انهيار بنك وادي السيليكون يكشف مخاطر تجارة المناقلة

انهيار بنك وادي السيليكون يكشف مخاطر تجارة المناقلة

عندما انزلق بنك وادي السيليكون في دوامة الموت الأسبوع الماضي، أصبح بيتر ثيل، فجأة في دائرة الشهرة لدى عامة الناس ووسائل الإعلام. السبب أن صندوقه، فاوندرز فند، سحب حساباته التجارية من بنك وادي السيليكون. أدى ذلك إلى اتهامات غاضبة بأن ثيل وغيره من أصحاب رأس المال المغامر تسببوا في حالة هلع وتهافت من عملاء البنك لسحب ودائعهم.
هذا يثير كثيرا من التشهير والطعن في السمعة، لكن هناك تعقيدا آخر غير معروف يتعين على المستثمرين ملاحظته أيضا. قال لي ثيل دفاعا عن نفسه "كان لدي 50 مليون دولار من أموالي الخاصة عالقة في بنك وادي السيليكون". من الواضح أنه فشل في الهروب بسرعة كافية -بغض النظر عما فعله "فاوندرز فند"- لأنه لم يدرك أو يصدق تماما أن بنك وادي السيليكون يمكن أن يفشل.
وهو ليس الوحيد الذي يشعر بالارتباك. في الوقت الذي تعاني فيه صناعة التمويل مما يسميه لاري فينك، الرئيس التنفيذي لصندوق بلاك روك، أزمة تآكل ثقة "تدريجي"، ما أدى إلى تدمير بنوك مثل كريدي سويس وفيرست ريبابليك، أصبحت ثلاث نقاط حاسمة واضحة.
الأولى هي أن الأحداث حول بنك وادي السيليكون كانت أقرب إلى تفجير "تجارة المناقلة" العملاقة. هذه هي العبارة التي يستحضرها المتداولون الماليون عندما يقترضون بثمن بخس في أصل واحد "مثلا، عملة أو سند قصير الأجل" للاستثمار في عملة أو سند ذي عائد أعلى "عملة مختلفة أو أداة أطول أجلا".
نادرا ما يصف المصرفيون أنفسهم بأنهم تجار مناقلة مسعورون، إنهم يفضلون الاعتقاد أن البنوك تقوم بتحويلات آجال استحقاق محكومة بعناية "أي تحويل الودائع إلى قروض" لعملائها، مع إدارة الالتزامات المترتبة على الأصول.
لكن تحويل الاستحقاق يقع في قلب الأعمال المصرفية، وقد قام بنك وادي السيليكون بذلك بطريقة متطرفة لدرجة أنه كان مشابها جدا لتجارة المناقلة. وعلى وجه الخصوص، كان لدى البنك ودائع بقيمة 180 مليار دولار وفرت تمويلا رخيصا، لكن من المحتمل أن يكون قصير الأجل "ومتقلبا". ونظرا لأن الطلب على القروض كان ضعيفا، فقد اشترى سندات طويلة الأجل ولم يتحوط لها بسبب غبائه.
لقد حقق ذلك أرباحا كبيرة لفترة. فعادة ما تحقق تجارة المناقلة ذلك. لكن عندما انعكس منحنى العائد العام الماضي، نتج عن ذلك خسائر. وعندما أدرك المودعون في النهاية الأمر، هرب بعضهم "لم يكن ثيل بينهم".
النقطة الرئيسة الثانية هي أن بنك وادي السيليكون لم يكن البنك الوحيد المنخرط في تجارة المناقلة. عديد من البنوك الأمريكية الأخرى تعرضت لضربة كبيرة في حيازاتها من السندات. في الواقع يبلغ إجمالي خسائر الأوراق المالية غير المحققة للبنوك الأمريكية أكثر من 650 مليار دولار على الورق. حثت الجهات التنظيمية الأمريكية البنوك على شراء هذه الأصول التي يفترض أنها "آمنة" في الأعوام الأخيرة وفرضت التزامات لوائح سيولة أكثر تساهلا على صعيد مطابقة الأصول/المطلوبات، مقارنة بأوروبا. لقد كان ذلك أيضا غير حكيم.
وتمتد المشكلة إلى ما وراء البنوك. حذر محللو "جيه بي مورجان" الأسبوع الماضي من أن "هناك عديدا من اتفاقيات تجارة المناقلة (في النظام) ولا يمكن إنقاذها جميعا". العقارات التجارية، مثلا "كانت استثمارا جيدا بأسعار فائدة صفرية"، لكن ليس عندما ترتفع أسعار الفائدة. هذا أمر سيئ بشكل خاص عندما يتم تمويل العقارات التجارية برأسمال سهل الانتقال بين الأسواق والبلدان، كصناديق الاستثمار العقاري. "هذا هو السبب في فرض مجموعات مثل بلاكستون قيودا على عمليات سحب الأموال من بعض صناديق الاستثمار العقاري أخيرا".
وبشكل مشابه، بينما يكون أداء الأسهم الخاصة ورأس المال المغامر جيدا بأسعار فائدة منخفضة، يمكن أن تسوء الأمور بشكل فظيع مع ارتفاعها، وإن كان ذلك بسرعة أقل لأن جزءا من التمويل محجوز وهناك قدر أقل من الشفافية.
راي داليو، مؤسس صندوق بريدجووتر أسوشييتس للتحوط، يقول "إن هذا الفشل المصرفي إشارة تحذيرية لدورة متغيرة. كان الألم في 2008 كبيرا في العقارات السكنية، وهو الآن في مشاريع التدفق النقدي السلبي وشركات الأسهم الخاصة وكذلك شركات العقارات التجارية".
مع ذلك، النقطة الحاسمة الثالثة هي أن حجم تفكيك تجارة المناقلة هذه يصعب على معظم المتفرجين تقديره. يبدو أن المودعين، مثل ثيل، كانوا يتجاهلون بشكل خاص المخاطر التي تلوح في الأفق في بنك وادي السيليكون، على الرغم من أنها أثيرت من قبل "فاينانشيال تايمز" وغيرها مسبقا. ربما يرجع هذا إلى أن التكنولوجيين يميلون إلى افتراض أن علوم الكمبيوتر في القرن الـ21 أكثر إثارة للاهتمام بشكل لا نهاية له، مقارنة بقضايا كإدارة النقد أو كفاية رأس المال. فهم يركزون فقط على البنوك عندما يأملون في تعطيلها بتطبيقات ذكية أو تشفير.
لكن قطاع التكنولوجيا لم يكن وحده الساذج. فعقد من الأموال الرخيصة بشكل جنوني جعل عديدا من المستثمرين يفترضون أن معدلات الفائدة المنخفضة شيء عادي. وأصبحت تجارة المناقلة أمرا طبيعيا لدرجة أنها مرت دون أن يلاحظها أحد، إلى أن انفجرت.
بالطبع، قد يشير المتهكمون إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة يمكن أن تعود إذا أنهى الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد لتجنب حدوث أزمة مالية. ففي النهاية، توقف بول فولكر الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، عن رفع أسعار الفائدة في عام 1984 عندما انهار بنك إلينوي كونتينينتال.
وعلى العكس، قد يؤدي ركود عالمي إلى انخفاض أسعار الفائدة في الأسواق أيضا. إذا كان الأمر كذلك، فإن الشيء التالي الذي ينبغي للمستثمرين والمصرفيين القلق بشأنه ليس فقط خطر أسعار الفائدة، بل خطر الائتمان، بمعنى خطر إفلاس المقترضين بشكل جماعي.
لكن في الوقت الحالي تجارة المناقلة هي التي تحتاج بشدة إلى التفكير فيها. فقبل كل شيء، كما يشير فينك، هذا هو "ثمن عقد من الأموال السهلة". أو بعبارة أقل لباقة، انهيار بنك وادي السيليكون هو نتيجة ترك الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية فضفاضة للغاية لفترة طويلة جدا، حتى مع إزالة بعض تنظيمات البنوك الأمريكية.
ربما لن يؤذي ذلك ثيل، فقد تمت حماية ودائعه البالغة 50 مليون دولار، كودائع بنك وادي السيليكون "بشكل مثير للجدل". لكن المستثمرين المعرضين لاتفاقيات تجارة مناقلة أخرى قد لا يحالفهم الحظ. توقع منهم أن يشعروا بالغضب.

الأكثر قراءة