FINANCIAL TIMES

هل عادت علاقة المستثمرين بالسندات؟

هل عادت علاقة المستثمرين بالسندات؟

بلغ المستثمرون تلك المرحلة من الانفصال الطويل والفوضوي عن السندات حيث يتململون على كراسي المقاهي، سائلين أعز أصدقائهم عما إذا كان من الجنون إعطاء العلاقة محاولة أخرى؟
من المؤكد أنه لم يكن زواجا سعيدا هذا العام. بعد أربعة عقود من الاستقرار، والثبات في أوقات عدم اليقين والعوائد الموثوقة "بالقيمة الاسمية على الأقل، فليس هناك وجود لعلاقة مثالية"، أساءت السندات الحكومية لمديري الصناديق في 2022.
وجه التضخم المرتفع والمستمر ضربة قوية، حيث قلل تدريجيا مدفوعات الفائدة الثابتة التي توفرها السندات عادة وتسبب في سلسلة من الارتفاعات القوية المذهلة لأسعار الفائدة القياسية. هذا سيئ بما فيه الكفاية، فمنذ أزمة 2008، أصبح مديرو الصناديق متأهبين لتوقع مستويات منخفضة للغاية من التضخم والبنوك المركزية الداعمة.
بلا شك، كان المستثمرون يتذمرون من السندات في الماضي، خاصة عندما انخفضت أسعار الفائدة القياسية إلى الحد الذي جعل العوائد تتحول إلى سلبية، ما يعني أن مديري الصناديق انتهى بهم الأمر إلى شرائها وهم يعلمون يقينا أنهم سيخسرون المال إذا احتفظوا بها حتى تاريخ الاستحقاق.
لكن كان هذا العام شديد القسوة. حتى السندات الحكومية طويلة الأجل تضررت. وهذا أمر غير معتاد في حد ذاته، خاصة مع احتمال حدوث ركود وشيك، كما أدى الضعف في قدرة الأسواق المالية هذه إلى تدمير منتجات استثمارية وصفت بأنها آمنة للغاية. من المفترض أن تكون هذه الأشياء رتيبة وموثوقة. ليس من المفترض فقدان مدخرات حياتك.
ليست فقط الديون الحكومية طويلة الأجل من تتحمل اللوم. انخفض مؤشر بلومبيرج الأمريكي الإجمالي الذي يضم مجموعة من الديون الدولارية نحو 13 في المائة حتى الآن هذا العام، ببساطة أسوأ عام له منذ عقود.
الإهانة الحقيقية هي أن السندات فشلت في إحدى أهم مهامها الأساسية في المحفظة، فقد انخفضت في وقت انخفاض الأسهم نفسه. فترات قصيرة مثلها تحدث، لكنها لا تدوم فترة طويلة مثل هذه. لقد حولت عاما سيئا للمستثمرين إلى عام فظيع.
لكن بعد هذا الانهيار التاريخي، بدأ المستثمرون يعودون إدراجهم رويدا رويدا. سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام، باختيار المعيار العالمي، تحقق عائد 3.7 في المائة. هذا يعد عائدا، وأعلى بكثير من 1.6 في المائة التي بدأنا بها 2022.
هل يمكن أن تنخفض الأسعار أكثر؟ بالتأكيد، إذا ارتفع التضخم مرة أخرى. قال إميل فان دن هيليجنبرج، رئيس تخصيص الأصول في شركة ليجال آند جينرال إنفستمنت مانجمنت، "من الصعب للغاية التنبؤ بالتضخم، لديك جيوش من حملة الدكتوراه يدرسونه في البنوك المركزية ويخطئون في التنبؤ طوال كل وقت".
مع ذلك، فإن العوائد أصبحت الآن جيدة، وفي الأغلب دون الحاجة إلى تحمل أي مخاطر حقيقة بالتخلف عن السداد، وإذا حدث الأسوأ "الركود مثلا" فإن السعر سيقفز مرتفعا، ما يخفف من الضربة المحتملة من انزلاق الأسهم. يقول فان دن هيليجنبرج "أحد أسباب الاحتفاظ بالسندات هو من أجل المخزون الاحتياطي، هذا لا يزال ساريا".
يتردد بعض الناس لأسباب مفهومة. يقول جيمس بومونت، رئيس إدارة محافظ الأصول المتعددة في شركة ناتيكسيس إنفستمنت مانجمنت، إنه كان يقلل استثماراته فيها مقارنة بالمؤشرات المرجعية في السندات الحكومية الأمريكية والأوروبية طوال العام. وهو يعود الآن باعتدال مرة أخرى، خاصة على الجانب الأمريكي. "نحن نسعى مجددا إلى الحياد وهو اقتراح استثماري أكثر جاذبية، لكنا لسنا محايدين حتى الآن. هل أرى أنه يمكننا فعل ذلك العام المقبل؟ نعم، لكن ليس بعد"، كما يقول.
آخرون أكثر حماسا. بدت شركة جي بيه مورجان لإدارة الأصول متحمسة في أحدث توقعاتها على المدى الأجل بقولها "السندات عادت". بالطبع تميل شركة "بيمكو"، إحدى أكبر صناديق السندات في العالم، دائما لرؤية الارتفاع في فئة الأصول هذه. مع ذلك، فإن "الدعوة إلى اتخاذ خطوة" من كبير مسؤولي الاستثمار دان إيفاسين لافتة للنظر. قال الأسبوع الماضي "لقد عادت القيمة إلى أسواق الدخل الثابت". "بمجرد التفكير في العوائد الاسمية، سنبدأ هنا في الولايات المتحدة.يمكنك البحث عن منتج بفارق مرتفع جدا، ومن السهل جدا تجميع محفظة في نطاق عائد من 6 أو 6.5 في المائة، دون الانكشاف على كثير من الأصول الحساسة اقتصاديا".
كما يشير التدفق الثابت الآن لأجزاء من توقعات البنوك الكبرى ومديري الأصول إلى تقارب وشيك الحدوث مع الديون. كتب الفريق في مصرف مورجان ستانلي، "في السندات الممتازة، نرى قوة واسعة".
كما يقدم جولدمان ساكس رسالة متوازنة لأسباب مفهومة، نظرا إلى النطاق الهائل للنتائج المحتملة في العام المقبل. لكنه يقول أيضا "هناك عائد معروض أكثر، في كل من العوائد الحقيقية والاسمية، مقارنة بعوائد عقدين. قد تبدو هيكلة المحافظ حول كسب هذا العائد مملة، بدلا من محاولة الوصول إلى احتمال زيادة قيمة رأس المال بشكل كبير. لكنها قد تكون أيضا عودة إلى مزيد من الاستثمار التقليدي".
في الوقت نفسه، تنصح "يو بي إس ويلث مانجمنت" العملاء "بالبحث عن فرص للإيرادات". قالت، "في درجة الولايات المتحدة الاستثمارية، تبلغ العوائد نحو 5 في المائة - مستوى نجده جذابا، الذي ينبغي أن يوفر مخزونا احتياطيا ضد التقلبات".
عموما، إنها ليست بالضبط إعادة إحياء دراماتيكية للرومانسية. لكن المستثمرين يجرؤون على الإيمان بأن العلاقة مع السندات ربما تستحق فرصة أخرى.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES