FINANCIAL TIMES

هل أصبحت المملكة المتحدة وادي الموت لشركات التكنولوجيا العالمية؟

هل أصبحت المملكة المتحدة وادي الموت لشركات التكنولوجيا العالمية؟

خلال الشهر الماضي، أشار رئيس شركة أكتيفيجين بليزارد، الذي يدعم بقوة الحملة المؤيدة لبيع مجموعة ألعاب الفيديو بقيمة 75 مليار دولار لشركة مايكروسوفت، إلى طموحات ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني أن تصبح المملكة المتحدة مركزا تكنولوجيا أوروبيا، قال ساخرا "إذا لم يتم تمرير مثل هذه الصفقات، فلن يصبح وادي السيليكون، بل وادي الموت". لأكون منصفة، تلك المقولة جيدة.
كما أن ما قاله كان فيه غرابة بعض الشيء. هذه الصفقة تتخبط في مشكلات مكافحة الاحتكار في جميع أنحاء العالم وسط مخاوف من أن امتلاك امتياز لعبة كول أوف ديوتي ذات الشعبية الكبيرة قد يضعف المنافسة بين وحدة التحكم في الألعاب إكس بوكس من "مايكروسوفت" والمنافسين مثل بلايستيشن من "سوني". رفعت لجنة التجارة الفيدرالية دعوى قضائية في كانون الأول (ديسمبر) لمنع الصفقة. كما تدرس المفوضية الأوروبية الصفقة، والحلول المحتملة التي قدمتها "مايكروسوفت"، قبل القرار المتوقع أن يصدر في نيسان (أبريل).
لماذا تسببت هيئة المنافسة والأسواق في إثارة حفيظة بوبي كوتيك رئيس "أكتيفيجين بليزارد"؟ لقد خلصت هيئة التنظيم البريطانية مبدئيا في شباط (فبراير) إلى أنه وبعد تحقيق عميق، قد تؤدي الصفقة إلى ارتفاع الأسعار وقلة الخيارات أمام هواة اللعب في المملكة المتحدة البالغ عددهم 45 مليون شخص. يجب على عمالقة التكنولوجيا إقناع هيئة الرقابة بأن الحلول السلوكية مثل اتفاقيات الترخيص مع منافسيها يمكن أن تقلل من المخاوف، وذلك قبل اتخاذ قرار نهائي الشهر المقبل.
كوتيك ليس مخطئا في أن المملكة المتحدة أصبحت مكانا يصعب فيه عقد الصفقات. يتم استخدام قوانين جديدة لفحص الأمن القومي على نطاق أوسع إلى حد ما وأقل توقعا مما كان موعودا أو مأمولا. وفيما يتعلق بمكافحة الاحتكار، استعادت هيئة المنافسة والأسواق سيطرتها على الصفقات العالمية الكبيرة التي كان يتم الحكم فيها في أوروبا فيما مضى. تحاول الشركات والمستشارون استقراء التوقعات فيما يخص القرارات التنظيمية بناء على حالات سابقة محدودة. والاتجاه واضح، تقدر شركة لينكليترز نسبة الصفقات المحظورة أو الملغاة أو التي تم سحبها بعد تحقيقات المرحلة الثانية من هيئة المنافسة والأسواق في الأعوام الأخيرة بمقدار ضعف ما كانت عليه في الفترة من 2014 إلى 2017.
هذه جزئيا ظاهرة عالمية، ولا سيما في التكنولوجيا. تحدثت سارة كارديل، الرئيسة الجديدة لهيئة المنافسة والأسواق، أخيرا عن تحول الهيئة بعد أن وجد تقريران من المملكة المتحدة في 2019 "قصر إنفاذ تاريخي" في التدقيق على المنصات الرقمية. التركيز العالمي الأكبر على المجالات الأقل شيوعا مثل المخاوف الديناميكية أو المحتملة من المنافسة في المستقبل، وعلى الصفقات الرأسية بين الشركات التي تشتري أو تبيع لبعضها بعضا مثل "مايكروسوفت"، يعني اتخاذ قرارات بقابلية أقل للتنبؤ، واتساق أقل في النتائج بين الجهات التنظيمية المختلفة.
إحدى المشكلات التي تواجه "مايكروسوفت" و"أكتيفيجين" هي التشكيك الذي تعرف به هيئة المنافسة والأسواق في أنواع التدابير السلوكية التي تقدمها الشركات كطريقة للتهدئة. بدا خطاب كارديل الأخير كمحاولة لمواجهة الانتقادات القائلة إن الجهة المنظمة في المملكة المتحدة لم تشر دائما إلى ما كانت تفعله ولماذا. لكنها قالت "إن هذه الالتزامات يمكن أن تصبح غير فعالة مع تطور الأسواق وحين تكون مراقبتها صعبة للغاية". لكن، كما يقول ستيفن ويتفيلد من شركة ترافيرز سميث، هذا "عزز الرسالة التي مفادها أن للمملكة المتحدة طريقة مختلفة عن أوروبا في التفكير حول التدابير السلوكية".
المشكلة الأخرى هي أنه ربما لدى الجهة التنظيمية في المملكة المتحدة مجال أكبر للعب دور الجلاد في تحديد مصير شركات التكنولوجيا الكبرى، حتى عندما يرغب أقرانها في لعب دور الجلاد. يستطيع صانعو الصفقات الأمريكيون "الذين لا يثقون بشكل كبير بأي نظام بخلاف نظامهم" التغلب على المنظمين في المحكمة وقد فعلوا ذلك. في النظام الإداري للمملكة المتحدة، يعود القرار إلى هيئة المنافسة والأسواق مع الطعون عبر المراجعة القضائية التي تقرر عدالة العملية، بدلا من الأسس الموضوعية الكاملة للقضية.
تختلف مع تقييم كوتيك الأعداد المتزايدة من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في المملكة المتحدة، التي تريد عموما بعض الحماية من شركات التكنولوجيا الكبرى مع الاحتفاظ بحقها في البيع لها. وبعد قلق كبير الأعوام الأخيرة، ولا سيما بعد أن منعت الجهة التنظيمية في 2021 اندماج شركتين ناشئتين للتمويل الجماعي للأسهم في المملكة المتحدة، هما شركة سيدرز وكراودكيوب، رحبت هيئة كواديك للشركات الناشئة في المملكة المتحدة باحتمال إنشاء وحدة الأسواق الرقمية الجديدة التابعة لهيئة المنافسة والأسواق، التي كان ينظر إليها سابقا على أنها تهديد للقطاع. الأمل هو أن تتمكن من الموازنة بشكل أفضل بين المخاوف المتعلقة بتعزيز الابتكار واحتواء الشركات القائمة.
هل بريطانيا هي وادي الموت بالنسبة إلى بعض؟ ربما. لكن يبدو أن وجهة نظر سيليكون راونداباوت "تجمع تكنولوجي وسط وشرق لندن" هي أن المشكلة الرئيسة مع طموحات الحكومة في التكنولوجيا هي أنها لا تركز على الإنفاذ.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES