لاجارد: التضخم وحش نحتاج إلى إيقافه

لاجارد: التضخم وحش نحتاج إلى إيقافه
تأسف لاجارد للاعتماد على نماذج التنبؤ الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي التي تُظهر أن التضخم كان مؤقتاً وسيعود قريباً إلى هدفه.
لاجارد: التضخم وحش نحتاج إلى إيقافه
توسع اقتصاد منطقة اليورو 0.1 في المائة في الربع الأول من العام الحالي وهو أضعف من المتوقع إلا أنه تحسناً عن الركود في نهاية 2022.

طلب زوج كريستين لاجارد منها التوقف عن تغيير وظيفتها، تحب رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن تمزح، لأنه في كل مرة تبدأ فيها وظيفة جديدة، يبدو أن أزمة كبيرة تتبعها.
بعد فترة وجيزة من توليها منصب وزيرة المالية الفرنسية في 2007، وجدت نفسها تتعامل مع الأزمة المالية العالمية التي نالت الاستحسان بسببها في النهاية.
وبعد تعيينها رئيسة لصندوق النقد الدولي في 2011، تصاعدت أزمة الديون في منطقة اليورو. ورغم الانتقادات المبكرة لانحيازها لسياسات التقشف التي تقودها ألمانيا، إلا أنها كانت موضع إعجاب لمهاراتها الدبلوماسية الهادئة، ولعبت دورا رئيسا في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن خطة الإنقاذ اليونانية لـ2012 التي أنقذت اليورو.
في الأعوام الثلاثة والنصف التي مرت منذ توليها المسؤولية في البنك المركزي الأوروبي، تعرض الاقتصاد الأوروبي لسلسلة من الكوارث، بما في ذلك جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية. لكن الآراء متباينة حول ما إذا كانت تقوم بعمل جيد في الاستجابة للأزمات.
في الأسابيع القليلة الماضية، تحدثت "فاينانشيال تايمز" إلى عشرات الأعضاء الحاليين والسابقين في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الذي يحدد أسعار الفائدة، إضافة إلى كثير من الاقتصاديين، والممولين والمحللين الذين يتابعون البنك المركزي من كثب.
يثني معظمهم على لاجارد لإعادة بناء الوحدة بين صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي ومنع الصدمات الاقتصادية الأخيرة من التحول إلى أزمة مالية. لكن المنتقدين يشكون من افتقارها إلى الخبرة الاقتصادية، حيث تأخرت في استجابتها للتضخم المرتفع وينبغي أن تتواصل بشكل أكثر وضوحا.
كما تم إلقاء اللوم على الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا في السماح للتضخم بالارتفاع فوق هدفيهما البالغين 2 في المائة إلى أعلى المستويات منذ دوامة الأسعار التي نجمت عن صدمات النفط في السبعينيات. لكن البنك المركزي الأوروبي كان أبطأ من الاحتياطي الفيدرالي أو بنك إنجلترا في بدء رفع أسعار الفائدة أو سحب التحفيز النقدي الهائل الذي استخدمه طيلة معظم العقد الماضي، ما جعله أكثر عرضة للهجوم.
يقول سبيروس أندريوبولوس، الخبير الاقتصادي في البنك الفرنسي بي إن بي باريبا الذي عمل لدى البنك المركزي الأوروبي حتى 2018 "بالنظر إلى أنه مؤسسة مستقلة، يعد تحقيق هدفه جزءا كبيرا من مسؤوليته، لذا فإن الأخطاء الكبيرة بشكل حتمي تمثل مشكلة حتى في ظل الظروف الاستثنائية. لم يصدر الحكم بعد، قد يعتمد الحكم النهائي على ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي سيضطر إلى تصميم ركود لخفض التضخم".
لكن إلى حد ما، لاجارد في منطقة مألوفة. إذ منذ تخلت عن مهنتها الناجحة في إدارة شركة المحاماة الأمريكية، بيكر ماكنزي، لتصبح وزيرة في حكومة بلدها الأصلي فرنسا في 2005، واجهت انتقادات جارحة مبكرة قبل أن يتم دفعها إلى قلب الحدث للمساعدة على تبديد الأزمة العالمية. يعتقد بعض المحللين أن هناك تمييزا على أساس الجنس وراء انتقاداتهم، ولا سيما من المستثمرين. يقول أحدهم "معظم المشاركين في السوق المالية رجال. وهذا يفسر الانتقادات جزئيا".
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان الشخص القائم على حل المشكلات الأوروبية يواجه حريقا يستحيل إخماده بسرعة؟
قالت مازحة خلال نقاش أخير مع طلاب مدرسة بوليتكنيك في باريس "لا أعتقد أنني من تسبب في الأزمات"، متذكرة كيف توقف المنافسون عن دعوتها إلى الاستقالة من منصب وزيرة المالية الفرنسية عقب انهيار بنك ليمان براذرز في أيلول (سبتمبر) 2008. "من الشائع جدا عندما يكون الوضع معقدا للغاية، أن نكون سعداء لإعطاء زمام الأمور لامرأة".

لعبة اللحاق بالركب

في البنك المركزي الأوروبي، يقول الأشخاص المقربون من لاجارد "إنها مصممة على إثبات خطأ المشككين عبر ترويض التضخم وإعادة اقتصاد منطقة اليورو إلى حالة من التوازن". لم تتمكن لاجارد من التعليق على هذه القصة لأن البنك المركزي الأوروبي سيجتمع هذا الأسبوع ويتجنب المسؤولون الإدلاء بتصريحات عامة قد تؤثر في توقعات قرارات السياسة النقدية.
قد تبدو غير راضية عن البنك. نظرا لأنها كافحت من أجل إتقان اللغة الألمانية منذ وصولها إلى فرانكفورت، التي تم إغلاقها جزئيا بسبب الجائحة خلال أول عامين لها هناك، غالبا ما تقضي وقت فراغها مع عائلتها في وطنها في فرنسا.
كما تفتقد لاجارد واشنطن. إذ استمتعت بوظيفتها في صندوق النقد الدولي التي كانت تتطلب السفر عالميا أكثر من دورها الجديد في البنك المركزي الأوروبي، وتعد العاصمة الأمريكية موطنا ثانيا بعد أن أمضت عاما هناك في سن المراهقة في برنامج التبادل الطلابي الأمريكي.
"صندوق النقد الدولي يفتقدها وأعتقد أنها تفتقد صندوق النقد الدولي"، هذا ما قاله ممول كبير يعرف لاجارد منذ أن كانت مقيمة في الولايات المتحدة الذي تناول الغداء معها أخيرا في مقر البنك المركزي الأوروبي المكون من برجين توأمين لا يزال نصفهما فارغا في المركز المالي الألماني. "تبدو وحيدة، حيث تقطن في ذلك البرج الكئيب الكبير دون وجود أي أحد حولها".
يقول المطلعون "إن لاجارد تأسف للاعتماد لفترة طويلة على نماذج التنبؤ الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي والتي كانت تظهر أن التضخم كان مؤقتا وسيعود قريبا إلى هدفه". كما تتمنى لو تخلى عن قيود "التوجيهات المستقبلية" التي وضعها سلفها ماريو دراجي، التي أخرت رفع أسعار الفائدة حتى توقف البنك المركزي عن شراء مزيد من السندات في حزيران (يونيو) 2022.
نتيجة لهذه الخطوات الخاطئة، قرر البنك المركزي الأوروبي الاعتماد بدرجة أقل على توقعاته، التي قللت باستمرار من مدى ارتفاع التضخم، وإلغاء كثير من التوجيه الرسمي الذي قدمه بشأن تحركات السياسة المستقبلية.
لكنه التزم بإيلاء مزيد من الاهتمام إلى ما إذا كانت الأسعار الأساسية، باستثناء الطاقة والغذاء، تتباطأ وإلى أي درجة تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى الضغط على الإقراض المصرفي والنشاط الاقتصادي، لتحديد تحركاته التالية بشأن سعر الفائدة.
تعني هذه التغييرات أن البنك المركزي الأوروبي قد تحول من كونه واحدا من أكثر البنوك المركزية تساهلا في العالم -فقد كان واحدا من عدد قليل من البنوك التي خفضت أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر في العقد الأول من القرن ال21- إلى كونه أحد أكثر البنوك تشددا: من المتوقع أن يستمر في رفع أسعار الفائدة لفترة أطول من الاحتياطي الفيدرالي أو بنك إنجلترا.
يقول أوتمار إيسينج، أول رئيس للخبراء الاقتصاديين للمؤسسة عندما تم إنشاؤها في 1998 "ارتكب البنك المركزي الأوروبي أحد أسوأ أخطاء التنبؤ بالتضخم على الإطلاق. لقد كان تحذيرا قاسيا، لكن منذ ذلك الحين تراجع وتمكن من اللحاق بالركب بسرعة. عليك أن تنسب الفضل إليهم في ذلك".
بعد أن رفضت الارتفاع في أسعار المستهلكين في منطقة اليورو في أواخر 2021 باعتباره "عقبة" ستمر قريبا دون الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة، تبنت لاجارد موقفا أكثر تصميما منذ أن دخلت الدبابات الروسية أوكرانيا، ما تسبب في أزمة طاقة وأسعار مرتفعة من رقمين. ووصفت هذا العام التضخم بأنه "وحش نحتاج إلى إيقافه".
رفع البنك المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض بمعدل غير مسبوق، ورفع سعر الفائدة على الودائع من 0.5 في المائة تحت الصفر في تموز (يوليو) الماضي إلى 3 في المائة الشهر الماضي. وفي اجتماعه في فرانكفورت في 4 أيار (مايو)، من المتوقع على نطاق واسع أن يوافق مجلس الإدارة على زيادة أخرى.
تقول ماريا دمرتزيس، أستاذة السياسة الاقتصادية في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا "لقد تأخروا كثيرا في التصرف عندما بدأت الحرب الأوكرانية، وارتفعت أسعار الطاقة، ولم يكن هناك شك في أن التضخم سيترسخ. لذا، يلعبون الآن لعبة اللحاق بالركب ولا يمكنهم التراجع بسهولة".
يكمن القلق بالنسبة إلى بعض المحللين في أنه بعد أن تم انتقاده لبطئه الشديد في الاستجابة للتضخم، سيرفع البنك المركزي الأوروبي الآن أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى من اللازم. ويحث أعضاء المجلس المتساهلين المجلس على التحرك بحذر، محذرين من أن زياداته أسعار الفائدة تؤثر فقط في التضخم بتأخر لمدة عام على الأقل. ويقول أحدهم "لن نعرف إلا في غضون ستة أشهر إذا فعلنا ما يكفي".
تقول سيلفيا أرداجنا، كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في بنك باركليز البريطاني "لأنهم تعرضوا لانتقادات شديدة بسبب بدايتهم المتأخرة، ولأنهم بشر مثلنا، فقد يردون بشكل مبالغ فيه. وظيفتهم ليست سهلة على الإطلاق".
يعتقد بعض المحللين أن المجلس سيبطئ وتيرة رفع أسعار الفائدة إلى ربع نقطة مئوية هذا الأسبوع، ما يعكس حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن سرعة انخفاض التضخم. لكن إيزابيل شنابل، العضو الأكثر تشددا في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي التي أصبحت صوتا مؤثرا في السياسة، قالت "إنه يمكن أن يتمسك برفع الفائدة نصف نقطة إذا كانت البيانات تدعم ذلك".
قد يتوقف حجم تحرك هذا الأسبوع على الأرقام التي سيتم نشرها الثلاثاء، التي تظهر مسار التضخم في منطقة اليورو في نيسان (أبريل) إضافة إلى ما أخبرت البنوك في الكتلة البنك المركزي الأوروبي بشأن خطط الإقراض في أحدث مسح له للقطاع.
يراقب محافظو البنوك المركزية سلوك البنوك من كثب بسبب الاضطرابات الأخيرة في القطاع التي أدت إلى انهيار بنك وادي السيليكون في الولايات المتحدة ودفعت بنك كريدي سويس إلى أحضان منافسه بنك يو بي إس. وأثبتت البنوك في منطقة اليورو حتى الآن أنها قادرة على الصمود في وجه التوتر، رغم الانخفاض المثير للقلق لكن قصير الأجل في أسهم بنك دويتشه في أواخر آذار (مارس).
لكن من المرجح أن تؤدي حالة الاضطراب إلى مضاعفة تقلص معروض الائتمان الذي بدأ بالفعل استجابة لارتفاع تكاليف الاقتراض، ما أدى إلى انخفاض قياسي في الطلب على قروض الرهن العقاري في منطقة اليورو في الأشهر الأخيرة من العام الماضي. ويقول الاقتصاديون "إن هذا سيبطئ النشاط الاقتصادي ويقلل من التضخم، ويخفض مقدار الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة التي يحتاج البنك المركزي الأوروبي إلى القيام بها".
يقول لورنزو بيني سماجي، رئيس مجلس إدارة البنك الفرنسي سوسيتيه جنرال وعضو المجلس التنفيذي السابق للبنك المركزي الأوروبي "بعد صدمة ما حدث، ستكون البنوك أكثر حذرا اليوم. ما يقلقني هو أنه إذا استمر البنك المركزي الأوروبي في الضغط على النظام المالي أكثر من اللازم، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة ائتمانية".
إن معظم هذه المخاوف لا تلقى آذانا صاغية بين واضعي أسعار الفائدة في منطقة اليورو، الذين دفعوا إلى رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في مارس بعد أسبوع واحد فقط من انهيار سيليكون فالي بنك وبينما كان بنك كريدي سويس لا يزال عالقا في محادثات بشأن صفقة إنقاذ.
يقول أحد أعضاء مجلس البنك المركزي الأوروبي "تميل هذه البنوك إلى المبالغة في أهميتها الخاصة وتفترض أننا نلعب بما يناسبها. لا أرى أن هذه المخاوف قد تقنعنا بتقليل التركيز على مكافحة التضخم".

نظرية البومة

يعكس هذا الموقف القوي قرار لاجارد بالنأي بنفسها عن الأسواق المالية أكثر من سلفها دراجي، الذي نال استحسان المستثمرين لوعده بفعل "كل ما يتطلبه الأمر" لإنقاذ اليورو خلال أزمة الديون قبل عقد من الزمان.
يقول ستيفان جيرلاش، النائب السابق لمحافظ البنك المركزي الأيرلندي والذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في البنك السويسري إي إف جي "يبدو أن البعض في البنك المركزي الأوروبي يعتقدون أن ما يحدث في الأسواق المالية لا يهم حقا. لكنني أعتقد أنهم يقللون من شأن هذه المخاطر ويمكن أن ينتهي ذلك بشكل سيئ".
أحدث فتور لاجارد تجاه الأسواق المالية علاقة غير ودية مع المحللين والمستثمرين، الذين يندبون في مجالسهم الخاصة افتقارها إلى التدريب الاقتصادي، والاتصالات الغامضة وحتى ميلها إلى قراءة البيانات الرسمية ردا على الأسئلة في المؤتمرات الصحافية.
يقول بعض الزملاء "إن رئيسة البنك المركزي الأوروبي قد انزعجت من الانتقادات اللاذعة". وقد أشارت إلى أنه لا جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي ولا أندرو بايلي محافظ بنك إنجلترا درسا الاقتصاد.
بينما حصل دراجي على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، شاهدت لاجارد مقاطع فيديو لسلفها لتجد أنه كان يقرأ من بيانات معدة مسبقا على الأقل بقدر ما تفعل. ويرى بعض مراقبي البنوك المركزية ازدواجية المعايير المبنية على الجنس في العمل.
إدراكا منها أنها لن تكون قادرة على السيطرة على النقاشات حول السياسة النقدية، اختارت لاجارد أسلوب قيادة مختلف عن دراجي. متجنبة تسميات مثل "التشديد" أو "التساهل"، وتصف نفسها بأنها "بومة" تجلس فوق النزاع لجلب واضعي أسعار الفائدة ذوي المواقف المتباينة معا إلى قرار سياسي مشترك ومن ثم شرحه.
يقول إريك نيلسن، كبير المستشارين الاقتصاديين في بنك يوني كريدت الإيطالي "إن لاجارد لا تقود بالطريقة نفسها، بل يبدو أنها تدير المجلس الحاكم. ليس لديها فكرة مسبقة عن الاتجاه الذي تتجه نحوه، لديها أذن سياسية جيدة بشكل استثنائي، وتفهم مشاعر الحاضرين وتتمكن من جعلهم يتخذون قرارا".
كانت روح الفريق مفقودة عندما تولت لاجارد زمام الأمور في البنك المركزي الأوروبي. وهاجم عديد من أعضاء المجلس علنا قرار خفض أسعار الفائدة واستئناف شراء السندات في أحد اجتماعات مجلس دراجي الأخيرة.
أثنى أعضاء المجلس على قدرة لاجارد على كسب دعم واسع للتسويات التي تم وضعها بعناية حتى لو لم يتفقوا دائما مع كل عنصر فيها. قال يواخيم ناجل، رئيس البنك المركزي الألماني لـ "فاينانشيال تايمز" أخيرا "كريستين لاجارد تقوم بعمل ممتاز. فهي توفق بين الأشخاص ذوي وجهات النظر المختلفة للتوصل إلى قرارات جيدة بشأن سياسة نقدية مشتركة".
ومن أجل بناء الوحدة، تجري لاجارد مكالمة منتظمة مع رؤساء البنوك المركزية الألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والهولندية لمناقشة التحركات الكبيرة قبل كل اجتماع للسياسة، بينما تتصل هي أو فيليب لين كبير الاقتصاديين لديها أيضا بـ15 من المحافظين الوطنيين الآخرين.
لكن بعض أعضاء المجلس يعتقدون أن دافعها إلى التآزر يخفي التحولات الحادة في نقاشهم. وقال بيير وونش، رئيس البنك المركزي البلجيكي لـ"فاينانشيال تايمز" "هناك مجال للنقاش في حال كان هناك كثير من الإجماع. أعتقد أن ذلك يقصي المعلومات ذات الصلة من السوق".
يقول مراقبو البنك المركزي الأوروبي "إن هذا يفسر جزئيا سبب مفاجأة لاجارد للسوق في بعض الأحيان". يقول ينس آيزنشميت، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك مورجان ستانلي الأمريكي الذي عمل في البنك المركزي الأوروبي حتى العام الماضي "من الصعب التواصل بصوت واحد عندما تكون هناك مجموعة كاملة من وجهات النظر هناك. إذ يجعل هذا من الصعب على السوق معرفة الخطوات التالية ويمكن جراء ذلك أن تتأثر دقة الاتصال".

معرفة وقت التوقف

كلما اقترب البنك المركزي الأوروبي من وقف زيادات الفائدة مؤقتا، يصبح من الصعب على لاجارد أن تحافظ على الوحدة. فقد كان هناك عدد قليل من المعارضين القلقين في مارس من أن رفع أسعار الفائدة كان مخاطرة بسبب الاضطرابات المصرفية. وتعرض قراره النهائي للهجوم من قبل السياسيين الإيطاليين اليمينيين والمسؤولين النقابيين الأوروبيين ذوي التوجهات اليسارية.
يقول سفين جاري ستيهن، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك جولدمان ساكس الأمريكي "كان من السهل نسبيا الاتفاق على الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة إلى المستويات الحالية، لكن سيكون من الصعب تحقيق الإجماع، لأن لديك الآن مزيدا من التيارات المتقاطعة".
وهو يتوقع أن تستخدم لاجارد مجموعة من الأدوات الأخرى لكسب الدعم لقرارات الفائدة، مثل الالتزام بمزيد من الرفع، أو التعهد بعدم تخفيضها لفترة بعد التوقف المؤقت، أو الموافقة على تسريع تقليص الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي.
توسع اقتصاد منطقة اليورو 0.1 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، وهو أضعف من المتوقع إلا أنه يعد تحسنا عن الركود في نهاية 2022. ويقول الاقتصاديون "إن هذا الانتعاش، على الرغم من صدمة الطاقة في العام الماضي والارتفاع الحاد في تكاليف الاقتراض، يعكس بناء فائض من المدخرات أثناء الجائحة، وتعزيزا من الدعم الحكومي السخي وانتعاش التجارة العالمية".
بينما انخفض التضخم الرئيس لمدة خمسة أشهر متتالية منذ أن ارتفع إلى مستوى قياسي في منطقة اليورو عند 10.6 في المائة في أكتوبر، إلا أن مرونة الاقتصاد إلى جانب ارتفاع هوامش الربح وأجور العمل حافظت على ارتفاع ضغوط الأسعار الأساسية بعد استبعاد الطاقة والغذاء.
يتعاطف محافظو البنوك المركزية المخضرمون مع التحدي الذي يواجهه البنك المركزي الأوروبي المتمثل في تحديد موعد التوقف عن رفع أسعار الفائدة، الذي يتوقعون من خلاله اختبار مهارات لاجارد القيادية إلى أبعد حدودها.
يقول إيسينج، أحد المؤسسين لمنطقة اليورو "لدينا حرب في أوكرانيا، والعولمة تباطأت، وسلاسل التوريد تتغير، على سبيل المثال لا الحصر. إنها حالة شديدة من عدم اليقين، التي يصعب جدا تفسيرها بشكل صحيح. هناك خطر المبالغة فيها، لكن خطر السماح للتضخم بالارتفاع سريعا والخروج عن السيطرة أكثر أهمية".
كابشن:
تحول البنك المركزي الأوروبي من كونه واحدا من أكثر البنوك المركزية تساهلا في العالم إلى كونه أحد أكثر البنوك تشددا
أثبتت البنوك في منطقة اليورو أنها قادرة على الصمود في وجه التوتر حتى الآن رغم بعض الانخفاض المثير للقلق

سمات

الأكثر قراءة