أرجع قوة الموجة الغبارية لتفكك التربة والجفاف الذي ضرب المنطقة

أرجع قوة الموجة الغبارية لتفكك التربة والجفاف الذي ضرب المنطقة

أرجع قوة الموجة الغبارية لتفكك التربة والجفاف الذي ضرب المنطقة

أوضح لـ "الاقتصادية" الباحث الفلكي الدكتور خالد بن صالح الزعاق عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أن هبوب العواصف الترابية في هذا الوقت من الزمان أمر متوقع، إذ أننا نعيش تحت سيطرة منخفض الهند الموسمي أو المنخفض الآسيوي الذي يقع في شبه القارة الهندية، ويسمى عندهم «المونسون» وهو الذي يسيطر على المنطقة من أوائل حزيران (يونيو) حتى أواخر تموز (يوليو) سنويا بسبب زاوية سقوط أشعة الشمس على هذه المناطق في هذا الوقت ويتمثل تأثيره علينا بهبوب رياح شمالية إلى شمالية غربية مغلفة بغبار كثيف مع هياج أمواج البحر في الخليج العربي وبسبب الجفاف الذي ساد مناطقنا منذ عدة شهور ولا يزال كذلك جعل الغبار قرين وجه السماء.
وإذا زادت سرعة رياحه عن 45 كيلومتراً في الساعة، فإنها تحمل معها الغبار الذي يتصاعد من الصحراء العراقية والشامية المجاورة للمملكة منذ بزوغ الشمس وتشتد حمأتها في الظهيرة وعند حلول المساء تهدأ الريح ويخف الغبار، ويسمى ذلك باللهجة المحلية «الغبار يعشي» وفي النهار بعد طلوع الشمس وزيادة حرارة أشعتها يعود مرة أخرى. واتسمت أجواء المملكة هذا العام بعدة سمات من أهمها استمرار الغبار خلال فترات متقاربة منذ الشتاء إلى الآن، والسبب الرئيس هو عدم تتابع نزول المطر في موسم الشتاء وبداية الصيف الجاري، ما جعل التربة مفككة، وبالتالي فإنه من السهل تطاير ذرات الغبار عند هبوب الرياح المعتدلة والسريعة. وتقع المملكة في النطاق الصحراوي المداري الجاف لغرب القارات وتقع أيضا تحت سيطرة منخفض الهند الحار في الصيف ما يجعلها في مهب الرياح القارية الجافة. ومن المعلوم أن شمال الهند يصدر منخفضا جويا يسير عكس عقارب الساعة، ويمر على شمال الهند عن طريق مساحات واسعة وشاسعة من الأراضي المفتقرة إلى المطر، ويحمل في طياتها منها الغبار والأتربة ثم يمر بالقرب من بحر قزوين بإيران ثم يصعد إلى الهضبة الإيرانية، ويحاول أن يتخطى الهضبة الإيرانية ومن عادة الهواء أنه إذا صعد يبرد وإذا نزل تتضاعف درجة الحرارة بما يعرف بالتسخين الحراري ثم يصب على دول في الكويت والعراق، لذا تكون الكويت والعراق من الدول الأعلى درجة في العالم، لأنها "مصب التسعير" ثم يتجاوزهما إلى دول الجوار كالمملكة وينزل إلينا، ويتمثل ذلك في هبوب رياح شمالية غربية والسبب في هبوبها من الشمال الغربي هو أن هناك مرتفعا جويا في شرق الأبيض المتوسط يدفع منخفض الهند إلينا ثم يتحول إلى رياح شمالية غربية فإذا نزل إلينا يفرغ ما حمله في جوفه من الغبار والأتربة وتشتد وطأة الغبار في المناطق التي تكون فيها التربة مفككة وسهلة الحمل كحال المنطقة الوسطى ويقل الغبار في المناطق الأخرى التي يزداد فيها تماسك التربة أو عدم وجودها كبعض مناطق الدرع العربي. ومما تجدر الإشارة إليه أن ارتفاع درجة الحرارة خلال هذه الأيام أمر متوقع وذلك لوجود الشمس شمالي خط الاستواء وسقوط أشعتها بشكل عمودي أو شبه عمودي على المناطق الشمالية من خط الاستواء، وتشتد وطأة الحرارة عند سكون الرياح الشمالية الملطفة للجو لأن الرياح الشمالية المصاحبة للمرتفعات الجوية من أهم العوامل الكاسرة لحدة الحرارة، وذلك لأنها رياح سطحية وعلوية معا تتغلغل إلى طبقات الجو العليا الباردة وهبوبها يؤدي إلى تلطيف الجو، ومما زاد حدة درجة الحرارة خلال هذه الأيام هو تخلق الغبار العالق في الجو، ما زاد من وطأة الحرارة حتى وصلت إلى درجة لا تطاق.
وفي 12 تموز (يوليو) تدخل علينا موسم الجوزاء الثانية فالجوزاء تتكون من اثنتين الجوزاء الأولى والجوزاء الثانية وعدد أيامها 26 يوما كل نوء 13 يوما وعلامة دخولها هيجان العقارب والأفاعي ونزول اللون في النخيل واحمرار رؤوس الأثل في الصحراء وكثرة سمك الميد في الخليج وأهم ما تتميز به الجوزاء اشتداد الحرارة وشدة هبوب الرياح الشمالية المسماه برياح البوارح أو رياح السموم وخلال موسم الجوزاء تهيج الأعاصير العالمية مسببة كوارث طبيعية بسبب الزيادة في درجة حرارة المحيطات، الأمر الذي يؤدى إلى زيادة كمية بخار الماء الصاعد إلى أعلى فيتخلق الإعصار. وترجع شدة الحرارة على المملكة في هذا الوقت إلى صفاء الجو وطول ساعات سطوع الشمس وكبر زاوية سقوط الأشعة وجفاف التربة بسبب جفاف الهواء وانعدام الأمطار تقريبا وكثيرا ما تصل درجة حرارة رمال الصحراء في أواسط النهار إلى 75 درجة مئوية للونها القريب من البياض أو أكثر ومما يذكر أن سخونة الرمال بهذا الشكل مع سكون الهواء يترتب عليها انطلاق الإشعاعات الحرارية بكثرة من سطح الرمال إلى الجو فيؤدي ذلك إلى ظهور ظاهرة السراب الذي تشتهر به أراضي المملكة ومما سيرفع درجة الحرارة هذه السنة هجمات الغبار المتتالية إذ إن جزيئات الغبار تعمل على احتباس درجة الحرارة، خاصة إذا سكنت حركة الريح.

الأكثر قراءة