الصين تستحوذ على أسواق التقنية

الصين تستحوذ على أسواق التقنية

الصين تستحوذ على أسواق التقنية

لطالما اعتبرت الصين سوقا محتملة ومستهدفة من قبل الشركات العالمية العاملة في قطاع التقنية والاتصالات بناء على اعتبارات النمو السكاني في هذا البلد، حيث استطاع خلال فترة وجيزة من تحويل هذا النمو السكاني الذي يعتبر عبئا اقتصاديا على البلد وموارده، إلى فرص استثمارية واعدة ساعدت على جعل النمو الاقتصادي في هذا البلد محركا أساسيا للنمو الاقتصادي العالمي.
وعلى الرغم من أن معظم شركات التقنية قد افتتحت فروعا لمصانعها في الصين، لاعتبارات انخفاض التكاليف الإنتاجية في ظل منافسة جارتها المنفصلة تايوان، إلا أن هذا البلد استطاع أن يستحوذ على معظم تلك الصناعات بشكل تدريجي من خلال تطوير الشراكات مع المصنعين التقنيين حول العالم.
فمثلا نجد أن وحدة صناعة الحواسب المحمولة Thinkbad لعملاق صناعة الكمبيوتر "آي. بي. إم" في الصين قد تم الاستحواذ عليها من قبل شركة Lenovo الصينية. ويعتبر هذا مثالا واضحا على كيفية دخول الصين إلى عصر تقنية المعلومات، حيث تم إيجاد مناطق التقنية في مختلف أرجاء الصين لاستقطاب الشركات العالمية المصنعة لتقنية المعلومات، بدءا من الرقائق الإلكترونية إلى ملحقات الهاتف الجوّال. ولا يستغرب أن تكون الصين في أجندة مديري الأعمال والتنفيذيين في تقنية المعلومات على مدار العام.
ونتيجة لذلك ارتفع فائض الصين التجاري الشهري في سلع الإلكترونيات من مليار دولار أمريكي في 2003، إلى أكثر من ستة مليارات دولار أمريكي، مع استمرار النمو في ذلك الفائض بشكل مستمر.
ولا يمكن اعتبار استحواذ الصين على صناعة أجهزة الكمبيوترالمكتبي على مستوى العالم أمرا مبالغا فيه، بل إن ارتباك إنتاج الصين من هذه الحواسب قد يؤدي إلى التأثير في جميع الأسواق العالمية، الأمر الذي يؤكد استحواذ الصين على سوق الإلكترونيات منخفضة التكاليف وصناعة تجميع الأجهزة عبر العالم مع بقاء تصنيع المعالجات وبرامج التشغيل التي تمثل حصة الأسد لوادي السليكون الأمريكي.
وبقدر ما يثير استحواذ الصين التدريجي على صناعة الإلكترونيات قلق الآخرين، إلا أنه في الوقت نفسه يحقق المكاسب للشركات المصنعة عبر القارات، حيث إن 87 في المائة من صادرات الصين التقنية يصنع عبر استثمارات أجنبية مستثمرة في الصين، الأمر الذي يحقق مكاسب مالية ونموا لأعمال تلك الشركات في الأسواق العالمية.
إلا أن ذلك أدى الى ظهور شركات صينية عملاقة في مجال التقنية مثل شركة هاواي وشركة زي آي إي التي أصبحت منافسا معتبرا لشركات تقنية الاتصالات العالمية، مثل: "نوكيا" و"لوسنت تيكنلوجيز" في إنتاج الجيل الثالث من الهواتف الجوّالة.
وتأتي هذه المنافسة من خلال وفورات الإنتاج التي يحققها انخفاض تكاليف الإنتاج في المصانع الصينية مقارنة بغيرها، إضافة إلى وفورات الإنتاج تنفق هذه الشركات ما يقارب 10 في المائة أو أكثر من دخلها على الأبحاث والتطوير. أما العامل الثالث الرئيسي في تلك المنافسة فهو توافر الكفاءات البشرية المؤهلة حيث إن تلك الشركات يمكنها بسهولة استقطاب جزء من 300 ألف خريج متخصص في الهندسة تخرجهم الجامعات الصينية بشكل سنوي. وأخيرا نجد أن هذا النجاح يستقطب نجاحا آخر، فالعوامل السابقة أدت إلى توجه مؤسسات التمويل لمشاريع الأبحاث والتطوير إلى إعطاء سوق التقنية الصينية حصة جيدة من بنود الاستثمار والتمويل التقني، الأمر الذي يجعل الصين أكثر استقطابا وتحكما في أسواق تقنية المعلومات في المستقبل المنظور.

- متخصص في المعلومات
[email protected]

الأكثر قراءة