الكساد يضائل اهتمام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية

الكساد يضائل اهتمام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية

بينما الكساد في أوجه، ولا توجد علامات على خلاص مؤقت منه في الأفق، فقد يتوقع المرء تضاؤل الاهتمام بمسؤولية الشركات الاجتماعية، أو ربما أن تموت ميتة طبيعية. ولكن الأمر ليس على ذلك النحو، كما جاء عن كريج سميث، الأستاذ في مجال الأخلاقيات والمسؤولية الاجتماعية، وعضو في مجلس إدارة انسياد، وهو يعتقد أن المسؤولية الاجتماعية للشركات لم تكن بهذا القدر من البروز في أجندة الشركات من قبل.
وأوضحت الأزمة المالية، وتأثيراتها في الاقتصاد العالمي، كما يقول، إن استقرار نظام الأسواق العالمية يعتمد على السلوك المسؤول، ونماذج النشاط العملي المستدامة، والإدارة الفعالة لتأثيرات النشاط العملي في المجتمع، وكذلك أطر العمل التشريعية.
إن سميث هو مؤلف مشارك للكتاب الجديد بعنوان «تعميم مسؤولية الشركات - Mainstreaming Corporate Responsibility»: حالات ونصوص عن دمج مسؤولية الشركات في أرجاء منهاج الدراسة في كليات الأعمال – Cases and Text for Integrating Corporate Responsibility across the Business School (يصدر قريباً عن دار نشر ويلي 2009)، حيث يؤيد تعميم مسؤولية الشركات الاجتماعية في منهاج دراسة كليات الأعمال، وهي تشمل الاستراتيجية، والمحاسبة، وروح المبادرة، والتسويق، والمالية.
وهو يوضّح كذلك أن الكتاب يحاول فعلياً أن يشرح ما يقوم به كثير من النشاطات العملية ضمن كليات الأعمال، كما أنه يوافق على أن مسؤولية الشركات الاجتماعية «لا يمكن أن تكون ببساطة متربصة بمنهجية «النشاط العملي كالمعتاد»، ولكن بدلاً من ذلك لابد أن تكون جزء لا يتجزأ من عمليات الشركة اليومية».
فصل عن الواقع

في هذا الكتاب، يعود سميث إلى أفكار الراحل سومانترا جوسال، وهو أستاذ في الاستراتيجية، ومرجع بارز في حقل الإدارة، حيث بكل صراحة أن مناهج الاستراتيجية السائدة، والمالية، والاقتصاد، منفصلة عن المنطق الأخلاقي الدلالات الاجتماعية الضمنية، وبالتالي كانت بحاجة إلى أن يتم كشف القناع عنها كسبب جذري للعجز الأخلاقي في مناهج الأعمال التعليمية.
ويضيف سميث، أنه والمؤلف المشارك، جيلبرت لنسن، يؤمنان بوجهة النظر بأنه لا حاجة إلى أن تتبنى الكليات حجم تغيير راديكالي كبير، ولكن تغييراً كمياً بالأحرى؛ وهو تغيير يعطي قدراً أوفى لما تتمحور حوله النشاطات العملية. «مقارنة بوجهة نظر جوسال، فإننا نقول إنه ربما كان هنالك قدر كبير من الاهتمام ينصب على مضاعفة قيمة المساهم، ولا يوجد ما يكفي من الاهتمام المنصب على الأهداف الأوسع للشركة، وكذلك الفرضيات والأساسيات الأيديولوجية التي تتماشى مع وجهة نظر مضاعفة قيمة المساهم».
إن مضاعفة قيمة المساهم، بالطبع، فكرة تتسم بتبعات جوهرية، ولكنها لا تخلو من القيود. «إن الأحداث الأخيرة تشير كما يبدو إلى أن الشركات، أو المديرين، على الأقل، لم يعملوا على مضاعفة قيمة المساهم. فقد شهدنا إحدى أكبر الخسائر في قيمة المساهم خلال الأوقات الأخيرة، إن لم تكن أكبر الخسائر على الإطلاق في قيمة المساهم، حيث كما يفترض زعماً بأنه لابد للمديرين أن يصبوا اهتمامهم على مصالح المساهمين... وهذا السلوك غير المسؤول اجتماعياً له صدى أكبر، ولهذا نعاني بأكملنا الآن في المحصلة».
ضد القديم ومع الجديد

مع قول ذلك، لم يكن هنالك وقت أفضل من الآن لإعادة التجمّع، وينصح سميث بالتخلص من الفكرة القديمة بأن برامج مسؤولية الشركات متكيفة مع العلاقات العامة، ومصممة «من أجل تعزيز النية الحسنة كنوع من سياسة التأمين، بحيث يمكن استرداد قيمتها في حالة حدوث أمر خطأ فيما يتعلق بجوهر النشاط العملي».
ويضيف أن منهجية الشركات غير المقترنة بمسؤولية الشركات، حيث تضفي طابعاً من الانسجام مع العمليات المسؤولة اجتماعياً، والنتائج، بحاجة إلى أن تُفسح طريقاً لسياسة موحدة تؤثر في اتخاذ القرارات اليومية، وإجراءات المؤسسة، على كافة المستويات.
تلك كما يوضّح هي النقطة الأساسية لفرض الاتجاهات السائدة، حيث تتطلب فهماً جيداً لحالة النشاط العملي، وكذلك الحالة التي تسمح للنشاط العملي في بالانخراط بجدية مع مسؤولية الشركات بما يفوق مضاعفة الربح التي نشأنا عليها.
إن التعميم، على أية حال، جيد كما يبدو على الورق، ويترافق مع التحديات، ويتطلب عملية من التغيّر الناشئ المخطط له.
ويكشف الكتاب أن شل، على سبيل المثال، المعروفة كرائدة في مجال مبادرات الاستدامة للشركات، واجهت مهمة مروعة في تعميم الاستدامة كاتجاه سائد، حيث تطلب الأمر نوعاً من الترابط المتعلق «بالمعدات» والترابط المتعلق «بالبرمجيات».
ويوضّح سميث أن الترابط المتعلق بالمعدات يدور حول اندماج مسؤولية الشركات مع الأنظمة ، والعمليات، والهيكلة التنظيمية، «أي دماغ الشركة». أما الترابط المتعلق «بالبرمجيات»، من ناحية أخرى، فيدور حول الاندماج بين الثقافة، ، والمهارات، والكفاءات التنظيمية، «أي قلب الشركة». ومن الواضح، أن تعميم الاتجاهات السائدة عن طريق تحوّل الشركة ليس بالأمر السريع أو السهل.

استثمار سليم

إن الميزة هي أن المزيد من الشركات بدأت تدرك أن مسؤولية الشركات، والاستدامة مرتبطتان بالقدرة التنافسية؛ ويمكن أن تكون الاستدامة هي التغيّر الجذري اللاحق الذي ستكون النشاطات العملية بحاجة إلى التكيّف معه.
لدى متجر ماركس آند سبنسر، على سبيل المثال، برنامج للاستثمار حتى 200 مليون جنيه استرليني لوضع نفسه في موضع متجر بيع التجزئة الأكثر صداقة للبيئة. ووفقاً لرئيسه التنفيذي، ستيوارت روز، فلم تنفق الشركة قدراً كبيراً من المال كما كانت تتوقع حتى الوقت الراهن، لأنها اكتشفت أن عديدا من وفورات التكلفة جاءت نتيجة البدء في المشاريع.
«وفي كثير من الحالات، وبالأخص بالنسبة إلى الشركات المهتمة بسمعتها، وهي هنا لتبقى على المدى الطويل، فإنه استثمار استثمار ضروري عليها أن تقوم به لتحمي سمعتها، بعيداً عن الحوافز التي قد تكون لديها من أجل القيام بالشيء السليم».
ربما يدعو ذلك إلى أسلوب تفكير جديد. «واُستجوب رئيس أساقفة كانتبيري، الدكتور روان ويليامز، حول السبب الذي يدعو الحكومات إلى التعريف بإجراءات تحفيز اقتصادية، ولماذا تحث الناس على الاستهلاك، ومواصلة الاستهلاك، في حين قد تكون هذه منهجية خاطئة... ربما علينا أن نفكّر بأسلوب مختلف، وليس بالتقييم المادي، والاستهلاك إلى حدٍ كبير. وإنه تفكير محرّض، ولكن ربما أن هذا الوقت يستدعي هذا النوع من التفكير».

الأكثر قراءة