«الهيبة - جبل» .. تجربة سينمائية جديدة بحبكة مستهلكة

ملأ الدنيا وشغل الناس منذ عرضه كمسلسل ضمن سباق رمضان الدرامي، وتحولت شخصية "جبل الشيخ جبل" بما تمثله من قوة وسلطة وهيمنة إلى مثال أعلى يحتذى به من قبل الجميع، من قصة الشعر إلى طريقة حمله للسيجارة، وصولا إلى اسمه. تمكن النجم تيم حسن، الذي قدم شخصية جبل" في مسلسل الهيبة بأجزائه الخمسة، من الاستحواذ على إعجاب مختلف الفئات العمرية، وسواء توافق على نمط حياة بطل المسلسل وتصرفاته وعمله أو لا، إلا أن هذا الدور شكل علامة فارقة في مسيرة النجم تيم حسن ووضعه في منزلة مختلفة بين نجوم الصف الأول.
ولأن العمل نجح كمسلسل درامي، قررت شركة الصباح، المنتجة له، تحويله إلى فيلم سينمائي، حتى تتمكن من حجز مكانة للهيبة في ذاكرة السينما لا تقل أهمية عن مكانتها التي حجزتها في ذاكرة الشاشة الصغيرة.
حافظ فيلم "الهيبة" على نمطية الشكل وإن كان هناك بعض التغيرات في مجريات الأحداث، فالعمل الذي لم يصور في لبنان على عكس المسلسل، يأخذ المشاهد في رحلة إلى عالم المافيات والعصابات، يستمد شيئا من المسلسل، لكنه يقدم شكلا مختلفا عن الأحداث التي عشناها لخمسة أعوام، مع الحفاظ على بعض الشخصيات الأساسية المحورية التي كان لها تأثير بارز في المسلسل كشخصية ناهد شيخ الجبل، الشامية "أم جبل" التي جسدت دورها الفنانة القديرة منى واصف.. كما المسلسل، انتظر عشاق الفن السابع "الهيبة" في شكله السينمائي، وحجزوا بطاقات الحضور قبل طرحه في الصالات، وهذا التشويق الذي اعتمدته شركة الصباح قد يكون من أبرز العوامل التي أسهمت في إنجاح العمل وتصدره شباك التذاكر.
الحبكة السينمائية
"الفيلم ليس امتدادا لقصص الهيبة في مواسمه الخمسة، فهو يغرد خارجها"، هذا ما أكده مخرج العمل سامر البرقاوي في أكثر من لقاء صحافي، ويقول، "العمل يرتكز على سيرة شعبية، فيما تفرض الأحداث أن تكون شخصية جبل شيخ الجبل هي الطاغية. تشكل الأحداث الحركة الأساسية فيه، وهذا العام يرتبط مصيرها بمصير المكان ولذلك أطلقنا عليها اسم الهيبة - جبل، فالعنوان الفرعي يترك دائما أجوبته للحكاية نفسها ويشير إلى محورها الأساسي".
تبدأ أحداث الفيلم عندما يكتشف أهل "الهيبة" من وسائل الإعلام أن قاتل "أبو جبل شيخ الجبل" حي يرزق ويعيش في بلغاريا، وتفرض أم جبل على ابنها أن يثأر لموت أبيه لكي يحافظ على هيبته، من خلال استقدام "الختيار" إلى الهيبة لقتله بين ناسه. ويبدأ جبل بتنفيذ الخطة لاستعادة القاتل من بلغاريا عبر تركيا عن طريق الهجرة غير الشرعية. وخلال العودة تظهر شخصية "ورد" ابن نضال السعيد، الرجل الذي قتله جبل في الجزء الأول، ليثأر لوالده بالاتفاق مع ناظم العالي. على صعيد آخر توكل إحدى المافيات الروسية لـ"جبل" تنفيذ مهمة تنطوي على تخليص ابن مستثمر روسي، اختطف في منطقة السهل، ولإرغامه على تأدية المهمة يقومون بخطف ابن أخيه "جو"، إلا أن ابن المستثمر يقتل على يد تجار المخدرات في عملية تحرير فاشلة، وتلجأ المافيا إلى التفاوض مع "جبل" لتسليم جثة الطفل في إسطنبول مقابل إعادة ابن أخيه، وهنا تبدأ معركته مع رجال المافيا.
يتعرض جبل إلى فخ وينجح بالإفلات والهرب بمساعدة زينة مكي التي تكون موجودة في تركيا بحثا عن وسيلة للهرب إلى أوروبا.. كما ينجح "جبل" ورفاقه بإعادة القاتل "الختيار" إلى الهيبة وتنفيذ حكم الإعدام بحقه، بمشهد يختصر جمالية العمل بأكمله، خاصة أنه من أداء الكبيرين منى واصف ورفيق علي أحمد.. يموت ناظم العالي بسلاح "أم جبل" وتنطوي بذلك قصة ثأر عشنا تفاصيلها في خمسة أجزاء تلفزيونية وفيلم سينمائي.
طاقم العمل
نجح مسلسل الهيبة، ليس فقط في نقل نمط مختلف من حياة سكان المناطق الحدودية التي تحكمها مافيا التهريب، لكن أيضا في ترسيخ بعض الألفاظ التي حفظناها عن ظهر قلب وبتنا نرددها تمثلا بشخصية "جبل"، "ما تهكلو للهم"، و"خليها على الله"، وهذا ما يؤكد أن العمل نجح في ترك بصمة خاصة ستحملها الأجيال لأعوام طويلة.. وهذا لا يأتي بجديد خاصة أن العمل ضم باقة من رواد الفن العربي ونخبة من ألمع النجوم، نقولا دانيال، محمد عقيل "الشايب"، وناظم عيسى "أبو علي"، وبمشاركة النجمة زينة مكي. ويشارك في الفيلم نجوم أجانب، منهم التركي كنعان جوبان الذي تعرف عليه المشاهد العربي من خلال أدواره الشريرة كما في مسلسل "وادي الذئاب"، وملكة جمال أذربيجان لـ2015 نتالي سوكوليفسكايا.
التصوير والمؤثرات الصوتية
لن يرى المشاهد الذي دخل قاعة السينما لحضور فيلم "الهيبة"، ضيعة الهيبة بتفاصيلها المعتادة، القهوة والعين والحدود، بل فضل المخرج سامر البرقاوي نقل شخصيات العمل إلى فضاء جديد لكي يغني العمل ويمنحه نكهة خاصة مختلفة عما اعتاد عليه المشاهد في المسلسل، واختار إسطنبول وبلغاريا أماكن للتصوير، وترك للطبيعة الجبلية مهمة التأقلم مع شخصيات العمل والذوبان فيها، حتى يمنح المشاهد متعة ويعيده إلى أجواء الهيبة إنما بشكل مختلف يتناسب أكثر مع النمط السينمائي.
صورت معظم المشاهد في مناطق جبلية، خاصة لقطات الحروب والمطاردات بالأسلحة الرشاشة، أو بالسلاح الأبيض، بين "جبل" وجماعته والمافيا التي تطارده، ما منح الصورة السينمائية للعمل رونقا مختلفا، فلا شيء يضاهي روعة الطبيعة ويمنح المشاهد متعة بصرية يحتاج إليها في هذا النوع من الأفلام. وقد خدمت الموسيقى التصويرية التي تم تنسيقها مع المشاهد نمط العمل بصورة عامة، وقدمت وجبة فنية عالية الدسم، تشعر المشاهد بالشبع والاستمتاع، فجمال الطبيعة مع عظمة الأداء والشخصيات التي اعتاد على رؤيتها المشاهد، وتطعيم النص ببعض الحوارات الأجنبية لإضفاء المصداقية على العمل، كلها عناصر تمنح الفيلم إضافة قد تعوض النقص الذي تحدثت عنه بعض الأقلام لجهة ضعف القصة وسقوطها في فخ الملل في بعض المراحل.
الإيرادات
تمتد فترة عرض الفيلم 120 دقيقة، ومنذ نزوله صالات العرض السينمائية في مختلف دول العالم العربي وفي كندا وأستراليا، تهافت معجبو العمل التلفزيوني في أجزائه الخمسة إلى مشاهدة "جبل" بطلهم الذي لا يقهر، وقد واكب الحضور نجوم العمل في افتتاح الفيلم في مختلف الصالات العربية، في دبي وأبوظبي، والأردن وبيروت، والتقوا بنجومه، وتحدثوا إليهم، ولاقى الفيلم أصداء إيجابية لا تقل عن تلك التي حصدها المسلسل، حيث وصلت تقييمات الناس على "جوجل" إلى 96 في المائة إعجابا بالفيلم.