FINANCIAL TIMES

عاصفة "إف تي إكس" تجتاح عالم التشفير

عاصفة "إف تي إكس" تجتاح عالم التشفير

أصبح أكبر صندوق عملات رقمية في العالم متورطا في المعمعة التي تدور حول القطاع المضطرب، في علامة أخرى على تراجع الحماس للأصول الرقمية.
انخفض سعر سهم صندوق جراي سكيل الذي تبلغ قيمته 10.5 مليار دولار، ويمتلك 3.5 في المائة من عملة بيتكوين في العالم، إلى خصم قدره 39 في المائة من قيمة أصوله الأساسية، حيث شرع المستثمرون في تدافع يائس بشكل متزايد للخروج.
إن الانفجار يعني أن المستثمرين في الصندوق قد تعرضوا لخسارة بـ83 في المائة منذ أن بلغت عملة بيتكوين ذروتها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، متجاوزة الانخفاض البالغ 74 في المائة من قيمة بيتكوين نفسها.
تضاءلت الثقة بالأصول الرقمية جراء الانهيار الداخلي لبورصة العملات المشفرة إف تي إكس، التي تنتشر تداعياتها عبر الصناعة التي تقارب تريليون دولار بسبب الروابط المعقدة والمبهمة في كثير من الأحيان بين اللاعبين الرئيسين.
ازدادت المخاوف نفسها بالنسبة إلى صندوق جراي سكيل الأربعاء عندما قامت شركة جينيسيس تريدنغ للوساطة، التي أنشأت أكثر من 50 مليار دولار من القروض العام الماضي، بتعليق عمليات الاسترداد وإنشاء القروض في ذراعها الإقراضية بعد معاناتها من عدوى مالية من فشل ثري آروز كابيتال، وهو صندوق التحوط المشفر السنغافوري الذي قدم طلبا للإفلاس في تموز (يوليو).
إن صندوقي جراي سكيل وجينيسيس، هما صندوقان تابعان لـ"ديجيتال كرنسي جروب"، شركة رأس مال مغامر ومقرها ستامفورد، كونيتيكت.
عمل صندوق جينيسيس كمشارك مرخص لمجموعة صندوق جريسكيل، المسؤول عن إصدار الأسهم الجديدة حتى الشهر الماضي عندما أطلق جراي سكيل شركة وساطة داخلية، وهي جراي سكيل سيكيوريتيز.
تعد "ديجيتال كرنسي جروب" أيضا أكبر مساهم في مجموعة صندوق جريسكيل، بحصة قدرها 4.1 في المائة، أو 28.2 مليون سهم، وفقا لبيانات شركة ريفينيتف.
إن مشكلة مجموعة صندوق جراي سكيل المحورية تكمن في أنه تم استبدالها بظهور مشتقات أفضل للاحتفاظ ببيتكوين.
عندما تم إطلاق الصندوق كعرض اكتتاب خاص في 2013، كان واحدا من القلائل من نوعه، ومع توسع صناعة التشفير، زاد عدد حصصه بسرعة لامتصاص المد النقدي المقبل.
بلغ صافي الأصول ذروته عند 39.8 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وفقا لبيانات شركة مورنينجستار، يتم تداول صندوق جراي سكيل بشكل دائم بعلاوة على صافي قيمة أصوله.
مع ذلك، فقد تم تقويضه عبر ظهور أول صناديق متداولة في بورصة بيتكوين في كندا في ذلك العام. كانت رسوم هذه المشتقات عادة أقل من نصف الـ2 في المائة التي يتقاضاها صندوق جراي سكيل سنويا. كما أنها قدمت سيولة أكبر ولم يكن المستثمرون الجدد بحاجة إلى دفع علاوة.
مع انحراف التدفقات عن صندوق جراي سكيل، أصبح الطلب والعرض على أسهمها فوضويا، ما دفع سعر سهمه إلى خصم حاد إلى صافي قيمة أصوله.
تكمن المشكلة الضمنية في أنه - على عكس صناديق الاستثمار المتداولة - لا توجد آلية مراجحة لإعادة التوازن بين العرض والطلب.
ولا يمكن استبدال أسهم صندوق جراي سكيل بعملة بيتكوين أو النقد ولا يمكن بيعها إلا لمشتر آخر عبر السوق خارج البورصة. إذ سيحتاج صندوق جراي سكيل إلى موافقة الجهات التنظيمية لبدء برنامج إعادة شراء الأسهم.
يأمل الصندوق بدلا من ذلك تحويل مجموعة صندوق جراي سكيل إلى صندوق استثماري متداول في البورصات "للسعر الفوري" لبيتكوين، مع احتفاظه بالعملة "المادية". تم حظر هذه الخطط حتى الآن من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، التي رفضت اتباع خطوات المنظمين في كندا وأماكن أخرى من خلال الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة في بيتكوين، مشيرة إلى مخاوف بشأن الاحتيال والتلاعب المحتمل في البورصات غير المنظمة حيث يحدث التداول.
يقوم صندوق جريسكيل، الذي رفض التعليق على هذا المقال، بمقاضاة لجنة الأوراق المالية والبورصات من أجل الحق في تحويله إلى صندوق استثماري متداول في البورصات. يشير الخصم الآخذ في الاتساع إلى أن قلة من المشاركين في السوق يعتقدون أنه من المرجح أن ينجح في ذلك.
قال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث في شركة فيتافاي الاستشارية، "إذا نجحوا في كسب القضية في المحكمة، فسيتم الدفع حسب صافي قيمة الأصول الحالية لأي مستثمر. سيتقلص الخصم بشكل حاد لأن عملية إنشاء الأسهم واستردادها يمكن أن تحدث بحرية".
قال نيت جيراتشي، رئيس متجر الصناديق المتداولة في البورصة، "من الواضح أن هيكل مجموعة صندوق جراي سكيل دون المستوى الأمثل، حيث لا يمكن استرداد الأسهم".
أضاف، "إنه لأمر مخيب للآمال للغاية أن تستمر هيئة الأوراق المالية والبورصات في السماح لأي مستثمر تجزئة بالوصول إلى هذا الصندوق، ومع ذلك لن يوافقوا على صندوق استثماري متداول في البورصات للسعر الفوري لبيتكوين الذي من شأنه أن يحل مشكلة الخصم. هذا مثال آخر على الخلل التنظيمي العبثي حول نظام التشفير بالكامل في الوقت الحالي".
حافظ بعض المستثمرين على إيمانهم بالصندوق. قامت آرك إنفستمنت مانجمنت، وهي أصلا ثالث أكبر مساهم في مجموعة صندوق جراي سكيل بحصة تقارب 1 في المائة، بشراء 2.8 مليون دولار أخرى من الأسهم هذا الأسبوع.
في أكتوبر، قالت كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة آرك، كاثي وود، إن صندوق جراي سكيل كان يتداول بسعر "الخصم الأكبر" نظرا إلى احتمال تحويله إلى صندوق استثماري متداول في البورصات في مرحلة ما. قالت كاثي وود، التي تسعى أيضا إلى الحصول على إذن لإطلاق صندوق استثماري متداول في البورصات للسعر الفوري لبيتكوين، إنها لا تعلق على نشاط التداول اليومي.
ثاني أكبر مساهم، بنسبة قدرها 2.9 في المائة، وهو منصة بلوك فاي لتداول وإقراض العملات المشفرة أوقف عمليات سحب ودائع العملاء بسبب "تعرضها الكبير" لبورصة إف تي إكس.
بيتر تشير، رئيس استراتيجية الماكرو في بنك أكاديمي سيكيوريتيز الاستثماري، أثار احتمال سعي جراي سكيل إلى إعادة شراء كمية كبيرة من الأسهم، ثم تصفية الصندوق، ما قد يحقق ربحا أكثر من كاف للتعويض عن خسارة دخل الرسوم ثم الدفع للمستثمرين الخارجيين.
على الرغم من ذلك، يعتقد جيراتشي أن هناك فرصة كبيرة لتوسيع الخصم "خاصة إذا كان هناك مزيد من عدوى بورصة إف تي إكس التي تؤثر في فضاء التشفير ككل".
لكنه اقترح أن صندوق جراي سكيل "هو خيار أفضل بوضوح من الاحتفاظ بعملة البيتكوين في بورصة مثل إف تي إكس، حيث يمكن للمستثمرين العمل بثقة أن عملة البيتكوين الأساسية موجودة بالفعل".
علاوة على ذلك، يعتقد جيراتشي أن كارثة إف تي إكس قد عززت حجة الإشراف التنظيمي على بورصات العملات المشفرة، "الأمر الذي يسرع نظريا الجدول الزمني للموافقة على إطلاق صندوق استثماري متداول في البورصات للسعر الفوري لبيتكوين.
غير أن روزنبلوث يعتقد أن لجنة الأوراق المالية والبورصات ستنظر إلى الفشل الذريع على أنه تبرير لموقفها. قال، "لقد رأت لجنة الأوراق المالية والبورصات أن السعر الفوري لعملة بيتكوين محفوف بالمخاطر وتشعر بالقلق حيال الاحتيال والتلاعب. إنني لست متأكدا من أنهم سيفاجؤون بهذه التطورات".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES