FINANCIAL TIMES

العقارات التجارية تواجه مصيرا مشابها للتجزئة

العقارات التجارية تواجه مصيرا مشابها للتجزئة

تغيير دائم في سلوك المستهلك، وقطاع يميل للإنكار، وشعور متزايد بالكآبة، واحتمال أن كل شيء يمكن أن يزداد سوءا.
لا نتحدث عن تغيير في تجارة التجزئة، بل عن التغيير في سوق المكاتب في المملكة المتحدة. إن ارتفاع تكاليف الاقتراض يعني حدوث تصحيح في العقارات التجارية، حيث أبلغ أكبر الملاك المدرجين في المملكة المتحدة عن انخفاض القيم هذا الشهر.
التغيير الهيكلي يؤثر أيضا. لا يزال التحول الناجم عن الجائحة نحو العمل الهجين مستمرا، ما أدى إلى انخفاض الطلب على المساحات المكتبية المشابه لصعود تجارة التجزئة عبر الإنترنت للمتاجر التقليدية. لا شك أن هذين القطاعين مختلفان - لكن هناك أصداء تترد.
أولا، يمكن أن يستغرق الاتجاه بعض الوقت حتى يوقع الضرر. بالنظر إلى ما مضى، يبدو التوسع في مساحات البيع بالتجزئة في المملكة المتحدة بعد وصول الهواتف الذكية في 2008 مجنونا، نمت المساحة الإجمالية نحو 10 في المائة على مدى العقد التالي، وفقا لشركة لامبرت سميث هامبتون. حتى مع زيادة حصة تجارة التجزئة عبر الإنترنت، ارتفع الطلب على الخدمات اللوجستية وتزايدت حالات فشل تجار التجزئة، لذا استمر النمو المادي، الذي يبرره على ما يبدو تأثير "الهالة" للمتاجر الجديدة أو استراتيجيات القنوات المتعددة. بعد أن بدأت معدلات المساحات الشاغرة في الارتفاع بشكل ملموس، فقد فات الأوان، قالت وكالة سافيلز العقارية إن ما يصل إلى 300 مليون قدم مربع، أو ربع السوق، يمكن أن يكون فائضا عن الحاجة بحلول 2030.
لا يتعين على مالكي المكاتب القلق بشأن تلاشي المستأجرين متعددي المواقع، أو على الأقل ليس بالتكرار الذي كان لدى تجار التجزئة في الأعوام الأخيرة. لكن بعد الإشارات إلى أن رؤساء العمل أو الشباب أو الطموحين سيقودون العودة إلى المكتب، التي أعقبتها تنبؤات بأن الطقس الحار، أو الطقس البارد، أو الضغط الاقتصادي من شأنه أن يفرض حدوث انتعاش، يبدو أن التحول نحو العمل في المنزل لا يزال باقيا. تبلغ معدلات إشغال المكاتب تقريبا نصف مستويات ما قبل الجائحة، أو نحو 30 في المائة، وفقا لشركة ريميت كونسولتينغ.
سيستغرق ذلك وقتا لإحداث تأثير في السوق مع انتهاء عقود الإيجار. وجد بحث "لامبرت سميث هامبتون" هذا الصيف أن ثلاثة أرباع المستأجرين قالوا إنهم يخططون لتقليل المساحة عندما يمكنهم ذلك، بناء على عدد الموظفين المستقر، مع كون الخيار الأكثر شيوعا هو التخفيض بنسبة تراوح بين الخمس و40 في المائة.
يقودنا هذا إلى صدى آخر، "التشعب" أفضل صديق للقطاع. على الرغم من ارتفاع معدلات الشغور منذ 2020، ولا سيما في الحي المالي في لندن، يشير وكلاء المكاتب إلى أرقام تأجير قوية، حيث تسعى معظم عمليات التأجير إلى الحصول على أحدث مساحات المكاتب وأكثرها استدامة. المستأجرون على استعداد، كما يقول وكلاء المكاتب، لدفع المزيد مقابل مساحة أقل، لكن في موقع أفضل وفي مبنى قد يعجب موظفيهم بالفعل.
المواقع الرئيسة، في مصطلحات الصناعة، ستكون على ما يرام. في مجال البيع بالتجزئة، بعد أعوام من الادعاءات المشابهة، لم يكن الأمر كذلك، ربما تكون مراكز التسوق عالية الجودة آخر ما تصدع وأول ما تعافى لكن الجميع عانى، كما يقول بيتر باباداكوس من شركة جرين ستريت أدفيزورز، الذي توقع أن يصل الطلب المكتبي 15 في المائة من العمل الهجين منذ منتصف 2020. يمكن أن تنتقل العدوى من جزء من السوق إلى آخر.
تبعت التوقعات الخاصة بالقيم الرأسمالية للمكاتب الرئيسة في العام التالي المكاتب الثانوية إلى المنطقة السلبية بين الربعين الثاني والثالث من هذا العام، وفقا لشركة أر أي سي أس، في حين تراجعت التوقعات الإيجارية القوية سابقا إلى نمو متواضع.
يكمن الخطر الحقيقي الآن في كيفية تفاعل التغيير الهيكلي فيما يريده المستأجرون من المساحات المكتبية مع التراجع الدوري. عانت تجارة التجزئة ليس فقط بسبب الإنترنت بل لأن الإيجارات كانت مرتفعة للغاية بالنسبة إلى حجم المبيعات، وكلا المشكلتين أججتهما الجائحة.
لا تعاني سوق المكاتب مشكلة القدرة على تحمل التكاليف نفسها، ربما تشكل فواتير الإشغال 15 في المائة من إجمالي نفقات التشغيل وأقل بكثير مقارنة بتكاليف الموظفين في تجارة التجزئة. لكن هذا يجعل توقعات نمو الوظائف أمرا بالغ الأهمية، ما يؤثر في استعداد المستأجرين لأخذ مساحات زائدة تحسبا أو للارتقاء إلى مكاتب أكثر فخامة بالقرب من المقاهي، ولا سيما إذا خفت معركة جذب الموظفين. إن التأجير من الباطن هو أول علامة على وجود مشكلة، حيث تحوط الشركات رهاناتها عندما تواجه ركودا لا يعرف عمقه أو مدته.
سيتم تحديد ما إذا كان صخب التجزئة في سوق المكاتب سيعلو عبر أرقام التوظيف بقدر ما سيعلو عبر المساحات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES