سيطرة المستثمرين.. جبهة صراع جديدة

سيطرة المستثمرين.. جبهة صراع جديدة

لقد كان العقد الماضي سيئا لمن يعتقد بأن قوة التصويت في الشركات والملكية الاقتصادية يجب أن يرتبطا.
بعد أن قررت كل من شركتي جوجل في 2004 وفيسبوك في 2012 أنه ليس بالإمكان تقييد وادي السيليكون بالمساهمين العامين، أدى ازدهار قطاع التكنولوجيا الذي يغذيه رأس المال الخاص إلى انتشار الشركات ذات هياكل أسهم الفئة المزدوجة. لذا، أعطى عدد قياسي من عمليات الإدراج في الولايات المتحدة في 2021 مزيدا من الأصوات للمؤسسين أو بعض المساهمين، ومعظمها دون بند الانقضاء المحدود زمنيا الذي تفضله المؤسسات الاستثمارية.
ابتعدت الأسواق في دول أخرى عن القاعدة الافتراضية التي تمنح صوتا واحدا للسهم الواحد. سمحت سنغافورة وهونج كونج بإدراج أسهم الفئة المزدوجة بدءا من 2018. حتى المملكة المتحدة - التي تعد داعية لديمقراطية المساهمين نوعا ما - قد خففت من تلك القاعدة، الأمر الذي سمح بأسهم الفئة المزدوجة المقيدة بحد زمني مدته خمسة أعوام. يبدو من هذا أن المستثمرين قد خسروا المعركة ضد الهياكل التي ترسخ مصالح من هم في الداخل. لكن ليس بهذه السرعة، فقد بدأت للتو معركة أخرى.
ما يميز ذلك هو أن الزيادة في الشركات التي يسيطر عليها حامل أسهم تصويت رئيس قد واجهت معارضة مؤسسية على ما يبدو أنها عنيدة. أدى كل من الأداء السريع والقوي للتكنولوجيا الأمريكية وجرعة كبيرة من الخوف من إهدار الفرص، إلى شراء المستثمرين على أي حال على الرغم من مخاوفهم. لكن عندما أجرت مجموعة إنستيتيوشينال شيرهولدر سيرفيسيز " أي إس إس" لاستشارات التصويت استطلاعا حول رأي المستثمرين الأمريكيين في 2021، أيد 94 في المائة منهم اتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن هياكل الإدارة الضعيفة مثل حقوق التصويت غير المتكافئة. فيما حصل مسح مشابه في أوروبا القارية في العام الذي يليه على تأييد بـ75 في المائة.
على خلفية ذلك، أدخلت الشركة الاستشارية سياسة توصي بالتصويت ضد أعضاء مجالس الإدارة في الشركات الأمريكية ذات الهياكل المزدوجة، ماحية تسامحها السابق مع الشركات المدرجة قبل 2015. لكن هناك استثناءات قليلة، ولا سيما للشركات المدرجة حديثا ببند انقضاء لا يزيد على سبعة أعوام. هل سيحدث ذلك أي فرق؟ من الجوهري لهذا النقاش الدؤوب أن هذه الشركات يمكنها ببساطة تجاهل تصويت العامة. لكن، كما يقول كريشنا فيراراجافان، الشريك في بول فايس، هي "نقطة ضغط أخرى"، بالنظر إلى حساسية أعضاء مجلس الإدارة تجاه التصويت ضد عملهم.
لكن ما هو غريب أن الخلاف الأكثر أهمية قد يأتي إلى أوروبا القارية. بدءا من العام المقبل، ستوصي السياسة الجديدة بالتصويت ضد أعضاء مجلس الإدارة في الشركات ذات حقوق التصويت غير المتكافئة. من خلال إنهاء الهدنة على هياكل التصويت المتعددة، ستكون مجموعة أي إس إس في صراع مع ثقافة حوكمة الشركات الراسخة في كثير من أسواق أوروبا القارية، كما يقول ماركو بيشت، أستاذ المالية في جامعة ليبر دو براسيلز.
كما تعتقد بعض دول أوروبا - صوابا كان ذلك أم خطأ - أن لديها قانون تصويت غير متكافئ جيد يهدف إلى اتخاذ القرارات على المدى الطويل والإدارة المسؤولة، بدلا من نزعة السيطرة الأمريكية البغيضة. هذه الاستثنائية الأوروبية تسوغها بعض المبررات، في السويد، كانت الأسهم ذات الفئة المزدوجة سمة من سمات السوق منذ 100 عام تقريبا. يقول اتحاد الشركات السويدية، الذي وصف الشهر الماضي خطوة "آي إس إس" بأنها "مثيرة للقلق"، إن أكثر من 70 في المائة من رسملة السوق في السوق الرئيسة تستخدم هذا الهيكل. فيما كان آخرون أقل دبلوماسية، إذ نقلت وسائل الإعلام السويدية انتقادات بأن الطريقة التي تنوي بها "آي إس إس" سن السياسة تعد مثل "أساليب المافيا".
تستشهد "آي إس إس" بدعم عملائها لها. أطلقت مجموعة من مالكي الأصول بقيادة شركة رايلبين لخطط المعاشات التقاعدية العام الماضي "تحالف المستثمرين من أجل الأصوات المتساوية" لشن حملة ضد أسهم الفئة المزدوجة.
أما في أوروبا، فلن يضغطوا ضد المؤسسين غير المتعاونين أو المجالس الخاملة وحسب، بل ضد صناع السياسة أيضا. منذ 2014 الذي طرح فيه قانون فلورانج الفرنسي، تم تقديم برامج الولاء التي تقدم أصواتا إضافية إلى المستثمرين على المدى الطويل في أسواق مثل إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا، والتي ستتأثر أيضا بتغيرات "آي إس إس". تشير الأدلة، وفقا للمعهد الأوروبي لحوكمة الشركات، إلى أنها لن تزيد من فترات الاحتفاظ "وإنه يتم استخدامها بشكل حصري تقريبا من قبل المساهمين المسيطرين".
لكن جاذبية أصوات الولاء في أوروبا هي بسبب تشجيع الإدراج في الأسواق حيث سيطرة العائلة هي العرف. دفع القلق بشأن حيوية البورصات الوطنية إلى مزيد من التحركات لمنح الشركات مزيدا من الحرية. اقترح حزب الرابطة اليميني الإيطالي الشهر الماضي تمديد حقوق التصويت المتباينة، بعد أن غادرت سلسلة من الشركات الإيطالية بما في ذلك "كامباري" و"إكسور" القابضة التابعة لعائلة أجنيلي إلى حيث المرونة الأكبر في هولندا. في كانون الأول (ديسمبر)، اقترحت المفوضية الأوروبية قوانين تسمح بهياكل تصويت متعددة لتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة سريعة النمو على الإدراج.
تعرضت مجموعة أي إس إس، إضافة إلى نظرائها من مستشاري التصويت، إلى انتقادات شديدة في الولايات المتحدة من الجمهوريين الذين يشنون حربا ثقافية ضد الاستدامة والضغوط الاجتماعية على الشركات. وقد تواجه المجموعة انتقادات في أوروبا مشابهة لما واجهته الولايات المتحدة.

الأكثر قراءة