أخطر من كوفيد.. هل تهدد جائحة إنفلونزا الطيور البشر؟

أخطر من كوفيد.. هل تهدد جائحة إنفلونزا الطيور البشر؟

أدى أسوأ تفش لإنفلونزا الطيور إلى تحول المرض إلى مرض متوطن في بعض الطيور، ما تسبب في تكبد صناعة الدواجن تكاليف ضخمة وانتشاره إلى الثدييات البرية والمملوكة، وفي بعض الحالات النادرة إصابته البشر.
قالت المنظمة العالمية لصحة الحيوان هذا الشهر، إنه قد أبلغ عن عدد متزايد من الحالات في الثدييات "مسببة المرض والموت" في فصائل مثل ثعالب الماء والفقمات. زادت التقارير عن إصابات حيوان المنك المربى في إسبانيا المخاوف، كما قالت المنظمة العالمية لصحة الحيوان، لأن الحالات الي تتضمن أعدادا كبيرة من الحيوانات القريبة من بعضها فاقمت خطر انتقال العدوى بشكل أوسع.
إذا تحور إتش 5 إن 1، السلالة المسؤولة بشكل رئيس عن آخر تفش من أواخر 2021، ليصبح انتقاله سهلا إلى البشر، يخشى خبراء ظهور جائحة تحمل أخطارا أكثر على الصحة العالمية من تفشي كوفيد- 19. على الرغم من أن إنفلونزا الطيور أصابت عددا قليلا من البشر نسبيا، فإن معدل الوفاة منها يصل إلى 50 في المائة تقريبا، وفقا للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.
قال جيريمي فارار، خبير في الإنفلونزا والمدير السابق لمؤسسة ويلكم ترست، إن إتش 5 إن 1 "مصدر قلق كبير". "ستكره النظر إلى الوراء وسط جائحة إتش 5 إن 1 والقول، لحظة، ألم نشاهد هذه الطيور تموت في جميع أنحاء العالم وبدأنا نرى الثدييات تموت وماذا فعلنا حيال ذلك؟"، حسبما قال في إفادة صحافية في لندن هذا الأسبوع.
أضاف أن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات الصارمة لبناء مخزون من لقاح إتش 5 إن 1 ومنع تفشي الفيروس بين الثدييات. كما قال فارار، الذي سيصبح كبير العلماء في منظمة الصحة العالمية في أيار (مايو)، "إذا كان هناك تفش لفيروس إتش 5 إن 1 بين البشر مستقبلا، فلن نتمكن من تطعيم العالم في غضون 2023".
ما مدى احتمالية حدوث جائحة إتش 5 إن 1 بين البشر؟
يقول خبراء الأمراض المعدية إن الخطر لا يزال محصورا على الحيوانات إلى حد كبير - حيث قتل الفيروس 50 مليون طائر، بما فيها الدواجن، أو أعدم في هذا التفشي، وفقا للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها. نفذت عمليات إعدام واسعة النطاق للحيوانات المصابة في عشرات الدول، من بينها اليابان وفرنسا والولايات المتحدة.
قالت منظمة الصحة العالمية هذا الشهر إن إنفلونزا الطيور "ما هي إلا فيروس طيور"، وإن التهديد، بما فيه انتقال العدوى بين البشر، "منخفض".
إنفلونزا الطيور "مشكلة متكررة" اتسمت بحالات التفشي الموسمية المتفرقة، وفقا لجرجيوريو توريس، رئيس قسم العلوم في المنظمة العالمية لصحة الحيوان، لكنه قال إن كثيرا من الدول التي تفشى فيها المرض تبلغ الآن عن حالات على مدار العام. "الموسمية التي اعتدنا ملاحظتها لم تعد موجودة".
كما ذكر أن التغييرات في أساليب تربية الدواجن وارتفاع درجات الحرارة العالمية التي تجبر الطيور البرية على تغيير أنماط الهجرة، وكذلك زيادة الحركة بين الدول من الحيوانات والبشر، كانت وراء ارتفاع الحالات.
أضاف توريس، "يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الأعلاف الملوثة والأغذية الملوثة والشاحنات الملوثة".
أحد العوامل المهمة هو كيفية تطور إتش 5 إن 1، الذي يقول العلماء إنه يمكن أن يحدث بطريقتين، إما من خلال سلسلة متتالية من الطفرات التي تجعل الفيروس أكثر فاعلية في الانتشار عبر نوع حيواني معين، وإما من خلال التأشب، عندما تصيب سلالتان مختلفتان من الفيروس الخلايا المضيفة في الوقت نفسه وتتبادلان الجينات - ما يؤدي إلى قفزات تطورية أكبر.
قال ديفيد هيمان، أستاذ وبائيات الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، "لا يمكن لأحد توقع متى أو أين ستحدث طفرة". "المهم هو أن تراقب العدوى".
ما الذي يتم فعله لوقف الانتشار؟
يتفق الخبراء على أن تدابير المراقبة المعمول بها كانت كافية لتحديد المرض وعزله، على الرغم من التكلفة الباهظة لمنتجي الأغذية والمجموعات الأخرى.
قال توريس إن التركيز يجب أن يستمر على "الأمن البيولوجي"، أو البحث الفاعل عن الحيوانات المريضة لعزلها عن السليمة.
"إنها بالتأكيد الأداة الأكثر فاعلية لتجنب إصابة الحيوانات"، كما قال توريس، مضيفا أن الخطر على البشر، رغم أنه لا يزال منخفضا عموما، "ربما لم يكن بهذا الارتفاع من قبل".
كما حذر من ضرورة توخي الحذر عند التعامل مع الطيور النافقة في البرية حيث إنها إحدى الطرق المعتادة لانتقاله إلى البشر. في لندن وكثير من المدن الأخرى، حذرت المجالس من إطعام الطيور في الحدائق.
ما هي الإجراءات الأخرى التي يجب اتخاذها؟
قال ريتشارد إبرايت، أستاذ الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية في جامعة روتجرز، إنه من "الواضح" أنه ينبغي اتخاذ مزيد من الإجراءات لتقليل احتمالية انتقال إتش 5 إن 1 الحيواني إلى الإنسان.
حث أيضا على إنهاء نشاطين قد يمكنان فيروسات إنفلونزا الطيور من الانتقال إلى البشر - تربية الحيوانات من أجل الفراء وأبحاث اكتساب الوظيفة، حيث يتم التلاعب بمسببات الأمراض لمساعدة العلماء على فهم سلوكها.
قال إبرايت، "النشاط الأول، في الواقع، يولد بشكل انتقائي فيروسات إنفلونزا إتش 5 إن 1 جديدة يمكن أن تنتقل بفاعلية بين الثدييات. أما الثاني، بحكم تعريفه، يوجد فيروسات إنفلونزا إتش 5 إن 1 جديدة عن عمد من المتوقع أن تنتقل بفاعلية بين الثدييات".
"كلاهما غير طبيعي، ولا يقدم أي منهما أي فوائد تفوق المخاطر"، كما أضاف.
ما هي الإجراءات المضادة المتاحة؟
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، طورت لقاحات للاستخدام البشري ضد عدوى إتش 5 إن 1، لكنها لم تستخدم على نطاق واسع.
كما قالت إن "بعض الشركات المصنعة طورت نماذج أولية للقاحات إتش 5 يمكن ترخيصها إذا ظهرت جائحة سلالة إتش 5 إن 1"، مضيفة أن الأداة الأكثر أهمية هي تحديد الحالات المصابة ومراقبة المخالطين كجزء من فحوص تفشي المرض الروتينية. تتوافر أيضا مضادات فيروسات الإنفلونزا.
حصن عدد قليل من الدول فقط مثل روسيا والصين ومصر الحيوانات ضد إنفلونزا الطيور في الأعوام الثلاثة الماضية، وفقا للمنظمة العالمية لصحة الحيوان. لكن مع عدم قدرة اللقاحات على توفير المناعة أو الحماية الكاملة من الأمراض، يقول كثير من الخبراء إن الإجراء الأكثر أمانا هو الفصل بين الحيوانات المريضة والسليمة.
لحماية البشر على المدى الطويل، يدعو فارار إلى إنشاء احتياطي عالمي من اللقاحات "لكل سلالات الإنفلونزا الموجودة في المملكة الحيوانية من خلال دراسات المرحلة الأولى والمرحلة الثانية (في البشر) على الأقل، حتى تعرف أن اللقاحات آمنة ومولدة للمناعة ويمكنك تصنيعها جيدا".

الأكثر قراءة