أفكار عملية لتحقيق "السعادة في العمل"
"السعادة في العمل" Job Satisfaction هي أساس في نجاح الشركات ونموها وكسبها ولاء موظفيها، بل هي أساس في نجاح أي أمة، لأن عدم تحقق السعادة في العمل يؤدي إلى انتشار الفساد والإهمال الذي ينعكس على الناس جميعا بشكل سلبي. هذا ما تحدثت عنه في الأسبوعين الماضيين، وذكرت أن هناك عوامل أساسية كثيرة تسهم في تحقيق السعادة في العمل مثل العلاقة مع المدير والكثافة الكمية للطلبات التي تصل للموظف وسعادة الإنسان في حياته الشخصية وغير ذلك.
فيما يلي حسبما وعدت به في الأسبوع الماضي عدد من النصائح العملية السريعة الموجهة للمديرين حتى يستطيعوا بناء مناخ عمل يمنح الناس الراحة والسرور وحب العمل:
1- الثقافة الإدارية الأمريكية خلقت في بداية القرن الـ 20 أساليب المتابعة الدقيقة لإنتاج الموظفين ثم قامت الثقافة نفسها بالتخلص من كثير من هذه الأساليب لما ثبت فشلها، وثبت أن "توجيه الموظف لنفسه" و"ثقة الشركة بالموظف" لها أثر غير عادي في خلق الموظف المنتج والمحب لشركته. كلما استطاع المدير منح ثقته اليومية لموظفيه، وكلما كانت أنظمة الشركة مرتبطة بالنتائج كلما كان ذلك إيجابيا "في معظم الحالات".
2- رغم أنه ليس هناك من الناحية الأخلاقية والعملية ما يفرض على المؤسسة أن تعامل الموظفين بـ "عدالة ومساواة" إلا أن أثر ذلك هائل في سعادة الموظفين في عملهم والذين من السهل جدا أن يتسرب الحسد والعداوات إليهم بمجرد شعورهم بعدم العدالة. ينبغي أن تكون هناك أيضا قواعد واضحة وموضوعية وقائمة على نظام تقييم متكامل يتم على أساسها تكريم الموظف المميز وذي الكفاءات مقارنة بالموظف الأقل كفاءة أو الأقل إنتاجية. ألجأ إلى شركات استشارية متخصصة في وضع نظم "الموارد البشرية" وأفرض عليها التشاور في شأن النظام مع الموظفين حتى يكون هناك شعور أن النظام يهدف فعلا إلى مكافأة المميزين وليس مجرد قواعد اعتباطية أو منحازة.
3- أوجد توازنا في درجة ضغط العمل على الموظفين، فضغط العمل الشديد والمرهق الذي يتجاوز القدرات المعتدلة للإنسان يؤدي إلى ضغط نفسي وضعف في جودة العمل. من ناحية أخرى، فإن العمل الذي لا يشغل الموظف ويشعره بالفراغ له آثار سلبية تجعل الموظف يمل العمل ويشعر في أعماقه أنه غير مستقر ولا يقدم له الكثير على مستوى نموه المهني.
4- أساليب تحفيز الموظفين كثيرة جدا ولا تخفى على أحد، كما لا يخفى على أحد قيمتها في "إسعاد الموظفين" ولكن يجب الانتباه إلا أنها يجب أن تتدرج بقدر تدرج احتياجات الموظفين، فالموظف له حاجات أساسية (الحاجات المادية والشعور بالاستقرار والأمن الوظيفي) ثم تأتي حاجات أقل أهمية مثل الحاجات الاجتماعية وتحقيق الذات وغيره. المؤسسة التي تقوم بعمل أنشطة اجتماعية للموظفين، بينما هي تقوم بفصل الموظفين بشكل تعسفي أو تؤذي أمنهم الوظيفي بأي طريقة هي مؤسسة تهتم بالكماليات وتنسى الأساسيات ولن تستفيد من جهودها في إسعاد الموظفين.
5- كثير من الموظفين يشعر بالسعادة والحافز القوي في عمله إذا عرف خطوته المقبلة في مسيرته المهنية. كثير من الشركات حول العالم اتبعت أساليب تشرح للموظفين من خلال خطاب رسمي كيف سيكون تطوره الوظيفي عبر السنوات إذا قام بأداء عمله على أكفأ وجه. هذا يعني أن يكون لدى المؤسسة خطوة تطوير معينة حتى تعرف أين ستضع موظفيها عبر السنوات. في حال عدم وجود التخطيط الكافي فربما يكون من المفيد أن تكون هناك على الأقل رؤية واضحة للموظف حول لقبه الوظيفي وراتبه كيف سيزداد عبر الأيام.
أحد الباحثين العالميين لخص كل ما يمكن أن تفعله الإدارة من أجل تحقيق سعادة الموظفين بثلاث كلمات: "العطاء بلا حدود"، عطاء على مستوى المميزات، وعطاء على مستوى التسامح مع ظروف الموظفين، وعطاء على مستوى خدمة الموظفين والتواضع لهم والإنصات لما يقولون، وعطاء في تحسين ظروف العمل (بما في ذلك أثاث المكتب)، وعطاء في تطوير الموظفين من حيث التدريب والتعليم، وخلق بيئة العطاء للعمل وللعملاء والشركاء بلا حدود.