Author

الاستثمار الواعد في المملكة

|

تعيش المملكة فترة ذهبية للاستثمار، وذلك في ضوء رؤية طموحة تهدف إلى تطوير البنية التحتية بما في ذلك التشريعات التي تحمي رؤوس الأموال وتحفز الاستثمار، خاصة الأجنبي، وعلاوة على ذلك تسهيل إجراءات الحصول على التراخيص، والاهتمام بالطرق التي تربط أجزاء المملكة كافة، والموانئ البحرية الحديثة، والمطارات الحديثة المنتشرة في مختلف مناطق المملكة. ولا تقل عن ذلك أهمية البنية التحتية التقنية المبهرة التي تضاهي الدول المتقدمة، بل تتفوق على كثير منها في شبكات الاتصال والإنترنت، التي أصبحت تلعب دورا محوريا في الاستثمارات بأنواعها كافة، فقد احتلت المملكة المرتبة الخامسة عالميا في سرعة نطاق الإنترنت المتنقل، إضافة إلى رعاية ودعم البحث والابتكار الذي يحظى بدعم كبير واهتمام بالغ من لدن سمو ولي العهد، عراب رؤية المملكة 2030. وبناء عليه، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي بمعدلات سريعة قد تصل إلى نحو 8 في المائة في 2023.
ويعزز صندوق الاستثمارات العامة كثيرا من الاستثمارات النوعية بوضع بذرات في مجالات واعدة وتحفيز الاستثمار بأمثلة على أرض الواقع من خلال إنشاء الشركات أو عقد شراكات مع شركات قائمة محلية وأجنبية.
وفي المرحلة التنموية الحالية، هناك مجالات واعدة للاستثمار، في مقدمتها الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، خاصة أن المملكة تتمتع بساعات سطوع طويلة وأجواء خالية من الغيوم، ففي مقابلة معاناة الصحراء ندرة الأمطار، منحها الله إمكانية عالية لتوليد الطاقة من الشمس الساطعة. بناء عليه، ينبغي أن تكون المملكة "عاصمة الشمس" في مجال التقنيات المرتبطة بتوليد الطاقة الشمسية. ومن المجالات الواعدة تحلية مياه البحر، فالتنمية المستدامة في بيئة صحراوية في حاجة ماسة إلى تنمية الموارد المائية من خلال تحلية المياه المالحة، وقطعت المملكة أشواطا في تطوير الصناعة والتقنية، لكن المجال لا يزال كبيرا لمزيد من الاستثمارات والبحوث العلمية الجادة. يضاف إلى ذلك، استصلاح نباتات ومحاصيل زراعية مناسبة للبيئة الصحراوية، من خلال الاستثمار في البحث العلمي وتطوير التقنيات الزراعية لتكون المملكة وجهة للزراعة الصحراوية المستدامة. وتأتي السياحة في مقدمة مستهدفات رؤية المملكة، لما تتميز به المملكة من ممكنات رائعة وموجودة على الأرض، ومنها موقع المملكة الجغرافي المتوسط بين الشرق والغرب، وتنوع مناطقها من حيث التراث والآثار والتضاريس والمناخ، إلى جانب وجود الحرمين الشريفين، الأمر الذي يشجع المسلمين على أداء العمرة والاستمتاع بالسياحة الدينية أو الطبيعية المتمثلة في الأماكن الجميلة والشواطئ الرملية الممتدة والجبال الشاهقة.
وفي سياق أوسع يشمل مستقبل الاقتصاد العالمي وتحسين جودة الحياة في العالم، أطلقت مبادرة مستقبل الاستثمار، أعمال دورتها السادسة في الرياض خلال الأسبوع الماضي تحت شعار "الاستثمار في الإنسانية: تمكين نظام عالمي جديد"، وشارك فيها قادة الأعمال والحكومات وصناع القرار، لاستكشاف الاتجاهات والتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحيوية في الوقت الراهن، من أجل تعزيز نظام اقتصادي يحسن نوعية الحياة للإنسان حول العالم.
واشتمل المؤتمر المنعقد في الرياض على عديد من الجلسات وورش العمل. ومن المثير أن اشتمل المؤتمر على استعراض نتائج مسح استقصائي اشتمل على 130 ألف شخص من 13 دولة، في محاولة لتقديم رؤى حول أعلى الأولويات في العالم في ظل التحديات الاجتماعية والبيئية والهوية، وأظهر أن 77 في المائة متفائلون بمستقبل أفضل، وأن الأمان المالي يعد أبرز التحديات التي يواجهها نصف الأشخاص حول العالم. وركزت جلسات المؤتمر على إيجاد حلول مستدامة لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان العالم، ومعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة مع الاهتمام بإنشاء نظام اقتصادي يحسن نوعية الحياة للمواطنين حول العالم، وتوجت أعمال المؤتمر بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة وجودة الحياة والصناعات الدفاعية والنقل والتقنية الحيوية والمالية، وكذلك إطلاق جائزة العلوم والتكنولوجيا للاحتفاء بالذكاء الاصطناعي وأبحاث الروبوتات، إضافة إلى إعلان صندوق الاستثمارات العامة إطلاق برنامج تنمية المحتوى المحلي، لرفع إسهام الصندوق وشركاته التابعة في المحتوى المحلي لتصل إلى 60 في المائة بنهاية 2025، بما يعزز دور المحتوى المحلي، وفقا لرؤية 2030.
وأخيرا، أرجو أن يكون للجامعات السعودية حضور أكبر في اللقاءات المقبلة لمبادرة مستقبل الاستثمار، خاصة أن الجامعات هي معقل البحث العلمي ومكان الكفاءات العلمية المتميزة.

إنشرها