شركات الأسهم الخاصة: إيجاد عوائد ممتازة في أوقات الاضطراب الاقتصادي
قد يكون هذا العام والعام المقبل سنتي غلة بالنسبة لعوائد شركات الأسهم الخاصة، رغم أن سوق هذه الشركات تقلصت بشكل كبير من أعلى مستوى وصلت إليه في عامي 2006 و 2007. هذا ما يقوله بيتر كورنيليوس، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة AlphInvest Partners للأسهم الخاصة التي تدير موجودات تقدر قيمتها بـ 40 مليار دولار أمريكي.
إذ يقول كورنيليوس، وهو أحد المتحدثين الرئيسين في مؤتمر إنسياد السنوي السابع للشركات الخاصة والذي عقد أخيرا في جامعة إنسياد الأوروبية في فاونتنبلو: «أعتقد أنه لا يوجد شك مطلقاً في أن السوق الكلية لشركات الأسهم الخاصة العالمية قد تقلصت بشكل كبير بنحو 60 إلى 70 في المائة عن أعلى مستوى وصلت إليه».
فعلى سبيل المثال، تكاد سوق الشراء الشامل بالدين تكون مغلقة بسبب أزمة الائتمان العالمية التي جعلت من المستحيل تقريباً على شركات الشراء الشامل أن تحصل على القروض من البنوك أو أن تحصل على الأموال من أسواق الدين.
ولكن بالنسبة لمستثمري الشركات الخاصة الذين لديهم الأموال للقيام بصفقات جديدة، تدل البيانات التاريخية أن عامي 2009 و 2010 يمكن أن يكونا عامين ممتازين لأن هناك علاقة عكسية بين حال الاقتصاد العالمي وبين العوائد التي تتأتى من استثمارات شركات الأسهم الخاصة، كما يقول كورنيليوس. وبصورة أساسية، فإن المستثمرين يحصلون على أفضل العوائد خلال الركودات الاقتصادية بسبب قلة المنافسة على الصفقات ولأن الموجودات تقيم بأقل من قيمتها بكثير.
ويقول نيكولاس بلوي، مدير عام شركة نافيس كابيتال بارتنرز للأسهم الخاصة التي تدير موجودات تصل قيمتها إلى ملياري دولار أمريكي إن صناعة شركات الأسهم الخاصة متوقفة في الوقت الراهن. ويقول بلوي الذي كان هو الآخر متحدثاً رئيساً في المؤتمر، إن الكثير من مستثمري شركات الأسهم الخاصة يواجهون عقبات جمة تحول دون قيامهم بنشر مزيد من رأس المال لأن الاستراتيجيات التي خدمتهم على نحو جيد في سنوات طفرة السوق ليست مناسبة في ظل المناخ الاقتصادي الراهن.
ومع التخفيضات العالمية في إدارات تمويل الديون في البنوك الرئيسة، لا توجد رغبة حقيقية (لدى البنوك) في تمويل هذه الأنواع من الاستثمارات، كما يقول بلوي. وعلاوة على ذلك، فإن الانهيار العالمي الحالي في أسواق مال طروحات الاكتتابات العامة الأولية يعني أن قلة من مستثمري شركات الأسهم الخاصة،مثل مستثمري ما قبل طروحات الاكتتابات العامة الأولية، ومستثمري أموال النمو والمستثمرين المخفيين، سيجدون صعوبة في الخروج من استثماراتهم.
وفي واقع الأمر، فإنه في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية التي حدثت في أواخر تسعينيات القرن الماضي، أغلقت أسواق الاكتتابات العامة أبوابها لمدة سنتين أو ثلاث سنوات، ما أبقى مستثمري الأقلية في مراكزهم من دون أية إمكانية حقيقية للخروج.
ورغم أن صناعة شركات الأسهم الخاصة تتوخى الحذر من الإقدام على استثمارات جديدة، فإن لديها موارد مالية كبيرة غير مطروقة تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار أمريكي ولكن من المشكوك فيه ما إذا كانت هذه الأموال قابلة للسحب أو الاستثمار.
«هناك جزء كبير من الالتزامات المالية غير المسحوبة – مسحوق جاف إذا أحببت.» ولكن هناك علامة استفهام على المبلغ القابل للسحب من ذلك المال لأن الشركاء المحدودين الذين قدموا تلك الالتزامات وضعوا أنفسهم في نوع من اضطراب التدفقات النقدية لأنهم بالغوا في تقدير المبالغ التي يمكن أن يجنوها من الخروج من الالتزامات التي قدموها، ولذلك فإنه ليس لديهم التدفق النقدي لتمويل كثير من ذلك الجزء الآخذ في التزايد.
ولكن في الوقت نفسه، هناك علامة استفهام حول مدى قابلية هذه الأموال للاستثمار فقد يمكن أو لا يمكن سحبها ولكن السؤال هو: هل هي قابلة للاستثمار؟»
ومن المؤكد أن هناك إشارات مشجعة في أسواق المال في ظل حصول بعض الانتعاش في سوق الأسهم وبعض النشاط في أسواق الدين، كما يشير كورنيليوس. ولكن مستثمري شركات الأسهم الخاصة قد يتوقفون لبعض الوقت حتى تكون هناك إشارات مؤكدة على استمرار التعافي الاقتصادي، كما يقول.
ويقول:» لقد أصبح المحللون أكثر تفاؤلاً بسبب تحسن البيانات الاقتصادية، ولكنني أعتقد أننا ينبغي أن نكون واقعيين.
«ذلك أنه ستمر فصول عدة قبل أن نشهد نمواً اقتصادياً إيجابياً، وقبل أن تتراجع فروقات العوائد إلى المستويات التي تجعل من المعقول تمويل صفقات الشراء الشامل، كما ينبغي أن نكون واقعيين بشأن الوضع في مجتمع الاكتتابات العامة الأولية من حيث الاستثمارات التي يستطيعون القيام بها في فئات الموجودات المختلفة».
ولدى سؤاله عن كيف يستطيع الشركاء العامون لشركات الأسهم الخاصة أن يبرروا الأتعاب الادارية التي يتقاضونها ( والتي تبلغ نحو 2 في المائة من التزامات المستثمرين الاستثمارية تجاه الصندوق) في حين أنهم لا يقومون باية استثمارات جديدة تقريباً بانتظار الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية، إذا أخذنا في الحسبان أن لدى هذه الصناعة رأسمال خامل يقارب تريليون دولار أمريكي، يقول كونيليوس إن من المهم جداً أن يمضي الشركاء العامون قدراً كبيراًُ جداً من وقتهم مع شركات المحافظ في ظل تزايد عمليات التخلف عن السداد.
ويضيف أن الشركاء العامين ما زالوا ناشطين في البحث عن صفقات جديدة ولكن عديدا من البائعين المحتملين ما زالوا غير واقعيين في الأسعار التي يطلبونها، الأمر الذي حال دون قيام كثير من الشركاء العامين باستثمارات جديدة.
وعندما ضغطنا عليه أكثر، سلم كورنيليوس بأن المستثمرين أو الشركاء المحدودين يكرهون الأتعاب التي لا علاقة لها بالأداء. ولكنه يأمل في أن يصبح المستثمرون في وضع أقوى يمكنهم من الحصول على صفقات أفضل من الشركاء العامين.
وبالنسبة للسيد بلوي، فيعتقد أنه سيكون هناك انكماش في الاتعاب التي تتقاضاها شركات الأسهم الخاصة من المستثمرين في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة. وهو يعترف بأن المستثمرين يشعرون بالإحباط من انخفاض العوائد التي يحصلون عليها بعد أن أخذ الشركاء العامون والوسطاء (كصناديق الأموال) حصتهم من العوائد.
ويضيف في هذا الصدد:» الحقيقة هي أن العقد في شركة الأسهم الخاصة يكون بين المستثمرين وبين الشركة الإدارية. ويتعلق هذا العقد بترتيب طويل الأجل لتقاسم المخاطر على أساس أنه إذا قمنا باستثمار جيد وخرجنا منه بعد خمس سنوات فإننا سنحقق ربحاً جيداً وسنحصل على حصة منه، وهذا هو في واقع الأمر أساس العمل التجاري. هذه هي الكيفية التي تتضافر فيها جهود الشركات والشركاء العامين والشركاء المحدودين لإيجاد القيمة في المدى المتوسط إلى الطويل.
«ولكن هذا الانسجام والعلاقة تتشوه عندما تعود الأتعاب الإدارية بأرباح كبيرة أو حتى مفرطة على الشركة الإدارية، وهكذا، فإن المهنيين في الشركة الإدارية يكونون في غاية السعادة لأنهم يعيشون على توزيعات الأرباح التي يحصلون عليها وعلى الرواتب والمكافآت العالية التي يحصلون عليها من الأتعاب الادارية. وإذا شكل هذا محفزاً أقوى لهم من حافز الأجل المتوسط إلى الطويل، فإنه يبدو شبيهاً بالعامل المحبط بالنسبة لي وللمستثمرين وفيما أعتقد بالنسبة لأي مراقب موضوعي لهذه الصناعة».