FINANCIAL TIMES

مشاركة النساء في القوى العاملة تعزز النمو

مشاركة النساء في القوى العاملة تعزز النمو

في خطاب ألقته الشهر الماضي أعربت جانيت ييلين، وزيرة الخزانة الأمريكية عن أسفها لضياع إمكانات اقتصادية في جميع أنحاء العالم نتيجة انخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة. في الوقت نفسه، لفتت جينا ريموندو، وزيرة التجارة الانتباه إلى الحاجة الملحة إلى سياسات رعاية الأطفال لجذب النساء مرة أخرى إلى القوى العاملة في أعقاب الجائحة. في غضون ذلك كشفت أبحاث حديثة عن تقديرات لافتة للنظر تتعلق بمكاسب النمو الاقتصادي الناتجة عن زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة.
هذه التقديرات، رغم أنها مثيرة للإعجاب، إلا أنها تقلل إلى حد كبير من المكاسب الاقتصادية الناجمة عن زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة. يتعامل الاقتصاديون مع مسألة كيفية تأثير شمول الجنسين في الرفاهية الاقتصادية عبر ما يسمى تمرين عدد الموظفين: ينتج عن إضافة امرأة إلى القوى العاملة الفوائد نفسها التي تنتج عن إضافة رجل. الموظف موظف، وجنس الموظف غير مهم. المهم بالنسبة للنمو الاقتصادي هو إجمالي عدد الموظفين.
مع ذلك، هناك مجموعة من الأدلة الاقتصادية الجزئية التي تشير إلى أن الموظفين من الإناث والذكور ليسوا بدائل مثالية في عملية الإنتاج. مثلا، تبين أن الأداء المالي (الأرباح، وتقييمات سوق الأسهم) للشركات والبنوك الكبرى يتحسن عند جلب النساء إلى فرق الإدارة ومجالس الرقابة التي كان يهيمن عليها الرجال في السابق.
يعزو بعض الدراسات هذا التأثير في الأداء إلى المواقف المختلفة تجاه المخاطرة والتعاون، باعتبارهما سببين محتملين. وكما أشار مسؤول كبير سابق في الاحتياطي الفيدرالي، إلى أن النماذج التي يستخدمها الباحثون لفهم الاقتصاد الكلي لا تراعي نوع الجنس، كما لو أن سياسات الاقتصاد الكلي تؤثر في النساء مثل الرجال. ويبدو ذلك بعيدا عن الواقع على نحو متزايد.
دراسة حديثة، قدتها بنفسي، تدعم نهجا جديدا يتعلق بهذه المسألة، عبر الطلب من البيانات أن تخبرنا ما إذا كانت المكاسب الاقتصادية من زيادة مشاركة القوى العاملة تعتمد على التركيبة الجنسانية للموظفين الإضافيين. ترفض بيانات الاقتصاد الكلي بشدة الفكرة المتضمنة في معظم النماذج بأن النساء والرجال يمكن أن يحل أحدهما محل الآخر تماما في عملية الإنتاج، وتشير إلى المكاسب الاقتصادية من زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، التي يمكن أن تصل إلى زيادة تعادل خمس التقديرات الخاصة بتمارين عدد الموظفين التي تتجاهل التكوين الجنساني لتركيبة الموظفين.
النساء يكملن الرجال في عملية الإنتاج، وبالتالي هناك قيمة في التنوع الجنساني (مثلما هو الحال في التنوع عموما في فرق الموظفين). يمكن أن يؤدي توظيف النساء إلى زيادة إنتاجية النساء الموجودات في الشركة بالفعل، عن طريق الحد من التمييز داخل الشركة. كما يبدو أن لشمول الجنسين تأثيرات إيجابية في قيمة الشركات التي تعتمد استراتيجياتها على الابتكار، بما في ذلك التصنيع عالي التكنولوجيا والخدمات التي تعتمد على المعرفة بشكل مكثف.
تفسيرنا لبيانات النمو الاقتصادي يتأثر أيضا بالتكامل بين النساء والرجال في عملية الإنتاج: في الواقع، جزء من المكاسب التي تم قياسها في الرفاهية الاقتصادية على مدى نصف القرن الماضي يعود على الأرجح إلى تضييق فجوات المشاركة بين الجنسين، الذي لم يتم أخذه في الحسبان بشكل صحيح في نماذجنا الاقتصادية.
في عالم تكون فيه النساء غير ممثلات بالقدر الكافي في القوى العاملة، ويعد الرجال والنساء بدائل غير متكاملة في عملية الإنتاج، من المرجح أن تكون المكاسب من شمول الجنسين أكبر بكثير مما تقدره نماذجنا القياسية. فقد وجد بحثي أيضا أنه نظرا للتكامل في الإنتاج بين النساء والرجال، من المرجح أن يؤدي تعزيز مشاركة النساء في القوى العاملة إلى زيادة الدخل الحقيقي للرجال. بالتالي، شمول الجنسين في القوى العاملة يعد عملية إيجابية: ينبغي أن يرى كل من النساء والرجال زيادة في رفاهيتهم الاقتصادية نتيجة لذلك.
تعد ساحة اللعب غير المستوية في مكان العمل أكثر تكلفة مما تسمح به النماذج القياسية، لذلك الحاجة الملحة إلى عملية التسوية تكون أكبر. عدم مراعاة نوع الجنس في الاقتصاد الكلي يعد افتراضا تشغيليا ضعيفا يقود الاقتصاديين وواضعي السياسات إلى التقليل من المكاسب الناجمة عن شمول الجنسين في العملية الإنتاجية.

* أستاذ الممارسة في جامعة جورجتاون ونائب مدير الأبحاث الأسبق في صندوق النقد الدولي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES