FINANCIAL TIMES

أرباب العمل.. البنوك الجديدة للموظفين

أرباب العمل.. البنوك الجديدة للموظفين

أرباب العمل.. البنوك الجديدة للموظفين

تقضي جانيت لايتون ثلث أسبوع عملها في التحدث إلى الموظفين حول مخاوفهم المالية.
فجزء من مهمتها في شركة بيع التجزئة تيمبسون في المملكة المتحدة التي تشتهر بخدمات إصلاح الأحذية وقص المفاتيح، هو جعل هذا التوتر يختفي. تقول، "أنا لست مستشارة مالية مؤهلة، لكنني أعرف كيفية وضع الميزانيات وأعرف زملائي".
لايتون هي مديرة السعادة في الشركة - وهو لقب يبدو تافها لدور مهم تشغله منذ 2018. تقول إنها ساعدت أخيرا أحد الموظفين للحصول على سيارة وشرائها. دفع تيمبسون للبائع 1،990 جنيها استرلينيا ولايتون طرحت خطة سداد قابلة للإدارة للموظف موزعة على 12 شهرا. تشرح قائلة، "إننا لا نريدهم أن يكافحوا ويذهبوا إلى أحد المقرضين المحتالين أو مقرضي يوم صرف الرواتب".
تقول لايتون، "إذا واجه الناس مشكلات، فنحن نريد أن نعرف"، مضيفة أنه لا بد أن يجلب الموظفون مخاوفهم المالية إلى مكان العمل. "إننا نريد منهم تقديم خدمة عملاء ممتازة، لذلك نحن بحاجة إلى تمكينهم من القيام بذلك. ففي النهاية، نحن شركة تجارية. إذا ساعدنا زملاءنا، فنحن نعلم أن هذا سيعود علينا بعشرة أضعاف".
إضافة إلى 450 ألف جنيه استرليني في شكل قروض دون فوائد منحتها "تيمبسون" بشكل جماعي لموظفيها البالغ عددهم خمسة آلاف - بمتوسط قرض فردي يراوح ما بين 500 إلى ألف جنيه استرليني - وتقدم أيضا ما لا يقل عن 50 ألف جنيه استرليني على شكل هدايا نقدية سنويا. عندما توفيت جدة أحد الموظفين، كان في مأزق مع إخوته لتغطية تكاليف الجنازة. تقول "تيمبسون" إنها دفعت حصته. كما تكافئ الشركة الموظفين ماليا على إنجازاتهم في الحياة - من الإقلاع عن التدخين إلى الزواج وتعلم قيادة السيارات - ودفع فواتير الضرائب ذات الصلة.
تتمتع شركة تيمبسون بثقافة أبوية، نظرا إلى تاريخها كشركة عائلية والأجور المنخفضة نسبيا لعديد من عمالها "يتقاضى العامل العادي في متجرها نحو 20 ألفا إلى 23 ألف جنيه استرليني سنويا". كان نهجها تجاه الرفاهية المالية للموظفين، حتى الآن، فريدا نسبيا.
لكن عدد أرباب العمل في المملكة المتحدة الذين يشاركون بشكل أكبر في الشؤون المالية لموظفيهم آخذ في الازدياد. فالشركات لا تتدخل فقط للتفاوض بشأن أسعار أفضل على تعريفات الهاتف المحمول وفواتير الطاقة للقوى العاملة بأكملها، لكنها أيضا تدير مشكلات الأموال الشخصية للفرد عن طريق إصدار قروض أو وضع خطط لسداد ديون بطاقات الائتمان.
إن الشيء نفسه يحدث في الولايات المتحدة. وفقا لتقرير حديث لبنك أوف أمريكا، يشعر 97 في المائة من أرباب العمل الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع بأنهم مسؤولون عن الرفاهية المالية للموظفين، ارتفاعا من 41 في المائة في 2013.
في الماضي، إذا كان الموظف في ورطة، كان سيلجأ إلى مكتب فريق الموارد البشرية. واليوم، تدرج الرفاهية المالية على جدول أعمال مجالس إدارة الشركات.
أدت الجائحة إلى تسريع هذا الاتجاه حيث اضطر المديرون إلى مواجهة مخاوف الصحة البدنية والعقلية للعمال، وإيلاء اهتمام أكبر للحياة الشخصية لموظفيهم أكثر من أي وقت مضى. إذ كان توفير دروس التمارين عبر الإنترنت وتطبيقات التأمل والتدريب على الموازنة بين العمل والحياة، وورش العمل حول كيفية تسهيل الأبوة والأمومة بعض الامتيازات الجديدة التي يتم تقديمها في عديد من الشركات.
أدى عدم وضوح الحدود الخاصة والمهنية إلى ترسيخ تحول ثقافي ملحوظ. إذ يشعر العمال براحة أكبر عند مناقشة القضايا الشخصية والموضوعات السياسية - من اعتلال الصحة ومشكلات رعاية الأطفال إلى تغير المناخ إلى الظلم العنصري - مع الزملاء والرؤساء.
ازدادت أهمية الرفاهية المالية - المجال الأكثر حساسية في الحياة الشخصية لشخص ما - فقط مع تفاقم أزمة تكلفة المعيشة. التضخم يرتفع أكثر من الأجور. أصبحت المشتريات اليومية بما في ذلك الطعام والوقود باهظة الثمن. لتغطية نفقاتهم، يتحول حتى أولئك الذين يعملون بدوام كامل إلى سلف الرواتب، وتمديدات السحب على المكشوف، وقروض يوم صرف الرواتب، وديون الأصدقاء والعائلة وبطاقات الائتمان.
أظهر تقرير حديث صادر عن دائرة المال والمعاشات التقاعدية أن هناك أكثر من 11 مليون شخص في سن العمل في المملكة المتحدة يعدون أنهم "يعانون ماليا" أو "يعانون ضغوطا مالية". نحو 14 في المائة ليس لديهم مدخرات على الإطلاق و19 في المائة لديهم مدخرات أقل من 500 جنيه استرليني.
تقول "مابس" وهي هيئة عامة ترعاها وزارة العمل والمعاشات التقاعدية التابعة لحكومة المملكة المتحدة، "إن كثيرا من هؤلاء الأشخاص يتعاملون مع تحديات الحياة العملية المزدحمة والدخل المتغير والأسرة الشابة". هذا أمر محفوف بالمخاطر لأن ثلثي البالغين يتلقون فواتير غير متوقعة كل عام. "قد يعني تعطل السيارة أو الأجهزة المنزلية طلب قرض قصير الأجل ومكلف". ويحذر التقرير من أنه يمكن لذلك أن يدفع الناس إلى أزمة ديون.
إذا كان الموظفون يكافحون بشكل روتيني لتغطية نفقاتهم، فقد يكون الحل الواضح هو دفع مزيد لهم. مع ذلك، يواجه المسؤولون التنفيذيون ضغوطهم المالية الخاصة ويجدون طرقا لتخفيف الألم الاقتصادي الذي يشعر به الموظفون إذا كانوا غير قادرين أو غير راغبين في تقديم زيادات واسعة في الأجور.

حزمة مزايا جديدة المظهر
يقول فيل بنتلي، الرئيس التنفيذي لشركة ميتي، وهي شركة لإدارة المرافق توظف 68 ألف شخصا. أغلبيتهم من ذوي الدخل المنخفض في المملكة المتحدة، إن الشركة تدعم موظفيها عبر تقديم حزمة مزايا معقولة.
يقول بنتلي، "بسبب الأجور المنخفضة، يكافح الناس لإدارة ميزانيات أسرهم. لطالما كنا نضغط من أجل زيادة الأجور لشعبنا. لكن الأمر متروك لعملائنا -الذين يتعاقدون على خدماتنا- للموافقة عليها. إذا لم نتمكن من زيادة الأجور، فعلينا أن نفعل ذلك من خلال حزم المزايا. علينا أن نكون أذكى".
أطلقت شركة ميتي حزمة "دعم الشتاء" بقيمة عشرة ملايين جنيه سترليني لمساعدة موظفي الشركة ذوي الأجور المنخفضة. إضافة إلى ذلك، قدمت قسائم لشراء الهدايا من محال التجزئة ومدفوعات تكاليف المعيشة لمرة واحدة، على حد قولها.
توصيات مستشاري المعاشات التقاعدية، بخصومات الموظفين لتجار التجزئة، وعضوية الصالات الرياضية المدعومة، وقروض الدراجات وقروض تذاكر القطار الموسمية اعتادت أن تكون بمنزلة امتيازات منتظمة. والآن تذهب الشركات إلى أبعد من ذلك من خلال توفير الوصول إلى الأطراف الثالثة التي يمكن أن تساعد على إعادة هيكلة الديون، أو تقديم قروض كبيرة أو الوصول إلى الأرباح في وقت أسرع، بدلا من ترك الموظفين مدينين لدورات الدفع القياسية.
في المملكة المتحدة، تحقق الشركات ذلك عبر الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية مثل سالري فاينانس أو ويج ستريم. في الولايات المتحدة، فإن أدوات وتطبيقات الرفاه المالي من ضمنها "ديلي باي" و"باي أكتيف" موجودة منذ فترة أطول.
أطلقت شركة ميتي برنامج قروض من خلال شركة سالري فاينانس في كانون الأول (ديسمبر) 2017. منذ ذلك الحين، تم الحصول على عشرة آلاف قرض قيمتها الإجمالية 25 مليون جنيه استرليني. تقول الشركة إن الموظفين وفروا دفع فائدة على قروضهم بنحو ثلاثة ملايين جنيه استرليني باستخدام هذا البرنامج.
يقول أسيش سركار، الرئيس التنفيذي لشركة سالاري فاينانس، "إن أزمة غلاء المعيشة (...) ليست بالأمر الجديد". وضعت شركته خططا للموظفين لادخار المال وتسهل لهم أيضا الحصول على القروض الشخصية، بدعم من شركة فيرجين موني في المملكة المتحدة، التي يتم سداد مدفوعاتها تلقائيا من رواتب الموظف. كما أعلنت سلسلة السوبر ماركت تيسكو، أحد أكبر أصحاب العمل في القطاع الخاص في المملكة المتحدة، شراكتها مع الشركة.
يتابع سركار قوله، "الناس لا يقومون بالادخار. وهم بذلك يراكمون الديون عليهم بمستويات ضخمة وجيل الألفية أسوأ بكثير في ذلك من جيل آبائهم. إن الأزمة أكثر حدة الآن، لكنها ليست جديدة. فقد أصبحت أمرا طبيعيا. لذلك ينظر أرباب العمل الآن في عمل شيء حيال ذلك".
يضيف سركار، "لا تتوافر لدى معظم البالغين في المملكة المتحدة المعرفة المالية. في السابق، كنا نقول إنه يجب دائما ادخار مبلغ يعادل راتب ثلاثة أشهر. أما الآن فهي متاحة بالمجان للجميع. لكن لا أحد يعرف ما الذي يجب أن يهدفوا إليه".
لكن في حين أن بعض الأفراد ينفقون أموالهم بلا مبالاة، فإن المشكلة الأكبر هي أن الاحتمالات آخذة في التراكم ضد الذين لا يفعلون الشيء نفسه. لدى سركار مخاوف محددة بشأن اتفاقيات اشتر الآن وادفع لاحقا، التي باتت "توجد مستويات مألوفة من الديون". يرى أن هذا يصلح كمثال على الكيفية التي يرسخ الاقتصاد من خلالها نظاما يعمل ضد أصحاب الدخل المنخفض الذين تعدهم البنوك أكثر المقترضين خطورة الذين يتم تحصيل مئات الجنيهات منهم سنويا مقابل الخدمات الأساسية.
يقول سركار، "إن من الطبيعي في التمويل، أن يدفع أفقر الناس في المجتمع أكثر مقابل المنتجات"، مضيفا أن هذا الأمر يعد غير وارد في قطاعات أخرى مثل تجارة التجزئة. وتأمل شركة سالاري فاينانس قريبا في إطلاق منتجاتها التي تركز على الرهن العقاري، باستخدام قوتها في الضغط لتأمين أسعار فائدة أفضل لأولئك الذين يرجح أن يحصلوا على أسوأ الصفقات من البنوك التقليدية.
لكن هذه المعاملات المباشرة وغير المباشرة تعقد طبيعة العلاقات بين أصحاب العمل وموظفيهم. فغالبا ما يقدم العمال معلومات أكثر عن أنفسهم لمرؤوسيهم. وقد يصبح الموقف غير مريح لك عندما تكون مدينا بالمال لصاحب العمل.
تقول كارولين سياركيفيتش، الرئيسة التنفيذية لدائرة المال والمعاشات التقاعدية، على الرغم من أنه كان من الجيد أن يكون الموظفون أكثر صراحة بشأن المخاوف المالية وأن أرباب العمل كانوا حريصين على المساعدة، إلا أن ديناميكية الموقف تحمل في طياتها بعض المخاطر. وبصفتك عاملا كما تقول، "ستعترف أنك بحاجة إلى الدعم".
"كما يرى أرباب العمل أيضا أنك ربما اتخذت قرارات سيئة وهناك خوف من أن يتم الحكم عليك"، كما تقول سياركيفيتش، مضيفة أنه قد يكون هناك تصور بأنه قد يؤثر في الترقيات وزيادة الرواتب، وفي التقدم في مكان العمل.
لكنها أيضا مسألة غير واضحة لأصحاب العمل، حيث يتساءل المسؤولون التنفيذيون بشكل متزايد عن الحدود التي تتوقف عندها الشركات عن التدخل في حياة العمال الأفراد.
هناك مخاطر أيضا. حيث يمكن للشركات أن تتحمل مسؤوليات لم تتصورها أبدا، على سبيل المثال إذا تخلف موظف عن سداد القرض. وقد يترتب على ذلك أيضا آثار سلبية عند اختيار موظف دون الآخر لتقديم مساعدة مالية له، ما يعرض الشركة لخطر اتهامها بالمحاباة. كما أن هناك تبعات ضريبية على توزيع المزايا النقدية عندما تتجاوز مبلغا معينا.

إرساء الحدود
يبدو أن أحد الحلول هو إقامة شراكة مع منظمة خارجية. حيث يمكن للموظفين من خلالها التقدم بطلب للمساعدة دون الحاجة إلى الكشف عن تفاصيلهم الخاصة لصاحب العمل. لكن ذلك قد يصبح مشبوها أيضا من الناحية الأخلاقية.
من خلال مشاركة تفاصيل الاتصال لطرف ثالث يقدم الخدمة، يصبح أصحاب العمل عن غير قصد أيضا من المدافعين عن شركة قد لا تخضع لرقابة هيئة السلوك المالي، كما تفعل البنوك. كما أنهم يقومون بتحويل الأعمال بشكل غير مباشر إلى المؤسسات المالية التي تدعم شركات الطرف الثالث تلك.
يقول أوكتافيوس بلاك، الرئيس التنفيذي لشركة مايند جيم التي تقدم التدريب في مكان العمل، "إذا قمت، بصفتك صاحب العمل، بإحضار وسيط مستقل، فلن يتمتع هذا الوسيط بالاستقلالية بشكل كبير. إن واجب الشركة هو توفير وصول سهل إلى المعلومات، لكن دون المصادقة عليها".
يرى أن هذه الجهود تقع في مجال لم يتم اختباره مع احتمال أن تظهر جوانب سلبية في حالة إلقاء اللوم على الشركة إذا وقع خطأ ما في الشؤون المالية لأحد الموظفين أو الكيانات التي تقدم الخدمات. يضيف بلاك، "من الناحية النفسية، قد يشعر الموظف أن المسؤولية تقع على صاحب العمل حتى لو كان الأمر خلاف ذلك من الناحية القانونية".
في حين أن نيات الشركات قد تكون حسنة، إلا أن الشركات تضع نفسها أمام اتهامات بتحقيق الربح من موظفيها. فشركة تيمبسون مثلا، تفرض رسوما إدارية نسبتها 5 في المائة عن كل معاملة قرض. في حين أن هذا أقل بكثير من متوسط نسبة الفائدة السنوية التي تصل إلى 1500 في المائة التي يتقاضاها مقرضو يوم صرف الرواتب، أو أكثر من 20 في المائة من معدل الفائدة السنوية لبطاقات الائتمان التقليدية، فهي لا تزال وسيلة يمكن من خلالها أن يحقق صاحب العمل مكسبا.
لكن هناك مدرسة فكرية أخرى تقول إن عدم القيام بأي شيء لم يعد خيارا. حيث يواجه العمال اليوم عالما يتميز باستقرار وظيفي أقل ومخاطر فردية أكبر فيما يتعلق بالبطالة والمرض وفترات تقاعد أطول حيث أصبح الناس يعيشون مدة أكثر.
تجادل الخبيرة الاقتصادية مينوش شفيق في ورقة بحثية تستند إلى كتابها "ما ندين به لبعضنا بعضا، عقد اجتماعي جديد" بأن ظهور العقود المؤقتة، وترتيبات العمل بدوام جزئي، وما يسمى باقتصاد الوظائف المؤقتة، يعني أن "العمال يتحملون بشكل متزايد مخاطر عدد الساعات التي يقضونها في العمل، والمحافظة على مهاراتهم المرتبطة بذلك، ودعمهم أنفسهم عند المرض، وتأمين دخلهم عندما يتقدمون في السن".
من أجل تحقيق مستوى معيشي معقول، ينتهي الأمر بعديد من العمال إلى تحمل الديون، لكن أملهم بعد ذلك في كسب ما يكفي من أجل سداد الديون يتلاشى. حتى الذين يعيشون حياة ميسورة نسبيا فهم في وضع محفوف بالمخاطر. إذ إن ما يقرب من 40 في المائة من العمال الأمريكيين الذين يكسبون أكثر من 100 ألف دولار ممن شملهم الاستطلاع من قبل شركة الاستشارات ويليس تاورز واتسون، يتدبرون معيشتهم من الراتب إلى الراتب. وهذه النسبة هي ضعف ما كانت عليه في 2019.
مع اقتصاد الحكومات وعزوف البنوك المتنامي عن المخاطرة - من خلال رفضهم طلبين من كل ثلاثة طلبات مقدمة للحصول على قروض، ولا سيما تلك التي يتقدم بها أصحاب الدخل المنخفض والعاملين بنظام النوبات الذين لا يمكن التنبؤ بدخلهم - أصبحت الأنظار موجهة على أرباب العمل.
"إنهم أهم مؤسسة مالية في حياتك. إنهم يعطونك المال عندما يأخذ الجميع أموالك"، كما يقول بيتر بريفيت، الرئيس التنفيذي لشركة ويج ستريم، وهي شركة للتكنولوجيا المالية تدعمها مؤسسة خيرية.
إن شركة ويج ستريم لا تصدر القروض. لكن بدلا من ذلك، مسلحة بالبيانات التي يقدمها صاحب العمل حول جداول عمل الموظفين والمبلغ المدفوع عن كل وردية، يتيح تطبيقها للموظفين بدوام كامل والعاملين العرضيين رؤية أجورهم في الوقت الفعلي عوضا عن انتظارهم حتى نهاية الشهر لكي يعرفوا ما إذا كانت المبالغ المستحقة منطقية أم لا.
تتقاضى الشركة رسوما ثابتة تبلغ 1.75 جنيه استرليني عن كل معاملة، مثل رسوم استخدام أجهزة الصراف الآلي، إذا ما رغب الموظفون في إجراء عملية سحب سريعة تصل إلى 30 في المائة من رواتبهم الشهرية. كما أنهم يفرضون على أصحاب العمل رسوما لاستخدام منصتهم، مثل صناديق خدمة الصحة الوطنية وتجار التجزئة. "نرى أن مزيدا من أصحاب العمل يدفعون. لقد استغرقنا الأمر بعض الوقت حتى نثبت أن الأشخاص يقومون بمزيد من العمل وأنه من الأسهل الاحتفاظ بهم "بمجرد حصولهم على سبل الوصول إلى بياناتهم". إن ميول أصحاب العمل لدفع مزيد من المال قد أصبحت الآن أعلى من قبل".
ديانا، التي طلبت عدم ذكر اسمها الأخير، تعمل في متجر ذا وايت كومباني للبيع بالتجزئة وتستخدم تطبيق ويج ستريم للحصول على أرباحها المستحقة في الشهر المقبل إذا كانت تعاني قصورا ماديا. وهي تأمل في تجنب الاضطراب المالي الذي واجهته عندما كان زواجها السابق ينهار. أجبرت حينها على التوجه إلى مقرضي يوم صرف الراتب، وزيادة حد بطاقتها الائتمانية ودفع فوائد مرتفعة. قالت، "لقد تسبب ذلك في ضغوط كبيرة علي وأصابني الاكتئاب ومضت ليال لم أذق طعم النوم فيها لأنني كنت قلقة بشأن المال. لا أريد أن أكون في هذا الحال مرة أخرى".
يقول الأكاديميون إن أمثال ديانا لا يدخرون المال وأنهم قد ينفقون المال بشكل متكرر. لكنهم يبقون بلا ديون ولا مدخرات، ويتجنبون التأخر عن دفع الفواتير ورسوم السحب على المكشوف من البنوك والرسوم الأخرى التي يمكن أن تؤدي بهم إلى الوقوع في دوامة الديون.
أما بالنسبة إلى الشركات، فلديها مصالح تجارية تريد حمايتها. فالإجهاد المالي يكلف الشركات كثيرا في حالة التغيب وفقدان الإنتاجية حيث يحاول الموظفون التعامل مع المسائل المالية الشخصية أثناء ساعات عملهم. الموظفون الذين يعانون الضغوط المالية هم الأكثر ترجيحا للبحث عن وظائف في أماكن أخرى، ما يكلف الشركات زيادة بسبب التوظيف والتدريب في وقت يعرف بنقص مزمن في المهارات.
يقول روبال كانتاريا من شركة الاستشارات الإدارية أوليفر وايمان، "يبدو أن كل صناعة تعاني نقصا في الموظفين. إذا كانت شركة ما في حاجة ماسة إلى الاحتفاظ بالموهبة ويمكنك مساعدة الموظف من الوقوع في دوامة مالية سلبية، فهذا أمر جيد للجميع".
قال، "وسينمو لدى الموظف أيضا إحساس أكبر بالانتماء والولاء للمؤسسة (...) هذه اللحظة أحدثتها الحاجة، لكنها أيضا لحظة فرصة لأرباب العمل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES