«تذكرة للجنة» .. الثمانينيات بإطار كوميدي عفوي وبسيط

«تذكرة للجنة» .. الثمانينيات بإطار كوميدي عفوي وبسيط
بوستر العمل.
«تذكرة للجنة» .. الثمانينيات بإطار كوميدي عفوي وبسيط
مشهد من العمل.

لا ينتهي الحب بالانفصال، حتى لو حدث الطلاق يبقى في بعض الأحيان ذلك الشعور الدفين صاحيا في داخلنا، لا يكشف عن وجهه إلا متى التقينا بمن كانوا رفقاء درب وشركاء زواج، وهذا الواقع جسده بقوة فيلم "تذكرة إلى الجنة Ticket To paradise"، الذي جمع للمرة الخامسة في تجربة كوميدية رومانسية الحائزين على جائزة الأوسكار، نجمي هوليوود جورج كلوني وجوليا روبرتس، أهم نجوم فترة التسعينيات وما حولها، فقدما فيلم من الزمن القديم لكن مع تغييرات تجعله متلائما مع المرحلة العمرية التي يمران بها.
ويصنف الفيلم على أنه كوميدي عائلي، ويعيدنا بالذاكرة إلى حقبة الثمانينيات، حيث تسود حالة من العفوية غير المبالغ فيها والبساطة القريبة من المشاهد، الذي يتوق بدوره إلى هذه النوعية من الأفلام، بعد أن استحوذت أفلام الأكشن والخيال العلمي والأبطال الخارقين على شباك التذاكر في الفترة الأخيرة.
عودة بعد انفصال
تبدأ الأحداث عندما يعود النجمان جورج كلوني وجوليا روبرتس في دور حبيبين سابقين وزوجين مطلقين يقرران عقد هدنة من نزاعاتهما المستمرة، من أجل إيقاف ابنتهما ليلي، تلعب دورها كايتلين ديفير، عن قرار الزواج من رجل تعرفت إليه حين قامت برحلة مع صديقتها إلى بالي بعد تخرجهما، وما إن علم والداها بالأمر حتى انطلقا بمهمة للم شملهما من جديد، بهدف إبطال الزواج المتسرع والمتهور الذي يقوم على فوضى واندفاع الشباب ورغبتهم في الزواج السريع دون التركيز على عواقب هذه الخطوة المصيرية.
يحمل العمل كثيرا من الرسائل الأسرية التي تركز على مفهوم الأسرة وأهمية الزواج من الشخص المناسب في الوقت المناسب، وكيف أن التسرع قد يؤدي إلى الطلاق، ولعل اختيار كلوني وروبرتس وما يحملانهما من حضور جماهيري لافت، محاولة ذكية في نشر الرسالة التي يحملها الفيلم إلى الجيل الجديد الذي تتحكم به السرعة في كل شيء، ولا سيما في قراراته.
التصوير والمكان
لم يأت اختيار اسم الفيلم "تذكرة إلى الجنة" من العدم، فاختيار أماكن التصوير واستخدام تقنيات طبيعية لا تدخلات بشرية في صنهعا، كان من أبرز العناصر التي شجعت على اعتماد هذه التسمية. يكفي اختيار بالي وجزر المالديف أماكن للتصوير حتى تحصل على المؤثرات البصرية من دون أي جهد وعناء، ومع اعتماد نمط الموسيقى الكلاسيكية إلى حد ما، خاصة مشهد الرقص على أنغام الأغاني التي أصبحت من عصر بائد في نظر الجيل الجديد، التي برزت فيها ملامح صراع الأجيال بين الزوجين المنفصلين والابنة وحبيبها. تشعر من خلال مشاهدتك الفيلم كأنك أمام استعراض جمالي طبيعي يكشف سحر وجمالية الجزيرة، أو أنك أمام إعلان سياحي، عن جزر المالديف وبالي والشواطىء البيضاء ونقاوة البحر، صورة لا تضاهيها جمالا أي صور في أي مكان على وجه الأرض.
بناء الشخصيات
قد يعد البعض أن فيلم "تذكرة إلى الجنة"، حدد جمهوره قبل أن يدخل شاشات العرض في مختلف أنحاء العالم، لأنه يطرح نوعية من الأفلام لم تعد تثير حشرية الجيل الجديد، الذي غلب على عالمه طابع التكنولوجيا والبطل الخارق والميتافيزيا، وأصبح خارج اللعبة التي اعتاد عليها جمهور الثمانينيات والتسعينيات، في الوقت الذي لمعت فيه نجومية كلوني وروبرتس ورسخت حضورهما، ولعل اختيار هذا العمل مع هذه الأسماء وفي هذا التوقيت، هو بمنزلة جائزة ترضية لجمهور ضاع في الوسط، لا ينتمي إلى فئة الشباب وأفلام الحركة والخيال، ولا إلى فئة العجائز والأفلام الكلاسيكية، جاء "تذكرة إلى الجنة"، ليعيد إليهم شيئا من الماضي بقالب عصري وحديث. ويتجسد هذا الأمر في كيفية بناء الشخصيات والحبكة والانتقال من مشهد إلى آخر، وكأن الفيلم يبني جذورا داخلية لهذه الشخصيات الأمر الذي لم نعتمده في الأفلام التي نتابعها أخيرا، ويكشف عن بعض المبررات التي توضح للمشاهد لماذا وصل الأبطال إلى هذه الحالة وكيف كانت حياتهم في الماضي. ومع وجود نكهة كوميدية غير مفتعلة من خلال الحوار بين الزوجين، قرب المسافة بين المشاهد والعمل، وهذه من العوامل التي نفتقدها في الأفلام الحديثة، تسمع جملا تشعر كأنك نطقت بها، ترى مواقف تشعر كأنك عشتها في السابق، وتتحسس المشكلات التي يمر بها الزوجان وعلاقتهما بابنتهما وخوفهما عليها وكأنها تتكلم عنك.
ويعود الفضل في الابتكار بالسيناريو إلى كاتبه باركر، الذي تعاون مع دانييل بيبسكي، فهو عاطفي أكثر بكثير من كونه فكاهيا. إنه ينطلق من خوف الآباء من أن أبناءهم هم نماذج طبق الأصل عنهم لدرجة أنهم يتجهون نحو تكرار الأخطاء نفسها. في مرحلة ما، يعترف ديفيد بشعوره بأنه في أضعف حالاته بينما تعيش ابنته أهم اللحظات في حياتها، قائلا، "هذا عندما تشعر بالخوف، لأنك لا تريد أن تتغير الأشياء".
تشابه بين فيلمين
لا بد من الإشارة إلى التشابه الذي تناقلته أقلام النقاد والصحافة عن فيلم "تذكرة إلى الجنة"، وأفلام "ماما ميا" للنجمة ميريل ستريب، ولا سيما أن مخرج العملين واحد هو أوليفر باركر، وكلا العملين تدور أحداثهما في جزيرة نائية، تتمتع بجمال طبيعي خلاب، وتسيطر عليها نغمات الهدوء والراحة يقصدها من يبحث عن السعادة، حتى إن أحداث العملين تدور حول فكرة متشابهة ألا وهي زواج ولقاء من بعد انفصال، لذلك قصة الفيلم لم تحمل أي ابتكار، سواء مقارنة بين أفلام ماما ميا، أو بأفلام الكوميديا الرومانسية المعتادة، لكن ذلك لم ينفر المشاهدين الذين يسعون في الأساس إلى استعادة ذكرياتهم القديمة بفيلم يشبه ما تربوا عليه خلال فترة المراهقة والشباب، فالجمهور المستهدف ليس الشباب الصغار والمراهقين، بل من تعدوا الـ30 من العمر، وهي شريحة كبيرة نسبيا وأصبحت محل اهتمام صناع الأفلام والاستوديوهات أخيرا، وكذلك لم يحسب هذا التشابه من نقاط الضعف للمخرج، وتقبل الجمهور هذا التكرار باهتمام وشعف كونه متعطشا إلى هذه النوعية من الأفلام.
تجدر الإشارة إلى أن إيرادات الفيلم وصلت إلى 15 مليونا و312 ألف دولار في دور العرض حول العالم منذ بدء عرضه في مختلف الدول من بداية أيلول (سبتمبر)، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الأرقام مع بداية عرضة في الصالات الأمريكية في 21 تشرين الأول (أكتوبر)، وقد حقق نسبة مشاهدة تفوق الـ70 في المائة على منصات العرض الإلكترونية، وحصل على تقييم 6.4 من موقع "آي أم دي بي" كفيلم رومانسي كوميدي.

الأكثر قراءة