FINANCIAL TIMES

الشركات الغربية تتبنى استراتيجية "الصين للصين"

الشركات الغربية تتبنى استراتيجية "الصين للصين"

في الوقت الذي أدت فيه عمليات الإغلاق المفاجئة وإجراءات الحجر الصحي إلى تعطيل مشهد الأعمال في الصين في تشرين الأول (أكتوبر)، أظهر مسح رفيع المستوى للشركات الأجنبية في شنغهاي أن التفاؤل وصل إلى أدنى مستوياته نتيجة لسياسات بكين المتعلقة بفيروس كورونا.
لكن بعد أسابيع قليلة في معرض الصين الدولي للاستيراد في شنغهاي، أحد أكبر المعارض التجارية في العالم، شارك أكثر من نصف شركات قائمة فورشن 500 العالمية، إلى جانب عدد من الشركات الأخرى، بما في ذلك شركة كارشير الألمانية المصنعة لمعدات التنظيف وشركة سيتيفا الأمريكية للعلوم الحياتية. وقالت إنها ستزيد من استثمارها في الصين.
بدلا من الاعتماد على المصانع الصينية لإنتاج بضائع يتم بيعها في النهاية في مكان آخر، تتبنى الشركات استراتيجية "الصين للصين"، التي تهدف إلى الاعتماد على مرافق بحث وتطوير أعمق في البلاد لصنع منتجات لسوق محلية واسعة ومتنامية.
قيود كوفيد - 19، التي تجعل من الصعب الدخول إلى البلاد ومغادرتها، ساعدت على تعزيز هذا الاتجاه. قال راينر كيرن، المدير المالي للصين في شركة كارشير ذات الملكية العائلية، التي تزيد إيراداتها السنوية عن ثلاثة مليارات يورو: "كان هذا العام صعبا (...) عمليات الإغلاق صعبة بالنسبة لأي شركة".
أضاف: "لكن السوق الصينية تطورت بشكل عام في العامين الماضيين. نرغب في تطوير مزيد من الإنتاج المحلي للاستهلاك المحلي (...) سنصدر عاجلا أم آجلا لأن بعض الاتجاهات التي تبدأ هنا ستنتقل أيضا إلى أسواق أخرى، مع تأخير يراوح بين ثلاثة وخمسة أعوام".
أدت سياسات الصين المتعلقة بالجائحة والقيود التنظيمية إلى انقسام المستثمرين بشأن مستقبل البلاد. أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأمريكية انهيارا في التفاؤل، حيث قلص خمس الشركات البالغ عددها 307، التي شملها الاستطلاع، استثماراتها في الصين مقارنة بعام 2021، بينما كان 30 في المائة من الشركات تعمل على زيادتها.
شركة كارشير الألمانية، التي عرضت مجموعة من سيارات التنظيف وبدلات صفراء لتطهير المواد الملوثة في جناحها في معرض شنغهاي، تخطط لاستثمار نحو مليار رنمينبي "140 مليون دولار" في الصين خلال الأعوام المقبلة، وتعكف على إنشاء مركز للبحث والتطوير في سوجو، غرب شنغهاي، حيث سيكون لديها 300 موظف.
من جانبها، قالت سيتيفا إنها استثمرت 60 مليون رنمينبي في مركز بحث وتطوير في الصين، وتعمل على إنتاج منتجات معينة "بالكامل" في الصين. شركة جي إي هيلث كير قالت إن أجهزة المسح الطبي، التي تنتجها حاليا في اليابان والولايات المتحدة، ستصنع في الصين العام المقبل.
أشار متحدث باسم شركة سيتيفا إلى أن "الصناعة البيولوجية في الصين تعد سوقا كبيرة، وهذا هو السبب الرئيس لزيادة الاستثمار"، مضيفا أن الإنتاج المحلي يساعد في حماية سلسلة التوريد من حالات التأخير التي يمكن أن تحدث إذا تم شحن القطع من الخارج.
تعكس التعليقات الطلب المربح، الذي لا يزال موجودا داخل الصين، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، على الرغم من إغلاقها في ظل كوفيد. وتؤكد نهج تتبعه عدة مجموعات لتطوير خطوط الإنتاج الخاصة بها داخل البلاد، بحيث يمكن تطوير المنتجات بالكامل في الصين دون الحاجة إلى إرسال قطع إلى مكان آخر.
شركة أسترازينيكا، التي تبلغ إيراداتها ستة مليارات دولار سنويا في الصين، قالت في إيجاز لوسائل إعلامية هذا الشهر إنها ستعمل على تعزيز البحث والتطوير في الصين وتوسيع قواعد التصنيع الخاصة بها. في هذا العام افتتحت الشركة مقرا إقليميا ومنشأة لتصنيع أجهزة الاستنشاق في شمال شرق مدينة تشينغداو.
شنايدر إلكتريك، شركة فرنسية متعددة الجنسيات متخصصة في إدارة الطاقة، أوضحت أن الصين واحدة من أكبر أربعة مراكز للبحث والتطوير على مستوى العالم، مضيفة أن لديها "مراكز ابتكار" بالقرب من مصانعها في هذا البلد. أشارت الشركة إلى أن لديها منتجا واحدا للتحكم في استخدام الطاقة، قالت إنه مصمم للسوق الصينية ويتم تصديره إلى أسواق أخرى في آسيا.
سياسات صفر كوفيد في الصين، التي تسعى إلى القضاء على جميع حالات تفشي الفيروس عبر الاختبارات الجماعية، والحجر الصحي، وعمليات الإغلاق المتكررة، لا تزال تسبب مشكلات كبيرة للشركات الأجنبية. شركة كارشير، مثلا، لديها شراكة مع شركة النفط، سينوبك، لتوفير معدات غسيل السيارات، لكنها غير قادرة حاليا على تركيب معدات جديدة بسبب عمليات الإغلاق.
مع ذلك، أشار كيرن إلى أن المكانس الكهربائية الروبوتية، التي تنتجها شركة كارشير، التي تستخدم في محطة هونجكياو للسكك الحديدية في شنغهاي، توضح سبب أهمية أن تكون موجودا في الصين، لأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المطورة في البلاد متقدمة جدا على الشركات المنافسة.
قال: "الصين تفضل السرعة إلى حد كبير. وهذا سبب قيامنا أيضا بهذا البحث والتطوير، لأننا إذا تحدثنا مع ألمانيا أولا لتطوير الأشياء، فسيستغرق الأمر وقتا طويلا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES