كيف أصبح الدوري الإنجليزي الممتاز البطولة السوبر الحقيقية؟
منذ نحو عامين اقترح نحو عشرة من أندية النخبة لكرة القدم إنشاء دوري سوبر أوروبي منفصل. وقد كان الهدف إنشاء بطولة دوري واحدة تضم عددا كبيرا من أفضل اللاعبين في العالم، وقادرة على جني جزء كبير من إيرادات هذه الرياضة التي تقدر بمليارات الدولارات.
فشلت الخطة. كانت ضحية هبة شرسة من قبل المشجعين وكثير من الأندية التي لم تكن لتشارك فيها.
على مدار الأسبوعين الماضيين، كان الهدف نفسه في طريقه إلى التحقق، وإن كان بشكل مختلف كثيرا. بعد حملة إنفاق باذخة على لاعبين جدد من قبل أندية البرميرليج الرائدة، يتساءل كثيرون في عالم كرة القدم الآن عما إذا كان الدوري الإنجليزي الممتاز قد أصبح دوري سوبر بحكم الأمر الواقع، حيث تترك القوة المالية المتفوقة بقية كرة القدم الأوروبية وراءها.
خلال فترة انتقالات محمومة في كانون الثاني (يناير) أنفقت الأندية الإنجليزية 830 مليون يورو، تقريبا ضعف الرقم القياسي السابق. نادي تشيلسي وحده أنفق أكثر من جميع أندية الدرجة الأولى في إيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا وفرنسا مجتمعة، في إشارة إلى الهيمنة المالية المتزايدة للبرميرليج على أكثر الرياضات شعبية في العالم. ومن بين أكبر عشرة أندية منفقة في أوروبا هذا الموسم، يلعب الجميع باستثناء ناد واحد في إنجلترا.
تم تعزيز التصور السائد في بعض الدوريات الأوروبية بأن الأندية الإنجليزية الكبرى تتمتع بميزة غير عادلة بفضل أعوام من التنظيم الخفيف، عندما نشر الدوري الإنجليزي الممتاز بهدوء إشعارا على موقعه على الإنترنت الإثنين الماضي، متهما نادي مانشستر سيتي، البطل الحالي، بأكثر من مائة مخالفة للقواعد المالية الخاصة بالدوري.
تغطي الاتهامات -الناتجة عن تحقيق استمر أربعة أعوام- فترة تزيد على عقد من الزمان، بدأت بعد فترة وجيزة من شراء النادي من قبل أبو ظبي عام 2008. من جانبه، ينفي "سيتي" الذي أصبح الآن أغنى ناد في العالم، ارتكاب أي مخالفات.
بالنسبة إلى البرميرليج، توضح التهم الموجهة إلى نادي سيتي مدى جدية الفكرة القائلة إنه لا ينبغي السماح للأندية بشراء النجاح فحسب. لكن بالنسبة إلى أولئك الذين يرون في كرة القدم الإنجليزية ملاذا من اللوائح التنظيمية المالية، بدا أن الإجراء المتأخر ضد نادي سيتي، إضافة إلى الإنفاق السخي على الانتقالات في كانون الثاني (يناير)، يؤكدان شكوكهم.
خافيير تيباس، رئيس الدوري الإسباني لكرة القدم، لا ليجا، اتهم الدوري الإنجليزي الممتاز بالسماح لمالكي أنديته -بمن فيهم المليارديرات الأمريكيين من أصحاب شركات الأسهم الخاصة- بتجنب الخسائر التي تعرض سلامة اللعبة الأوسع للخطر عبر زيادة تكاليف الجميع.
قال "من الخطير للغاية أن تكون أسواق (الانتقالات) مخدرة ومتضخمة، كما حدث في الأعوام الأخيرة. يمكن أن يعرض ذلك استدامة كرة القدم الأوروبية للخطر".
ومن عجائب المفارقات أن إحدى الشكاوى حول القوة المالية للدوري الإنجليزي الممتاز جاءت من مهندسي دوري السوبر الأوروبي، الذين يشيرون إلى اتساع الفجوة بين كرة القدم الإنجليزية والبقية من أجل حشد الدعم لخططهم المجددة.
فقد تضمن عرض تقديمي للأندية الأسبوع الماضي من قبل "إيه 22"، شركة تسويق رياضي تواصل الضغط من أجل منافسة منفصلة، شريحة بعنوان: الدوري الإنجليزي الممتاز أصبح الدوري السوبر.
يرى آخرون خارج بطولات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو ببساطة المثال الأكثر تطرفا على عدم المساواة الأوسع في كرة القدم، حيث تكبر الأندية الأكبر وتصغر البقية.
يقول داريوش ميودوسكي، رئيس فريق ليجيا وارسو البولندي "نظام كرة القدم الأوروبية معطل. قد لا يكون معطلا في إنجلترا في الوقت الحالي، لكن حتى هناك سيؤدي هذا إلى أمر غير مستدام. إنجلترا في قمة الهرم، وهذا يجعل المشكلة أكثر وضوحا، لكن الوضع هو نفسه في إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا، وألمانيا".
30 عاما من التغيير
لم تكن كرة القدم الإنجليزية دائما المشهد الترفيهي العالمي الجذاب كما هي اليوم. فقد ابتليت الثمانينيات بأحداث مميتة مثل كارثة ملعب هيلزبره. كانت الاستجابة إصلاحا شاملا للبنية التحتية، حيث تم إدخال ملاعب يوجد فيها مقعد لكل شخص وفي الوقت نفسه اكتسب التلفزيون المدفوع زخما.
في 1992، قررت الأندية الكبرى وقتها الانفصال عن النظام القائم عبر تشكيل الدوري الممتاز، بمساعدة مالية من شركة بي سكاي بي، التي كانت آنذاك مشروع القنوات الفضائية البريطانية لروبرت ميردوك.
يقول بارني فرانسيس، نائب الرئيس التنفيذي في شركة آي إم جي للرياضة والإعلام والمدير الإداري السابق لقناة "سكاي سبورتس"، إن زيادة عوائد البث نتجت عن بناء ملاعب أفضل، وتوظيف أفضل المديرين واللاعبين، وتوفير "منتج أكثر قابلية للتصدير".
ويضيف "إذا كنت مذيعا في الشرق الأقصى أو أمريكا اللاتينية، فإن الدوري الممتاز أصبح متفوقا على أي دوري آخر. إنه المكان الذي يوجد فيه كبار المديرين، وأفضل اللاعبين، وحيث تكون كرة القدم تنافسية للغاية".
تمتعت الدرجة الممتازة في إنجلترا بنمو سريع خارج سوقها المحلية، وأصبحت الحقوق الدولية تمثل الآن أكثر من نصف دخلها. ومن المتوقع أن يصل إجمالي دخلها هذا الموسم إلى ستة مليارات جنيه استرليني للمرة الأولى، وفقا لشركة ديلويت. يرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى صفقة تلفزيونية أمريكية جديدة بمليارات الدولارات.
هذا الأداء المالي القوي جعل أندية الدوري الممتاز ثرية. يضم جدول شركة ديلويت لأغنى 20 فريقا في أوروبا الآن 11 ناديا إنجليزيا، مقارنة بسبعة نواد قبل عقد من الزمن. وهذا بدوره مكن الإنفاق الكبير.
ومن بين مالكي النوادي، قطب إعلامي صربي المولد، وقطب يوناني في مجال الشحن، وكثير من المليارديرات الأمريكيين، ما يجعل الملكية أحد رموزالمكانة. يقول فرانسيس "إن امتلاك أسهم في شركات تكنولوجيا المعلومات والممتلكات في مانهاتن ليس مثيرا مثل امتلاك ناد في الدوري الممتاز".
بدون وجود المليارديرات، اختارت بطولات الدوري الأخرى في أوروبا تنفيذ معايير مالية أكثر صرامة. تكمن الفكرة في منع الفرق من الإنفاق بما يتجاوز إمكاناتها سعيا وراء المجد. ففي إسبانيا، تتطلب الضوابط الاقتصادية في الدوري الإسباني من الأندية تقديم تحديثات منتظمة حول إيراداتها، يستخدمها الدوري الإسباني بعد ذلك لحساب حدود الإنفاق المحددة مسبقا.
في الصيف الماضي، منعت هذه القواعد لفترة وجيزة نادي برشلونة من إجراء تعاقدات جديدة، قبل أن يستخدم النادي الكتالوني مبيعات الأصول لتعزيز ميزانيته العمومية. منذ ذلك الحين، عدلت إدارة الدوري الإسباني ضوابطها لجعل القيام بذلك أكثر صعوبة.
في ألمانيا، تخضع ملكية الأندية للحراسة عبر ما يسمى قاعدة 50+1، التي تمنع المستثمرين الخارجيين من الحصول على حصص مسيطرة في معظم الفرق، ما يترك الأندية تعتمد على دخلها لتمويل نفسها. يقول الدوري الألماني "إن هذه القواعد تساعد على حماية كرة القدم الألمانية من الملاك المتهورين".
لا توجد لدى إيطاليا وفرنسا مثل هذه القواعد الصارمة بشأن الملكية، وقد اجتذبتا استثمارات من أصحاب المليارات وصناديق الثروة السيادية والتكتلات الصينية في الولايات المتحدة. لكن هاتين البطولتين تتمتعان أيضا بأدنى إيرادات البث للبطولات الخمس الكبرى في أوروبا، ما يجعل معظم الفرق في كلتا الدولتين متخلفة كثيرا عن الأندية الإنجليزية. وفقا لشركة ديلويت، وصل فريق فرنسي واحد وثلاثة أندية إيطالية إلى قائمة أفضل 30 ناديا من حيث الدخل.
نتيجة لذلك، ينجذب كثير من نجوم اللعبة نحو الأندية الإنجليزية. يقول جيك كوهين، المحامي الرياضي في شركة ماكريل سوليسترز "الأمر مشابه لأي صناعة، الطريقة التي تجذب بها المواهب هي عبر تقديم تعويضات سخية. الدوري الإنجليزي الممتاز لديه أكبر قدر من المال. ولا أرى أن هذا في سبيله إلى التغيير".
كوفيد وصدمة الإيرادات
في حين كان التفاوت المالي بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوريات كرة القدم الأخرى ينمو منذ أعوام، أدت جائحة كوفيد - 19 إلى زيادة حدته. أفضى ظهور الجائحة إلى توقف مفاجئ لكرة القدم في جميع أنحاء أوروبا، تاركا عديدا من الأندية عرضة لانخفاض مفاجئ وخطير في الإيرادات. وبعد إغلاق الملاعب وعندما باتت بعض الاتفاقيات لبث المباريات طي النسيان، سارع كثير من الأندية للحصول على المال كي تتجنب الإغلاق بشكل تام وتحافظ على عملياتها الأساسية.
لجأت بطولتا الدوري الإسباني والفرنسي إلى شركات الأسهم الخاصة، وحصلتا على سيولة نقدية في صفقات منفصلة مع شركة سي في سي بارتنرز مقابل حصة مستقبلية من حقوق البث. كذلك بحثت كل من إيطاليا وألمانيا الشيء نفسه، لكنهما اختارتا في النهاية التخلي عن هذا الطريق. يقدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن جائحة كوفيد تسببت لكرة القدم الأوروبية في خسائر تقدر بسبعة مليارات يورو.
لكن بفضل صفقات البث الأكبر بكثير ومالكي الفرق الأثرياء، كان الدوري الإنجليزي في وضع أفضل لتجاوز موجة كوفيد. وفقا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حققت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز متوسط ربح 25 مليون يورو في عام 2021، في حين أعلنت معظم الأندية الأوروبية تكبدها خسائر.
لكن بالنسبة إلى الأندية في أسفل هرم كرة القدم في إنجلترا، وجهت جائحة كوفيد لها ضربة أكثر خطورة. يتسم السباق للوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بالتنافسية العالية لدرجة أن الموارد المالية لكثير من الأندية تحت الدرجة الأولى أصبحت في وضع أخطر.
بلغ متوسط نسبة الأجور إلى الإيرادات للفرق في القسم الثاني 125 في المائة في موسم 2020 - 2021، وفقا لشركة ديلويت. وبينما فاقمت جائحة كوفيد من المشكلة، أنفقت الفرق في الدوري على الأجور أكثر من الدخل الذي استطاعت تحقيقه في المواسم الثلاثة السابقة.
كان ريك باري أول رئيس تنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز بعد أن ساعد على تنظيم تشكيله في عام 1992. لكن بصفته الآن رئيسا لدوري كرة القدم الإنجليزية -الهيئة التي تمثل الدوريات ذات المستوى الأقل في البلاد- فقد حذر من اتساع الهوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوريات كرة القدم الأخرى.
قال "حان الوقت الآن لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة التفكير بشكل صحيح. هناك مبالغ هائلة من الأموال تتدفق إلى القمة، لكنها لا تتدفق نحو الأسفل".
لكن اتحاد كرة القدم الإنجليزي يقول "إن السبب الجذري لحالة الازدهار والكساد في كرة القدم هو التفاوت الهائل في الثروة بين أنديته وبين البرميرليج". إن ثمن البقاء في المستوى المالي الحالي -علاوة على الوصول إلى قمة المنافسة- هو تغطية مالكي الأندية الخسائر الناشئة عن الأجور التي تتجاوز إيرادات الأندية. وعندما يتوقف ضخ الأموال، ستتعرض الأندية لخطر الانهيار.
تظهر حسابات البرميرليج أن الإيرادات كانت 45.7 مليون جنيه استرليني في العام المالي 1993، مقارنة بـ34 مليون جنيه لرابطة الدوري الإنجليزي. وفي العام المنتهي في تموز (يوليو) 2021 أظهرت حسابات البرميرليج عائدات تقارب 3.2 مليار جنيه، بينما بلغت عن الدوري الإنجليزي 189 مليون جنيه.
تقول رابطة الدوري الإنجليزي "إن الحل هو أن يجمع الدوريان حقوقهما للبث التلفزيوني ويبيعاها معا، ومن ثم تقسيمها بنسبة 75 إلى 25، مع تعديل المكافآت بناء على المركز في الدوري، لتضييق الفجوة بين الأندية في قمة البطولة والأخرى أسفل الترتيب".
يقول البرميرليج "إنه في الطريق للمساهمة بـ1.6 مليار جنيه لبقية أندية كرة القدم الإنجليزية على مدار المواسم الثلاثة حتى موسم 2024 - 2025"
وعلى الرغم من الضغوط على حكومة المملكة المتحدة لإيجاد حل ـمن المقرر أن تنشئ جهة تنظيمية مستقلة تشرف على اللعبةـ تقول رابطة الدوري الإنجليزي "إن محادثات تجري مع البرميرليج وهي في مراحلها الأولية".
ويقول دان جونز المستشار الرياضي "من الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بإعادة التوزيع، حيث تكافح اللعبة للوصول إلى نقطة تتفق فيها على حل داخلي"، ويضيف "إذا لم تستطع أطراف اللعبة حل المشكلة بنفسها، فسيتم فرض الحل من الجهات التنظيمية".
النجاح يولد النجاح
عندما تواجه رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز اتهامات برعاية الظلم في نواح أخرى في كرة القدم، يمكن أن تشير حينها إلى نجاحها التجاري الهائل، الذي تقول "إنه بني على أعوام من الاستثمار في البنية التحتية للملاعب، والنهج الذكي لحقوق البث لوسائل الإعلام، والتزامها بالحفاظ على الروح الحماسية للدوري".
في الأعوام العشرة الماضية، فازت خمسة أندية مختلفة بالألقاب الإنجليزية، بينما الحال في ألمانيا على النقيض من ذلك، حيث يستعد بايرن ميونيخ للفوز بالبطولة الـ11 على التوالي. في الوقت نفسه يتم تقسيم عائدات البث بين الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز بطريقة أكثر تساويا من أي دوري آخر في أوروبا.
كذلك تجادل الأندية الإنجليزية بأن الادعاءات حول هيمنتها المتزايدة لا تدعمها النتائج في المنافسات على مستوى القارة. ففي العقد الماضي، فازت أندية البرميرليج بدوري أبطال أوروبا مرتين، عدد الألقاب الأوروبية نفسه الذي فاز به بايرن ميونيخ، بينما فاز ريال مدريد باللقب خمس مرات. وخلال الفترة ذاتها، فازت الأندية الإنجليزية ببطولة الدوري الأوروبي ثلاث مرات، أي أقل أربع مرات فاز بها نادي إشبيلية الإسباني.
وتسلط قائمة أكبر انتقالات اللاعبين في تاريخ كرة القدم الضوء أيضا على القوة المترسخة لبعض أكبر الفرق في أوروبا. انضم أغلى لاعب في التاريخ، وهو المهاجم البرازيلي نيمار، إلى نادي باريس سان جيرمان الذي تملكه قطر، مقابل 222 مليون يورو في صيف 2017. وسجل انتقال إنزو فرنانديز الشهر الماضي إلى نادي تشيلسي مقابل 107 ملايين جنيه استرليني، رقما قياسيا في إنجلترا، هو مجرد واحد من بين أكبر خمس صفقات انتقال.
وفقا لمنصة فوتبول بينشمارك، يدفع نادي باريس سان جيرمان أعلى فاتورة أجور في كرة القدم. أنفق 729 مليون يورو الموسم الماضي على ألمع اللاعبين مثل ليونيل ميسي، بينما جاء ريال مدريد في المركز الثاني بإنفاق بلغ 519 مليون يورو. وفي أواخر العام الماضي توصل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى تسويات مع ثمانية أندية لفشلها في تلبية متطلبات مالية معينة، لم يكن من بينها أي من أندية البرميرليج.
وكان الإنفاق الهائل على صفقات الانتقال في كانون الثاني (يناير) مدعوما برغبة تشيلسي في تجديد تشكيلة فريقه على وجه السرعة، ومن غير المرجح أن تحدث مطابقة لهذا الإنفاق في فترات التنقلات مستقبلا.
ومن المرجح أن يعتمد تدفق الأموال في سوق صفقات الانتقال هذا الصيف على الانتقالات المحتملة لعدد قليل من ألمع اللاعبين الكبار، بمن فيهم كيليان مبابي وجود بيلينجهام، وكلاهما لا يلعب حاليا في إنجلترا. وفي حال انتقل أحدهما أو كلاهما إلى إسبانيا، فقد يميل مؤشر الإنفاق بين البطولات نحو أوروبا بسرعة.
قد يأتي أكبر تهديد محتمل للقوة المالية للأندية الإنجليزية من الجهات التنظيمية المحلية. وكانت خطوة البرميرليج ضد نادي مانشستر سيتي الأسبوع الماضي تذكيرا قويا بأن الدوريات والهيئات الإدارية تتمتع بالسلطة للتدخل إذا ما وجدت ممارسات خاطئة.
فقد تمت إحالة نادي مانشستر سيتي إلى لجنة مستقلة، ستكون لديها صلاحية خصم نقاط، أو فرض غرامات، أو طرده من الدوري إذا ثبتت إدانته.
لكن قرار رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز جاء بعد تحقيق استمر أربعة أعوام، ويتوقع كثيرون أن المعركة القانونية باهظة الثمن بين أغنى دوري في كرة القدم وأغنى ناد فيه ستستمر، ربما لأعوام.
وكان النادي قد رفض مزاعم مماثلة وجهها إليه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي منع "السيتي" من المشاركة في دوري أبطال أوروبا لمدة عامين، لكن هيئة التحكيم الرياضية ألغت القرار بعد أشهر.
وتنتظر كرة القدم الإنجليزية تأسيس هيئة تنظيمية خاصة بها ومستقلة، ومن المقرر أن تنشر حكومة المملكة المتحدة هذا الشهر كتابا أبيض توضح فيه صلاحياتها. وتأتي هذه الخطوة ردا مباشرا على فكرة الدوري الأوروبي السوبر، لكنها تعد أيضا اعترافا منها بأن الوضع الراهن قد ترك بعض أجزاء اللعبة في خطر.
كما تقوم بطولات الدوري الأخرى بإجراءاتها الخاصة. ففي الشهر الماضي، خصم الاتحاد الإيطالي لكرة القدم 15 نقطة من يوفنتوس بعد اتهام النادي الفائز ببطولة الدوري 36 مرة، بارتكاب ممارسات محاسبية زائفة.
في الوقت نفسه تلوح في الأفق تشديدات على قوانين الإنفاق للأندية المتنافسة في المسابقات الأوروبية الشاملة. وينتظر أن تحدد لوائح الاستدامة المالية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم سقفا للإنفاق على الفريق يبلغ 90 في المائة من دخل النادي في الموسم التالي، لكن من المقرر أن تنخفض هذه النسبة إلى 70 في المائة في العامين التاليين.
ويعتقد بعض الخبراء القانونيين أن أمر تسوية الملعب سيقع في نهاية الأمر على عاتق الهيئات المنظمة للعبة.
قال كارلوس هورتادو، المحامي المختص بالشؤون الرياضية لدى شركة بيكلر ماكينزي للمحاماة "الاتحاد الأوروبي لديه الوسائل التي تمكنه من محاولة إيجاد بيئة مستقرة لكرة القدم". وأضاف "إذا كانت لديك حوكمة وضوابط مالية قويتان يمكنك إيجاد بيئة للرياضة كي تتطور، وللمستثمرين بالمجيء، وإيجاد مزيد من القيمة. عندما تفعل ذلك ستكون لديك كرة قدم أكثر تنافسية".