FINANCIAL TIMES

الحرارة آخذة في الارتفاع .. أصحاب العمل بحاجة إلى التكيف

الحرارة آخذة في الارتفاع .. أصحاب العمل بحاجة إلى التكيف

مع ارتفاع درجات الحرارة في بريطانيا خلال أكثر الأيام حرارة على الإطلاق في البلاد الشهر الماضي، تجولت شاحنات توصيل السوبر ماركت في الشوارع كالمعتاد لتوصيل المشتريات إلى المنازل. لكن في حين أن الشاحنات لديها تكنولوجيا للحفاظ على الطعام والشراب باردا في الخلف، إلا أن عددا منها لا يقدم الخدمة نفسها للأشخاص الموجودين في مقدمة الشاحنة.
مثلا، أكدت لي شركة سينزبيري أن شاحناتها لا تحتوي على تكييف في مقصورة القيادة. قالت سلسلة متاجر السوبر ماركت: إنها تمنح السائقين فترات راحة أكثر، وأيضا المشروبات الباردة، وقواعد لباس غير رسمي أثناء موجة الحر.
لا تحتوي شاحنات تيسكو القديمة أيضا على تكييف، على الرغم من توفره في المركبات الكهربائية الجديدة. قالت الشركة: إن السائقين الذين ليس لديهم مكيفات "قادرون على البقاء في أمان وراحة من خلال التهوية والاستراحات المنتظمة وكثير من الماء". أخبرتني شركة أوكادو أن ثلاثة أرباع أسطولها مزود بمكيفات هواء، وسترتفع هذه النسبة قريبا إلى 90 في المائة. في الوقت نفسه، تحتوي شاحنات ويتروز على تكييف في جميع شاحناتها.
لا يتم تركيب تكييف الهواء في العادة بشكل موحد ويكلف نحو ألف جنيه استرليني إضافي لكل شاحنة، وفقا لجوستين لاني، مدير أسطول ويتروز. قال عن عمله: "إنه صعب للغاية ويدوي تماما، وفي بعض الأحيان يطلب منك رفع أحمال ثقيلة فوق السلالم، ومن المعقول تماما أن تمنح الشخص أفضل راحة ممكنة عندما يكون في الشاحنة".
لطالما كانت درجات الحرارة المرتفعة تشكل خطرا على العاملين في الهواء الطلق مثل عمال البناء في المناطق الحارة كالشرق الأوسط. لكن مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وزيادة تواتر موجات الحر، من المنتظر أن يتسع نطاق البلدان والعمال وأصحاب العمل المتضررين. فرصة تجاوز الحد الأقصى لدرجة الحرارة اليومية عن 35 درجة مئوية في مكان ما في المملكة المتحدة زادت من مرة واحدة كل 15 عاما في منتصف القرن الـ20 إلى مرة واحدة كل خمسة أعوام حاليا، وفقا لدراسة من ميت أوفيس.
نتيجة لذلك، يتعين على مزيد من أصحاب العمل أن يأخذوا في الحسبان العواقب - سواء بالنسبة للصحة أو السلامة أو الإنتاجية. سلسلة متاجر السوبر ماركت الهولندية، ألبرت هين، علقت عمليات التوصيل للمنازل في هولندا تماما في ذروة موجة الحر في أوروبا، قائلة: "إنه عمل غير مسؤول السماح لعمال التوصيل لدينا بالعمل في ظل هذه الظروف الجوية".
الخطر المهني الأكثر وضوحا هو ارتفاع درجة الحرارة. يمكن أن يسبب الإجهاد الحراري تقلص العضلات، والإغماء، والإرهاق.
ضربة الشمس يمكن أن تقتل أيضا. كبار السن أقل قدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة - وهذا مصدر قلق بشكل خاص، لأن السكان العاملون يتقدمون في السن، كما هو الحال في أوروبا. في الشهر الماضي، توفي عامل تنظيف شوارع في مدريد، يبلغ من العمر 60 عاما، إثر إصابته بضربة شمس بعد انهياره أثناء العمل.
في الطقس الحار تقع الحوادث بشكل متكرر في مكان العمل، ربما بسبب تعرق اليدين أو انخفاض مستويات التركيز. دراسة نشرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس العام الماضي، قارنت سجلات تضمنت أكثر من 11 مليون مطالبة تعويض عمال في كاليفورنيا ببيانات الطقس المحلية. في الأيام التي تزيد فيها درجات الحرارة عن 90 درجة فهرنهايت (نحو 32 درجة مئوية)، كان العمال معرضين لخطر الإصابة 6 إلى 9 في المائة. وعندما تجاوزت درجة الحرارة 100 فهرنهايت، كان الخطر أعلى بنسبة 10 إلى 15 في المائة.
بعض المخاطر الصحية طويلة الأمد. في أمريكا الوسطى ومناطق أخرى، يموت عدد كبير بشكل غير طبيعي من العمال الشباب في ظروف حارة في مزارع قصب السكر بسبب أمراض الكلى المزمنة. لا يعرف الباحثون سبب ذلك على وجه اليقين، لكن يعتقد كثيرون أن التعرض للحرارة والجفاف من العوامل المهمة، وربما الكيماويات الزراعية لها تأثير كذلك.
ثم هناك الإنتاجية. بحسب منظمة العمل الدولية، في درجة حرارة بين 33 و34 درجة مئوية، يفقد العامل الذي يعمل بكثافة معتدلة 50 في المائة من قدرته على العمل.
بحلول 2030، تتوقع المنظمة أن يتم فقدان ما يعادل أكثر من 2 في المائة من إجمالي ساعات العمل في جميع أنحاء العالم كل عام نتيجة لحرارة الجو، أو لأن الناس يعملون بشكل أبطأ. قد تصل النسبة في جنوب آسيا وغرب إفريقيا إلى 5 في المائة.
كيف سيتكيف أصحاب العمل؟ بعض الإجراءات واضحة ومباشرة. يمكن لسلاسل السوبر ماركت في المملكة المتحدة تزويد شاحنات جديدة بخاصية التكييف، مثلا.
المشكلات الأخرى أصعب. وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على عمال المزارع الأمريكيين أن زيادة وقت الراحة وتوفير أماكن مكيفة للراحة ستكون فعالة، لكنها قد تؤثر أيضا في إنتاجية المزرعة، أو أرباح عمال المزارع، أو تكاليف العمالة، أو جميعها في آن معا.
تنتشر العمالة غير الرسمية وضعف شبكات الأمان في المناطق الأكثر تعرضا لارتفاع درجات الحرارة. حتى في البلدان الغنية تشير الدراسات إلى أن العمال الزراعيين الذين يتقاضون الأجر بالقطعة (إنتاج القطعة) هم أكثر عرضة للمعاناة من الإجهاد الحراري مقارنة بأولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالساعة، لأن دخلهم يعتمد على مدى سرعة عملهم. العمل الذي يتقاضى فيه العامل الأجر بالقطعة شائع أيضا في اقتصاد الوظائف المؤقتة.
غالبا ما يقال إن الوباء قسم عالم العمل إلى أولئك الذين يمكنهم العمل من المنزل وأولئك الذين لا يستطيعون، لكن في الحقيقة فيروس كورونا كشف في الغالب عن شقوق عدم المساواة التي كانت موجودة بالفعل. من المرجح أن يفعل كوكبنا الذي يشتد سخونة الشيء نفسه.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES