الحمائية ليس هي الحل في مفاوضات التجارة الحرة

الحمائية ليس هي الحل في مفاوضات التجارة الحرة
الحمائية ليس هي الحل في مفاوضات التجارة الحرة
الحمائية ليس هي الحل في مفاوضات التجارة الحرة

إن إتمام جولة الدوحة من اتفاقيات التجارة الحرة العالمية أمر محوري لحل الأزمة الاقتصادية الحالية. وأكد المتحدثون في قمة الأعمال الأوروبية التي انعقدت هذا العام على ضرورة أن تساعد الحكومات على تمكين التجارة الحرة العالمية من إحياء النمو الاقتصادي، بدلاً من اللجوء إلى تدابير الحمائية.
وتقول البارونة آشتون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للتجارة: "إنها وظيفة الحكومة لدعم وحماية شعبها، وصناعتها، وقطاع عملها، وأن تكون قادرة بشكل فاعل على التجارة من أجل المستقبل. وهذا يختلف تماماً عن القول إنك سوف تضع العوائق لمنع التجارة، ليس أقله لأنك في النهاية لا تحمي أحداً".
تأثير حافز الدوحة
وفقاً لتقديرات منظمة التجارة العالمية، فإن التخفيضات على التعريفات الجمركية والإعانات للتجارة في البضائع المجدولة في جولة الدوحة كانت تماثل حزمة حوافز تبلغ 150 مليار دولار أمريكي. وقدرت منظمة التجارة العالمية أن هذا المبلغ يمكن أن يكون أكثر من الضعف بسبب مبادرات التجارة الحرة الأخرى التي تجري مناقشتها.
لكن دون إتمام جولة الدوحة، يمكن زيادة معدل التعرفات الجمركية في شتى أرجاء العالم إلى الضعف بشكل قانوني، الأمر الذي من شأنه أن يضر بالتجارة الدولية. وفي واقع الأمر، تتوقع منظمة التجارة العالمية تراجعاً نسبته 9 في المائة في حجم البضائع العالمية المتبادلة في عام 2009، والذي قد يمثل أسوأ انكماش خلال 60 عاماً.
على الرغم من أن قادة العالم دعوا في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت هذا العام إلى إتمام سريع لجولة الدوحة، واتفقوا على تحاشي تبني تدابير الحمائية إلى ما بعد نهاية عام 2010، إلا أنهم فشلوا في تحديد تاريخ لاستئناف المفاوضات، التي تباطأت في العام الماضي.

وفقاً للبنك الدولي، فإن 17 بلداً من بلدان مجموعة العشرين استحدث تدابير حمائية، على الرغم من بيان مجموعة العشرين في تشرين الثاني (نوفمبر) المناهض للحمائية.
الأمر الذي يدعو إلى المفارقة، هو أنه خلال أوقات الاضطراب الاقتصادي زادت العوائق أمام تحرير التجارة، حيث تكون الحكومات مقيدة بالضغوط المحلية.
وتقول آشتون: "إن الأمر في غاية الصعوبة عندما تتعامل مع دوائرك الانتخابية، ومع مواطنيك الذين تكون وظائفهم على المحك. ومن الصعب للغاية أن توضح سبب عدم رغبتك في منع ما ينظرون إليه عندما تكون الوظائف والأعمال مقبلة، لتأخذ منهم وظائفهم. ويكون ذلك في غاية الصعوبة تحديداً عندما لا تكون لديك بدائل تقدمها".

#2#

تفاؤل ضئيل إزاء إتمام جولة الدوحة.
في واقع الأمر، يقول الاقتصادي جاديش بهاجواتي، وهو متحدث آخر في القمة التي انعقدت في بروكسل، إنه ليس متفائلاً إزاء إتمام جولة الدوحة في أي وقت قريب.
ويقول بهاجواتي، أستاذ الاقتصاد والقانون في جامعة كولومبيا، وزميل رفيع المنصب في مجلس العلاقات الخارجية في مجال الاقتصاد الدولي: "لا يمكنني أن أرى كيف من الممكن في حالة أزمة الاقتصاد الكلي أن نصل حقيقة إلى تسوية فوراً، و في غضون الشهور القليلة المقبلة".
ويضيف: "لأن هناك أمراً واحداً نعرفه من التاريخ،وهو أنه خلال أزمة الاقتصاد الكلي، لا يكون أي نظام ديمقراطي في واقع الأمر قادراً على المضي قدماً من حيث التحرير. وأعتقد أن ما يمكننا أن نفعله هو منع الانزلاق إلى الحمائية".
على أية حال، يجادل باسكال لامي، مدير عام منظمة التجارة العالمية، بالقول إن تقدم جولة الدوحة سيكون "أمراً سهلاً" في حل الاضطراب الاقتصادي العالمي، حيث إن معظم البلدان تمر في حالة انكماش فعلياً.
في الوقت الحالي، فإن جولة الدوحة مكتملة بنسبة 80 في المائة، غير أن إتمام نسبة 20 في المائة الباقية لن يكون سهلاً، حسبما يعترف لامي.

رغم ذلك، "هناك أمل، لأنه في ظل هذه الأزمة الاقتصادية، فإن الفكرة بأن زيادة أنظمة التجارة الحرة هذه في اتجاه يجعلها أكثر محاباة للتنمية، كان لها المزيد من القيمة قبل عام أو عامين".
وعلاوة على ذلك، فإن إتمام جولة الدوحة يمثل "الأمل الضئيل الوحيد" للبلدان النامية التي تعتمد على التجارة الدولية.
ويقول لامي: "إن الحل لهذه الأزمة بالنسبة للعديد من البلدان التي لا تملك الكثير من الأموال لإنقاذ البنوك أو الصناعات، هو التأكد من أنها تستطيع مقايضة طريق الخروج من هذه الأزمة".
الحمائية في ازدياد.

#3#

على أية حال، فإن تسعة بلدان رئيسية على الأقل استحدثت تدابير حمائية مثل التعرفات الجمركية، وعوائق غير متعلقة بالتعرفات الجمركية، ومكافحة الإغراق، وتقديم المساعدات إلى الصناعات، وفقاً لتقرير صدر عن منظمة التجارة العالمية ونشر في شهر آذار (مارس). ولكن التقرير يشير إلى أنه لا توجد إشارة على وجود "حمائية مكثفة بشكل عالٍ" واسعة الانتشار.
وفقاً للتقرير، فإن معظم البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية والبالغ عددها 153 بلداً، أبقت ضغوطات الحمائية المحلية تحت السيطرة في بداية هذا العام، ولكن كان هناك منذ ذلك الحين "انزلاق مهم" باتجاهها، حسبما يقول لامي.
رغم ذلك، لم تكن هناك زيادة جذرية في الحمائية على الرغم من وجود "كمية معينة من الميول المتزايدة"، حسبما يقول ناني بيكالي – فالكو، الرئيس، والرئيس التنفيذي، لجنرال إلكتريك إنترناشيونال GE International.
إن الحل، حسبما يقول، هو ابتكار منتجات تريدها السوق، بحيث يتمكن العالم من الخروج بنفسه من الحمائية.
ويأمل بيكالي – فالكو بأن يظهر الاقتصاد العالمي "بطريقة ملائمة إلى حد ما"، لأن في العالم اليوم تجارة دولية أكبر بكثير من حقبة الكساد الكبير إبان ثلاثينيات القرن الماضي. وهناك تعاون أكبر بكثير حالياً بين المؤسسات العامة والمشاريع الخاصة.
على سبيل المثال، أصبحت سلاسل إمدادات العمل عالمية، ويتم تصميم قطع الإنتاج في بعض البلدان، وتصنيعها في بلدان أخرى، حسبما يشير بيكالي – فالكو.

يضيف بيكالي – فالكو قائلاً: "لا يمكن تغيير سلسلة الإمدادات هذه، وتحطيمها خلال فترة قصيرة من الوقت. وسوف يحتاج تغييرها إلى دورة طويلة ، وبناءً عليه فإن الأوقات مختلفة فعلياً". ويشير بيكالي – فالكو أيضاً إلى أن فترات الهبوط الاقتصادي العالمي التي سادت في عامي 1991و 2001، والتي كانت "عميقة وحادة"، ولكن قصيرة، تبعها فترات قوية من النمو الاقتصادي الذي أشعله الابتكار التكنولوجي والعولمة. وبالمثل، فإنه يقول إنه يعتقد أن العالم سوف يمر بعقدين آخرين من النمو بعد أن يخرج من الفوضى الاقتصادية الحالية.
ردد عضو لجنة آخر في القمة، وهو أندريز داهلفيج، الرئيس التنفيذي لسلسلة مصنع الأثاث إكاي، مخاوف بشأن الحمائية التجارية أيضاً، قائلاً إنه كان هناك "تغيير بسيط للغاية" على مر السنين.
وعلى سبيل المثال، حاول داهلفيغ طوال عقد حتى الآن، إقناع روسيا بتخفيض تعريفاتها الجمركية بنسبة 30 في المائة دون طائل. ويشير أيضاً إلى أن القيود التي فرضتها الهند على الملكية الأجنبية الكاملة للشركات تمثل "إجراء حمائياً فعال للغاية". وفي الصين، تحدد الحكومة معايير اختبار للبضائع، وفقاً للمعايير المحلية، وليس المعايير الدولية.
وتشتمل الأشكال الأخرى من الحمائية، حسبما يقول داهلفيغ، على الفساد، والروتين البيروقراطي، وهي قضايا محلية رئيسية.
التحيز التجاري، و "التعصبية الجديدة".
في الأحوال كافة، فإن التهديدات بالانتقام تخفف من الحمائية، حسبما يقول بهاغواتي من جامعة كولومبيا. ولكن حيث إن تدابير الحمائية يمكن أن تنتهك بشكل مباشر قوانين منظمة التجارة العالمية، أو تستغل الفجوات، فإن إتمام جولة الدوحة "مهم للغاية" في تعزيز الأنظمة متعددة الأطراف، وزيادة مصداقية قوانين منظمة التجارة العالمية.
ويقول بهاجواتي إن الحكومات تستغل الفجوات القائمة حالياً في منظمة التجارة العالمية من خلال تقديم المساعدات إلى الصناعات وفرض تدابير موازية.
انتقد بهاجواتي أيضاً قيام الحكومة الأمريكية بإنقاذ شركات صناعة السيارات الأمريكية، واصفاً إياها بأنها "متحيزة" لأن التمويل لم يقدم إلى شركات صناعة السيارات الأجنبية التي لديها مصانع إنتاج في الولايات المتحدة.

حتى أن الرئيس أوباما لم يقل شيئاً بشأن مثل ذلك التحيز التجاري، حسبما يشير بهاغواتي. ويقول: "لا يوجد سياسي أو رجل دولة يواجه الأمر حقيقة ويقول ’إن هذا يقوض النظام‘".
ويحذر بهاجواتي كذلك من "التعصبية الجديدة" التي "تسيطر على الوضع بسبب الضغوط والقلق"، حيث يريد الناس طرد العمال الأجانب أولاً، وتعيينهم في الأخير. وعلى سبيل المثال، فإن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مضى إلى حد أنه طلب من الشركات الفرنسية في الخارج "أن تعود إلى الوطن"، حسبما قول بهاجواتي.
ويضيف: "أعتقد شخصياً أن هناك حجماً هائلاً من الضغوط على المجتمع المفتوح‘، وهو أمر ضد الإنتاجية بشكل حاد".

الأكثر قراءة