعض شركات السيارات إدراج نموذج الاشتراك في عدد من مواصفات السيارات، حيث يتعين على مالك السيارة دفع اشتراك دوري للحصول على الميزة المتاحة. أثار قرار إحدى شركات السيارات أخيرا امتعاض كثير من العملاء، التي قررت فيه الشركة فرض اشتراك شهري بمقدار ما يعادل 50 ريالا للحصول على ميزة تدفئة مقاعد السيارة.
بعض شركات السيارات ترى مجالا خصبا لتسويق جملة من المواصفات والميزات باشتراكات شهرية، تشمل ميزة تحديد مكان السيارة المسروقة وميزة المفاتيح الرقمية من خلال الهاتف المحمول، إلى جانب ميزة مساعدة السائق على الوقوف المتوازي عند ركن السيارة في مواقف الشوارع، هذا عدا الحصول على عدد من المنتجات الرقمية وشبكات الاتصال والأجهزة الصوتية عالية الجودة وتفعيل القيادة الآلية الذاتية.
امتعاض بعض العملاء سببه أن بعض هذه الميزات موجودة من الأساس في السيارات وأن أسلوب تسويقها بالطريقة الجديدة ليس إلا بهدف جني مزيد من الأموال من العملاء دون تقديم أي خدمات أو منتجات جديدة.
وفي الجانب الآخر هناك من يرى أنه بالإمكان أن يؤدي ذلك إلى خفض التكلفة الأولية لشراء السيارة - إن تم تقديم النموذج بطريقة صحيحة - حيث يدفع العميل فقط مقابل الميزات التي ينوي استخدامها، ويتفادى دفع رسوم ميزات لا يحتاج إليها. وهذا صحيح إلى حد كبير حيث نجد أن جميع مصنعي السيارات منذ القدم يطرحون عدة فئات من السيارات بمواصفات وميزات متنوعة وأسعار مختلفة، إلا أنه في الأسلوب الجديد لنموذج الاشتراك ستتمكن شركات السيارات من خلال البرمجيات الحاسوبية التحكم بتفعيل الميزة وإتاحتها فقط لمن يقوم بدفع رسومها الدورية.
نظريا يمكن أن يؤدي أسلوب الاشتراك إلى فوائد كثيرة للشركات وللعملاء، فالشركات تفضله للاستمرار في تحقيق إيرادات على فترات طويلة وفي كونه يربط العميل بالمنتج بشكل قوي يصعب معه الفكاك من جهة، من جهة أخرى فإن بقاء العميل مع المنشأة يؤدي إلى خفض تكلفة استقطاب العميل، حيث تستطيع المنشأة توجيه جهودها إلى كسب ثقة العميل وتحسين الخدمة بدلا من اللهث الدائم خلف استقطاب العملاء.
مشكلة أسلوب الاشتراك الدوري أنه يمر حاليا بمرحلة تطبيق سيئة، حيث أصبح "كل من هب ودب" يرغب في تطبيقه، إلى جانب ممارسة بعض الشركات أسلوب تصعيب عملية إلغاء الاشتراك من أجل الاستمرار في تحقيق الإيرادات الدورية حتى إن لم يكن العميل يرغب فيها. كذلك هناك إشكالية تكاثر أعداد وأنواع الاشتراكات لدى العميل حيث أصبحت هذه الاشتراكات تتطلب من العميل كثيرا من الجهد والوقت لإدارتها والسيطرة عليها.
كثير من الناس يجدون اليوم أن لديهم اشتراكات في خدمات تخزين سحابية أو لبرمجيات معينة كالحماية من فيروسات الحاسب، أو لصحف ومجلات رقمية، أو لخدمات إضافية من شركات الاتصالات، أو مقابل خدمات تلفزيونية رقمية أو لمشاهدة "يوتيوب" دون إعلانات، أو لاشتراك في ناد رياضي، أو لخدمة توصيل معينة، أو قريبا لمجرد قيادة السيارة والاستفادة من بعض ميزاتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي