FINANCIAL TIMES

اقتصاد فيتنام يرفرف بالطموحات التكنولوجية

اقتصاد فيتنام يرفرف بالطموحات التكنولوجية

صدم نيك لونسديل بعدد الدراجات النارية التي كانت تعج بها شوارع هانوي، عندما زارها لأول مرة قبل ستة أعوام فقط. يقول الرئيس التنفيذي لـ"ناش تيك"، مجموعة بريطانية لتكنولوجيا المعلومات وتعتبر أكبر شركة تكنولوجيا ذات ملكية أجنبية في الدولة، "يوجد الآن عدد كبير جدا من السيارات. الازدهار ملموس".
خلال الأعوام الخمسة المقبلة، سيحدث تحول مشابه في قطاع التكنولوجيا في الدولة. من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الرقمي الفيتنامي نموا سنويا مركبا يبلغ 8.9 في المائة بين 2022 و2026، النمو الأسرع من بين 51 دولة شملها الاستطلاع في مؤشر "إف تي أومديا" للاقتصاديات الرقمية.
ستشهد الدولة توسعا هائلا في الاتصال وانتشار الأجهزة، بسبب ذلك تحتل المرتبة الأولى في المؤشر، فضلا عن نمو قوي في المدفوعات الرقمية والترفيه. يقول محللون "إن النمو سيتعزز بسبب السكان الشباب في الدولة والسياسات الحكومية الداعمة وتدفق الأموال الأجنبية والمستثمرين الأجانب".
يسلط مايك روبرتس، المستشار الرئيس في أومديا، شركة أبحاث تكنولوجية، الضوء على سياسات الحكومة الفيتنامية، بما في ذلك هدفها للوصول إلى انشتار كامل للهواتف الذكية بحلول نهاية العام المقبل وخطتها للتحول الرقمي لعام 2025، التي تحدد أهدافا طموحة لرفع مستوى السجلات والخدمات العامة والبنية التحتية المصرفية للدولة.
تعتبر التركيبة السكانية لفيتنام محركا أساسيا آخر للنمو في اقتصادها الرقمي، وفقا لروبرتس، حيث إن 70 في المائة من سكانها الذين يزيد عددهم على 98 مليون نسمة هم دون سن 35 عاما.
في الوقت نفسه، بلغت معدلات محو الأمية للأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما 99 في المائة في 2019، وفقا لأحدث أرقام البنك الدولي، ما يجعل الدولة سوقا رئيسة للأجهزة المحمولة.
يقول روبرتس "هناك تبن قوي جدا للهواتف الجوالة في فيتنام وسيستمر".
لكنه يحذر من أنه في حين إن سياسات الحكومة ترسل إشارة إيجابية إلى المستثمرين، فإن بعض أهدافها غير واقعية.
"هناك حالة من عدم اليقين في كثير من الدول، ومنها فيتنام، حول استمرار الدعم الحكومي مع مرور الوقت. هناك عدد كبير من الأهداف الطموحة للغاية، بعضها سيتحقق وبعضها الآخر لن يتحقق"، كما يقول.
ويضيف أن "مثبطات النمو المحتملة تتمثل في السكان ذوي الدخل المنخفض نسبيا والبنية التحتية المادية غير المتطورة في الدولة، وكلاهما يمكن أن يعرقل الإقبال على المنتجات الرقمية.
يقول روبرتس "أحد الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن هي أن فيتنام تنمو بوتيرة جنونية في مجال الاتصال. لكن السرعة الفعلية لخدمات النطاق العريض في الدولة يمكن أن تكون بطيئة نسبيا"، مضيفا أن الدولة لديها عدد أقل من الكابلات البحرية التي تربطها بالعالم الأوسع مقارنة بدول جنوب شرق آسيا الأخرى. هذا يعني فقط نطاقا تردديا أقل لمشاركتها".
مع ذلك، تعتبر فيتنام واحدة من أهم الوجهات في جنوب شرق آسيا للاستثمار الأجنبي المباشر، وفقا لـ"أومديا"، ولا سيما بالنسبة إلى الصناعات التحويلية. سيساعد هذا، كما تقول الشركة، على تسريع استخدام بيانات الجيل الخامس 5G، حيث تبدأ الشركات النامية في الاعتماد على اتصالات عرض النطاق الترددي العالي والسريع من 5G لتحسين عمل خدمات تكنولوجيا المعلومات السحابية والأتمتة في المصانع.
باعت الدولة طيفا تردديا لـ5G للمرة الأولى في مزاد علني أواخر 2021 وسيصل إلى 2.4 مليون مشترك بحلول نهاية هذا العام بعد إطلاق تغطية عالية السرعة من شركات النقل الرئيسة الثلاث، "فيتيل" و"في إن بي تي" و"موبيفون".
يقول محللون "إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة استفادت أيضا من هرب رأس المال الأجنبي من الصين، حيث يشعر المستثمرون الدوليون بالفزع من الحملة واسعة النطاق على قطاع التكنولوجيا في الدولة وسياستها الصارمة الخاصة بصفر كوفيد".
في آب (أغسطس)، ذكرت شركة نيكي أن "أبل" تجري محادثات لبدء إنتاج ساعات أبل وأجهزة ماك بوك في فيتنام للمرة الأولى. جاء ذلك في أعقاب نقل "أبل" بعض عمليات إنتاجها لأجهزة آيباد إلى الدولة بعد عملية إغلاق استمرت شهرين في شنغهاي أدت إلى تعطيل سلاسل التوريد في وقت سابق من هذا العام.
يقول دومينيك سكريفن، الرئيس والمؤسس المشارك لشركة دراجون كابيتال، مجموعة استثمارية مقرها فيتنام، "إن مزيدا من الشركات تنقل مقارها الإقليمية إلى مدينة هو تشي منه (سايجون سابقا). لا تعتبر مركزا عالميا بعد، لكنها بالتأكيد اتجاه - من هونج كونج وشنغهاي".
كما يضيف سكريفن أنه "على الرغم من أن الدولة تشترك في بعض أوجه التشابه مع الصين، بما في ذلك نظامها السياسي الذي يقوده الحزب الشيوعي، فإن رأس المال في فيتنام أقل مركزية بشكل ملحوظ مما هو عليه في جارتها الشمالية، ويمنحها السكان الأصغر سنا ميزة ديموغرافية واضحة.
لا يزال هناك قدر كبير من التفاؤل بأن تصبح ثريا قبل أن تصبح كبيرا في السن، الأمر الذي أعتقد أنه أصبح مستحيلا في الصين".
مع ذلك، فقد حذر من أن الصراعات الاقتصادية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، التي لا تزال الشريك التجاري الأكبر لفيتنام وعلى "علاقة محورية للغاية" معها، توجد أيضا مخاطر سلبية.
انخفضت صادرات فيتنام بنسبة تزيد قليلا على 14 في المائة بين أغسطس وسبتمبر، ومن المحتمل أن يكون التباطؤ في الاقتصادات الغربية أحد الأسباب في ذلك.
ارتفع تضخم أسعار المستهلكين إلى 4.3 في المائة على أساس سنوي في تشرين الأول (أكتوبر)، ارتفاعا من 2.9 في المائة في أغسطس. في حين إن هذا لا يزال أقل بكثير من المستويات المرتفعة التي شهدها العالم الغربي منذ عدة عقود، يقول المحللون "إن النمو السريع لفيتنام واعتمادها على واردات الوقود والغذاء يعرضها لارتفاع أسعار السلع الأساسية في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية".
مع ذلك، فإن الطموحات التكنولوجية للدولة لا تزال قائمة. يقول لونسديل من "ناش تيك"، "إنه على الرغم من أن الحكومة لديها خواصها، فإنه رأى فيتنام تمضي قدما في رقمنة كل شيء بدءا من البنوك وخدمات الثروات إلى الرعاية الصحية والتأمين في الأعوام الأخيرة. هناك أشخاص يترقبون هذه الفرصة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES