FINANCIAL TIMES

الوحوش المالية .. بنوك الأصول الرديئة تعقد أزمة العقارات الصينية

الوحوش المالية .. بنوك الأصول الرديئة تعقد أزمة العقارات الصينية

أنشأت بكين مجموعة من بنوك الأصول الرديئة وحشدتها بأكثر ديون الدولة سمية، وذلك لاحتواء تداعيات الأزمة المالية الآسيوية قبل عقدين من الزمن. لكن مع تفاقم ضائقة قطاع العقارات في الصين التي تهدد بإثارة اضطرابات اقتصادية أوسع، أصبحت بنوك الأصول الرديئة تكافح الآن طلبا للمساعدة.
تكمن المشكلة في أن الميزانيات العمومية لشركات إدارة الأصول "الأربع الكبرى" في الصين – تشاينا سيندا آسيت مانجمنت، وتشاينا هوارونج آسيت مانجمنت، وتشاينا قريت وول آسيت مانجمت، وتشاينا أورينت آسيت مانجمنت - أصبحت متضخمة إلى درجة تحد من قدرتها.
تشين لونج، الشريك في شركة بلينوم الاستشارية ـ مقرها بكين ـ وصف المجموعات الأربع بأنها "وحوش مالية"، مضيفا: "لن أعتمد عليها للقيام بدور كبير في معالجة أزمة العقارات".
في حين أن شركة إيفرجراند للتطوير العقاري، الأكثر مديونية في العالم، سلطت الضوء على أزمة العقارات المتصاعدة في البلاد، فإن الضغط على بنوك الأصول الرديئة يكشف عن التحدي الذي تواجهه بكين في حشد خيارات الإنقاذ.
كما أنها تسلط الضوء على تأثير حملة تقليص المديونية التي أطلقها الرئيس شي جين بينج، التي زعزعت استقرار المطورين المثقلين بالديون، وتسلط الضوء أيضا على المخاطر التي تواجهها شركات إدارة الأصول من أزمة العقارات التي يفترض أن تساعد في تخفيفها.
تأسست بنوك الأصول الرديئة في التسعينيات، وتوسعت إلى ما هو أبعد من نطاق صلاحياتها، لتصبح تكتلات مالية تغذيها ديون المستثمرين في الداخل والخارج. تم إنقاذ "هوارونج"، أكبر مدير للديون المعدومة، في 2021 بعد تأخير الكشف عن خسارة حجمها 16 مليار دولار لأشهر.
من المتوقع الآن إعادة هيكلة ديون "جريت وول" بعد أن أرجأت الشركة إصدار تقريرها السنوي عن 2021 في يونيو، وهي إشارة أخرى للضعف في جميع أنحاء القطاع حتى مع زيادة أهمية خدماته لصحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
في أبريل 2021، أثارت مشكلات هوارونج مخاوف المستثمرين في سوق السندات الدولارية في الصين، ما أدى إلى خفض تصنيفات ائتمانية وتحذيرات من الوكالات العالمية.
على الرغم من تعافي التداول بعد إعلان خطة الإنقاذ، يشعر المستثمرون بحساسية بشأن صحة شركات إدارة الأصول الصينية. باعوا السندات مرة أخرى في يوليو بعد أن فوتت "جريت وول" الموعد النهائي لتقديم التقارير. انخفضت سندات "هوارونج" الدائمة البالغة 37 مليون دولار من 91 إلى 75 سنتا في الدولار في يوليو قبل أن تتعافى إلى نحو 79 سنتا في أغسطس.
تمتلك بنوك الأصول الرديئة مجتمعة نحو خمسة تريليونات رنمينبي "740 مليار دولار" من إجمالي الأصول وقد قامت بتسوية 400 مليار رنمينبي من الديون المعدومة في سوق العقارات في 2021، أي خمس الإجمالي، وفقا لتقدير بنك الصين الدولي.
في أحدث محاولة لبنك الشعب الصيني "البنك المركزي" لتهدئة السخط المتزايد بسبب الشقق غير المكتملة، يسعى موظفو البنك إلى تعبئة قروض مصرفية حكومية من مجموعة تمويل بقيمة 200 مليار رنمينبي، لاستكمال عمليات التطوير المتعثرة.
يتحدث المطورون المتعثرون مثل "سوناك تشاينا هولدينج" و"فنتازيا هولدينج" بنشاط أيضا إلى شركات إدارة الأصول حول خطط إنقاذ محتملة. كما تم إنشاء صناديق الإنقاذ على مستوى المدن بمساعدة من شركات إدارة الأصول.
قال ديفيد ين، نائب الرئيس وكبير مسؤولي الائتمان في "موديز إنفستر سيرفس"، من المتوقع أن يكون حجم الدعم التمويلي من شركات إدارة الأصول انتقائيا وحذرا، نظرا لأن لديها بالفعل تعرضا كبيرا لمطوري العقارات.
قالت شياو تشانج، محللة مالية صينية في "جافيكال دراجونوميكس"، وهي مجموعة بحثية مقرها بكين، إن المجموعات مرتبطة ارتباطا وثيقا بأزمة العقارات.
تعد شركات إدارة الأصول "دائنين أساسيين" للمطورين العقاريين، حيث يمثل القطاع بين 25 في المائة و42 في المائة من إجمالي أصول الديون.
قالت تشانج في تقرير حديث: "إن التخلف المستمر عن السداد من قبل المطورين يشير إلى أن آثار تراجع العقارات على المؤسسات المالية لا تزال تتزايد". أضافت: "لقد دفع المنظمون شركات إدارة الأصول لتقليل تعرضها للعقارات، لكنها تظل أكبر قطاع منفرد في محافظها الاستثمارية".
وفقا لـتشانج، تعد "هوارونج" و"جريت وول" هما الأكثر تعرضا لقطاع العقارات بسبب اعتمادهما الشديد على أصول الديون لتوليد الدخل، مقارنة بـ "سيندا" و"أورينت".
مع ذلك، حتى "سيندا" أصدرت تحذيرا بشأن الأرباح في 26 يوليو، مشيرة إلى أن أرباحها نصف السنوية ستنخفض 30 ـ 35 في المائة، لأن "أصولا مالية معينة تقاس بالتكلفة المستهلكة التي تحتفظ بها الشركة تتعرض لضغوط أكبر". في مايو، خفضت وكالة موديز تصنيف وحدة "سيندا" في هونج كونج، مشيرة إلى "المخاطر المتزايدة الناشئة عن التعرض العقاري الكبير من قبل الشركة".
يتوقع محللون أن تتحمل شركات إدارة الأصول الأصغر التي تعمل فقط داخل المقاطعات الصينية مزيدا من المسؤولية عن هذه الجولة من عمليات الإنقاذ في قطاع العقارات، نظرا لعلاقاتها الوثيقة مع الحكومات المحلية.
قال أحد مديري شركات إدارة الأصول الإقليمية الأصغر في جيانجشي، وهي مقاطعة في جنوب شرقي الصين، إن بعض مديري الأصول المحليين يمكن أن يساهموا في الانتعاش من خلال الاستثمار في السندات المرتبطة بمشاريع الإسكان غير المكتملة. وصف هذا بأنه نهج "الدخول والخروج السريع"، بهدف "تسليم المنازل في غضون ستة أشهر".
خيار ثان قيد الدراسة هو أن تشكل شركات إدارة الأصول اتحادات مع مطورين جدد أو مجموعات بناء تابعة لجهات خارجية لتولي المشاريع وإعادة هيكلتها، ما يؤدي في النهاية إلى إقصاء المطورين الحاليين، لكن مثل هذه الصفقات ستكون شائكة وقد تستغرق عامين إلى ثلاثة أعوام حتى تكتمل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES