الهند والشراكة التقنية مع المملكة

الهند والشراكة التقنية مع المملكة

الهند والشراكة التقنية مع المملكة

تحدث قبلي العديد من الكتاب حول ما وصلت إليه الهند من تقدم وتطور سريع في مجال تطوير الكفاءات البشرية في مجال تقنية المعلومات, وتضمنت بعض تلك الكتابات المطالبة بتطبيق النموذج الهندي في الدول العربية، إلا أن هذه المقالة تتجنب تبني هذه المبادرة وتقديمها كنموذج قابل للنسخ والتطبيق في المملكة، لأن ذلك هو أول خطوة على طريق الفشل، فلو اتبعت الهند هذا الأسلوب لما وصلت أبداً إلى النجاح الذي حققته، فالهدف من استعراض التجربة الهندية هو العمل على إيجاد "نموذج" جديد ملائم للبيئة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، يستفيد من نقاط القوة ويقلل من تأثير نقاط الضعف، وهي الطريقة التي وصلت بها الهند إلى صياغة مبادرتها التقنية.
فقد وضعت الحكومة الهندية مقولة (بناء الهند بأيدي الهنود) كشعار لمبادرتها الوطنية، كما وضعت عبارة "تكنولوجيا المعلومات للجميع في عام 2008" كشعار لحملتها الوطنية لإقرار السياسة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات التي اعتمدتها الحكومة رسمياً عام 1998. ورغم عدم إهمال الشركات العاملة في مجال التجهيزات الحاسوبية، إلا أن جهد الدعم الأساسي ظل مركزاً على صناعة البرمجيات، وبالدرجة الأولى على تصدير البرمجيات. وسأعرض نقاط قوة المبادرة الهندية ومزايا صناعة البرمجيات الهندية: حيث استفادت الهند من موقعها الجغرافي القريب نسبيا من أسواق جنوب غرب آسيا والصين والشرق الأوسط، وكذلك استفادتها من القوة البشرية الهندية المتعلمة التي تتميز بإجادة اللغة الإنكليزية والتي تمثل عاملا رئيسيا في صناعة التقنية، فوجهت مبادرتها باتجاه إنشاء صناعة برمجيات هندية قوية، كما أن انخفاض التكاليف، وبالذات بالنسبة للأيدي العاملة، ساعد في قيام العديد من مشاريع الإسناد التقنية في الهند، حيث قد لا تستغرب حين تتصل بخطوط طيران أوروبية طالبا الحجز أن تتلقى الرد من موظف هندي في إحدى الشركات في الهند. وقد أدى ذلك إلى اكتساب الشركات مهارة إدارة المشروعات التقنية والاستفادة القصوى من الأجهزة والبرامج بشكل يحقق أفضل النتائج، إضافة إلى ما سبق لا يمكننا أن نغفل الدعم الحكومي وتسهيلات البنية التحتية المقدمة لشركات التقنية الهندية.
ولعل أهم ما يمكن أن تحققه الشراكة التقنية مع الهند هي نقل التقنية إلى المملكة، وهي عملية سهلة وغير معقدة، يدعمها البعد الجغرافي والتكامل الاقتصادي، حيث إن الميزة الاقتصادية النسبية للمملكة في توفير الموارد المالية، بينما تتميز الهند بالميزات التقنية والبشرية في هذه الشراكة، حيث يمكن أن يسهم اهتمام واقبال الشباب السعودي على التدريب التقني من خلال مؤسسات تقنية متخصصة في التدريب مؤهلة لنقل التقنية. ويمكن أن يتم ذلك من خلال برامج المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
أما خيارابتعاث الطلاب السعوديين إلى الهند لتلقي علوم التقنية، فيمكن دراسة جدواه باعتبار الهند أقل تكلفة مقارنة بالدول الأوروبية.
ويمكن القول إن هذه الفكرة جديرة بالاهتمام والدعم، فالابتعاث إلى الهند لتلقي علوم التكنولوجيا هو عملية مجدية جداً على مستويين: الأول في جانب الكفاءة والخبرة الهندية المتوافرة في المجال التقني، والثاني في قلة التكاليف المادية على المبتعث مقارنة بدول أخرى، حيث إن الابتعاث والعمل لدى منشآت تقنية هندية بغرض التدريب على رأس العمل يدعم جهود نقل التقنية واكتساب الخبرة العملية.
* متخصص في المعلومات

الأكثر قراءة