صفقات تشعل صراع القبضات الحديدية بين عمالقة صناعة الفولاذ في العالم

صفقات تشعل صراع القبضات الحديدية بين عمالقة صناعة الفولاذ في العالم

سيبقى الـ 27 من كانون الثاني (يناير) عام 2006، يوما لا يمحى من ذاكرة صناعة الفولاذ العالمية: إنه اليوم الذي تجرأت فيه مجموعة ميتال ستيل Mittal Steel كبرى شركات تصنيع الفولاذ في العالم و تقدمت بعرض جبار للاستحواذ على منافستها التي تحتل المركز الثاني في الأسواق العالمية مجموعة أرسيلور Arcelor العملاقة. لقد بدأ إذن صراع العمالقة لالتهام بعضهم البعض حتى ولو لم تعلن النتائج النهائية لهذه الصفقة بعد.
وتشكلت مجموعة أرسيلور في عام 2002 من خلال اندماج ثلاث شركات أوروبية عملاقة للحديد و الصلب لتصبح المجموعة منذ ذلك الحين إحدى الشركات الرائدة في سوق تصنيع الفولاذ في العالم بطاقة إنتاجية تزيد على 100 مليون طن من الفولاذ سنويا. و كان رئيس أرسيلور "جاي دوليه" يأمل بثقة في احتلال المركز الأول عالميا في هذه السوق الهائلة وكان يخطط لشركته و مستقبلها لمدة عشر سنوات تالية. وبالطبع كان ينظر إلى مجموعة أرسيلور على أنها شركة يمكنها التهام شركات أخرى ولم يخطر ببال أحد أن يتقدم أحد لشرائها. في غضون ذلك حدث اندماج كبير عام 2005 بين شركتي الصلب و الفولاذ لاكشمي ميتال Lakshmi Mittal هندية الأصل وشركة إنلاند ستيل، Inladsteel لتصبح هي كبري شركات الحديد والصلب والفولاذ في العالم وتستحوذ على نصيب الأسد من الأسواق العالمية
وشهدت العديد من شركات الفولاذ خلال العامين الماضيين حركات تغيير كبيرة كما لم يحدث من قبل وقُدّر حجم المعاملات المالية بينها بالمليارات الأمر الذي يرهق الأسواق ويكلفها الكثير بسبب الولع بعمليات الاستحواذ في دنيا الفولاذ. وقد ظهر هذا جليا من خلال العرض الذي تقدمت به مجموعة أرسيلور نفسها لتستحوذ على مجموعة الفولاذ الكندية، دوفاسكو، Dofasco، وكان على المشتري نفسه أن يدفع عدة مليارات يورو مقابل أن يحظى بشركة فولاذ ذات أهمية بالغة. وكان الفرق بين سعر الاستحواذ الذي قدمّته المجموعة و ذاك الذي قدّمه كبار المزايدين غير البعيدين إلى حدٍ كبير عن رأسمالية البورصات، واضحا للعيان. وساد تنافس و تضارب في المصالح بين كل من مجموعتي أرسيلور، وتيسين كروب، Thyssen-Krupp.
وفي النهاية جاءت شركة ميتال ستيل الهندية لترد الصاع صاعين للجميع متقدمة بعرضها المثير و الفريد لشراء "أرسيلور" نفسها لقد أثبت الهنود أنفسهم و أبدوا جرأتهم فعلياً من خلال عمليات شراء مصانع الحديد في مناطق وسط و شرق أوروبا بل إنهم خاطروا ببعض تلك الشركات التي أشبعتها الشركات الأوروبية الأخرى ذات المصالح الكبري بالاشتراطات و القيود مثل مجموعة تيسين كروب، وأرسيلور، وكوروس. وحتى الآن تشير استثمارات الفولاذ الضخمة، إلى أنها جديرة بالمغامرة.

ومع ذلك تَعِد مجموعة أركيلور بأن تصبح التحفة المميزة في هذا القطاع. ولكن لا توجد مجموعات متخصصة في تصنيع الفولاذ، والتي يمكنها أن تتطابق على بعضها البعض بطريقة مثالية. بل تعمل كلا المجموعتين على تنظيم بعضهما البعض وفقاً للإنتاج، وكذلك وِفقاً للوجود الدولي الذي تحظى به كلٌ منها. حيث يصنف نشاط مجموعة ميتال ستيل في قارة أمريكا الشمالية الأمريكية على سبيل المثال على أنها شركة رائدة كما تعتبر مجموعة أرسيلور في قارة أمريكا الجنوبية من الشركات الرائدة هناك أيضاً. ويتضمن البرنامج الإنتاجي لكلتا المجموعتين الجدول الإنتاجي الكامل من الفولاذ. حيث تُنتج مجموعة أرسيلور المواد طبقاً لمواصفات عالية الجودة. ولهذا فإن "أرسيلور" تعتبر أكبر مزود لمصانع السيارات المتميزة بالجودة العالية في قطاع صناعة السيارات، محققين أعلى معدلات الترويج.
وتوجد نحو ست شركات و مصانع أخرى منها شركة تيسين كروب، وشركتين يابانيتين لتصنيع الفولاذ، وشركة بوسكو من كوريا الجنوبية، تزويد أغطية فولاذية تتحلى بالقدر نفسه من التميّز الإنتاجي. كما يمكن لشركة ميتال ستيل أن تعزز من مركزها من جديد كأكبر شركة تزويد للأغطية الحديدية البسيطة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأبدى الهنود بقوة اهتمامهم بشكل خاص خلال العام الماضي لاقتحام سوق أوروبا الغربية.ويولّد هذا الاندماج الوثيق فرصا ضخمة أمام شركة ميتال. والتي تستهدف منذ فترة من الوقت الدول النامية بسرعة و قوة، بالنظر إلى حركة التوسع القوية التي تشهدها مجموعات الفولاذ هناك. حيث تجتذب تلك السوق صناعة الفولاذ الصلب بصورة خاصة واللازمة للاستثمارات في مجالات الإنشاءات، واقتصاد المواصلات. ويظهر أولاً الطلب التدريجي الكبير على جودة الفولاذ العالية في المنتجات الاستهلاكية، أو للاستخدام في صناعة التغليف. ومن الممكن أن تكون هذه المرحلة من التطوّر فائقة التميّز بالنسبة لمجموعة ميتال- أركيلور الجديدة.
وليست المبادئ الاستراتيجية فقط التي تشهد على التميّز، بل كذلك مبادئ و نصوص التمويل. حيث يحقق الهنود الكثير من الأهداف من خلال مزيج الأسعار الذي تقدّمه أركيلور من الأسهم، والأموال النقدية. حيث يريد الهنود أن يدفعوا عرض الاندماج المحتوي على قيمة أركيلور من السوق الفعلية بأسهم من شركة ميتال ستيل. وبهذا سيعمل الهنود على حماية صناديق الشركة من الأضرار، وقيادة مساهماتهم المترفعة في شركة ميتال ستيل، كما ورد في التصريحات، والتي تُقدّر بـما يُقارب 50 في المائة. ويُتيح العرض المُقدّم إلى شركة تيسين كروب ثلاث منافع في الوقت ذاته مجدداً. وسيتطلّب ضمان مراقبة المنافسة، بالنظر إلى ريادية السوق كشركات تزويد للأغطية الحديدية لشركات تصنيع السيارات، مساهمة بعض الشركات المتميّزة فعلاً مثل دوفاسكو. وبدلاً من الاضطرار إلى بيع هذه الشركة تحت الضغط، تخطط شركة ميتال ستيل الآن تحمّل أعباء السعر النقدي للعملية التي تقوم بها أركيلور لضم شركة تيسين كروب. حيث يُشير الهنود إلى قدرتهم على الخوض في حوض اللعب الخاص بأثرى أثرياء العالم.

الأكثر قراءة